وضعت وزارة لتربية الوطنية مخططا استعجاليا لتسريع تطبيق إصلاح التربية والتكوين سيمتد من 2009 إلى 2011، ورصدت له إمكانيات مالية مهمة. ويستهدف المخطط النهوض بالتعليم في مختلف أسلاك التعليم، ورصدت الوزارة مبلغ 8 ملايين درهم من أجل السنة الدراسية 2009 لكي تصل ميزانية قطاع التعليم إلى 93 مليون درهم مقابل 31 مليون درهم في السنة الحالية. وسيستهدف هذا المخطط الاهتمام بالبنية التحتية للمدارس وبالموارد البشرية، ويتعلق الأمر بإنجاز حوالي 8.012 وحدة دراسية جديدة و486 داخلية، إضافة إلى توظيف حوالي 41.449 أستاذا جديدا، وسيتم ذلك خلال الثلاث سنوات المقبلة. وفي مجال التعليم الابتدائي، يستهدف المخطط إنجاز 292 مدرسة في الوسط الحضري و495 في الوسط القروي، وسيكلف هذا المشروع 3.5 ملايين درهم، وذلك بهدف تقليص نسبة الهدر المدرسي من 5.7 في المائة إلى 2.5 في المائة، إضافة إلى حصر نسبة الاكتظاظ في الأقسام في حدود 30 تلميذا فقط. أما في التعليم الإعدادي والثانوي، فستعمل الوزارة في هذه الفترة على إنجاز 671 إعدادية جديدة ثلثاها في العالم القروي، و425 داخلية، إضافة إلى عدد من الإجراءات الأخرى. وكان الملك محمد السادس قد استقبل أول أمس، مزيان بلفقيه الرئيس المنتدب بالمجلس الأعلى للتعليم، رفقة أعضاء اللجنة التي أشرفت على إعداد تقرير حول وضعية التعليم في المغرب. وقال بلفقيه، في كلمة أثناء تقديم تقريره إلى الملك، إنه «تم تحقيق تعميم التعليم بنسبة بلغت 94 في المائة في الابتدائي مع تقلص فوارق التمدرس بين الوسطين القروي والحضري وبين الإناث والذكور، مشيرا إلى أن أزيد من ستة ملايين ونصف من المتعلمين يوجدون اليوم في المنظومة التربوية، وذلك بزيادة مليون طفل مقارنة بسنة 2000. إلا أنه رغم هذه الصورة الإيجابية، يبقى واقع التعليم يحمل صورة سوداء في ما يتعلق بالجودة والارتباط بسوق العمل. وقال عبد الحميد عقار، رئيس اتحاد كتاب المغرب وعضو اللجنة التي أشرفت على التقرير، إن التقرير الذي قدم للملك «رصد كثيرا من مناحي العجز والتعثر في المنظومة التعليمية»، ومن ذلك معضلة غياب مردودية ملموسة لكل المكتسبات التي تم تحقيقها في مجال التعليم، وما يترجم ذلك، يقول عقار ل«المساء»، هو الشعور العام لدى المتعلمين والفاعلين في القطاع بنوع من «فقدان الثقة بخصوص تأمين مستقبل المتعلمين»، ويتضح ذلك من خلال مقارنة المتعلمين المغاربة مع نظرائهم في نفس المستوى في دول أخرى، إضافة إلى مشكل الهدر المدرسي وصعوبة إدماج خريجي الجامعات في سوق الشغل. وقال عقار إن التقرير يقترح إعادة النظر في مهنة التدريس من خلال «جعل المدرس أكثر فعالية لأنه أساس الإصلاح». وكان بلفقيه، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للتعليم، أكد أنه لتدارك التعثرات الحالية للمنظومة التربوية وتحقيق تجديدها العميق، تم وضع المخطط الاستعجالي الذي يضع «ثلاثة أوراش نوعية». الورش الأول يتمثل «في التفعيل الحقيقي للتعليم الإلزامي، باعتبار المدرسة المكان الطبيعي والضروري لجميع الأطفال المغاربة البالغين سن التمدرس إلى غاية استيفائهم الخامسة عشرة من العمر». أما الورش الثاني، فيهم التعليم ما بعد الإلزامي، ويهدف إلى «إعطاء فرص متساوية لكل الشباب المغاربة من أجل تحقيق ذاتهم والتعبير عن قدراتهم وإمكاناتهم وإظهار نبوغهم، سواء في الثانوي التأهيلي والتكوين المهني أو في الجامعة». والورش الثالث يهم القضايا الملحة للمنظومة التي تستدعي الجرأة والحسم في إيجاد الحلول العاجلة والملائمة لها، ويتعلق الأمر أساسا ب«رد الاعتبار اللازم لمهنة التدريس»، وتجديدها والرفع من كفايات التحكم اللغوي و«ترسيخ الحكامة الناجعة والمسؤولة وتأهيل نظام التوجيه وملاءمته مع المتطلبات التنموية للبلاد».