ألقت الحكومة بمقترحاتها المتعلقة بمطالب المركزيات النقابية بين يدي هذه الأخيرة قصد التشاور بشأنها مجددا. ففي ما يخص المقترحات غير المادية، تم الاتفاق على تشكيل لجان مشتركة بين الحكومة وهذه المركزيات على أمل الحسم فيها وفق مبدأ التوافق. وفي ما يتعلق بالمقترحات المادية، حملت أجوبة الحكومة، التي تقدم بها كل من وزير تحديث القطاعات العامة ووزير التشغيل والتكوين المهني، تقليص الضريبة على الدخل من 42 % المطبقة حاليا إلى 40 % بداية من 2009، وتقليصها مرة أخرى من 40 إلى 38 % سنة 2010، مع رفع السقف المطبق على هذه الضريبة من 24 ألف درهم إلى 27 ألف درهم ابتداء من 2009، ورفع الحد الأدنى للمعاش من 500 درهم إلى 600 درهم، والاستمرار في زيادة 100 درهم كل سنة إلى أن يصل إلى 1000 درهم في أفق سنة 2013. واقترحت الحكومة أيضا، خلال مفاوضاتها مع الوفود النقابية التي التقتها بداية من الأسبوع الجاري كل مركزية على حدة، الزيادة في التعويضات العائلية التي يمنحها صندوق الضمان الاجتماعي عن الأطفال الثلاثة 30 درهما عن كل طفل، مع تعميم التعويضات على أطفال العمال الزراعيين. لكن في ما يخص الرفع من الحد الأدنى للأجر، فاكتفت الحكومة بمخاطبة محاوريها بأنها بصدد دراسة هذا الأمر، ولن تقدم أي مقترح إلا بعد أن تطلع على موقف ممثلي الباطرونا. وأمام شساعة الفرق بين ما جاءت به الحكومة من أجوبة عن مطالب سابقة تقدمت بها المركزيات النقابية، طلب الوزير الأول عباس الفاسي، الذي ترأس هذا الاجتماع الذي حضره عدد من القطاعات الحكومية ذات العلاقة بالحوار، من أعضاء الوفود النقابية التقدم بمقترحات جديدة قصد التوصل إلى صيغة متفق عليها. واقترحت معظم هذه النقابات سقف 3000 درهم كحد أدنى للأجر و30 % كزيادة عامة في الأجور، أخذا بعين الاعتبار ارتفاع معدل المعيشة بهذه النسبة. كما تم التشديد على إعفاء المتقاعدين من الضريبة على المعاشات التي يتقاضونها، باعتبار أنهم طيلة سنوات الخدمة كانت الحكومة تقتطع من رواتبهم. وعلق العربي الحبشي، عن الفدرالية الديمقراطية للشغل، على مقترحات الحكومة خلال هذه الجولة من المفاوضات، بكونها لم ترق إلى مستوى تطلعات الشغيلة المغربية، مشيرا، في تصريح ل«المساء»، إلى أن «الحوار الاجتماعي كان عبارة عن عناوين عامة استعرضتها الحكومة، وأنه من السابق لأوانه الحكم عل نتائجها مسبقا. وقد تقرر على ضوء ذلك عقد جولة أخرى من المفاوضات قصد تدارك نقط الخلاف». وأوضح الحبشي أن وفد نقابته جدد مطالبته بضرورة إحداث زيادة عامة في الأجور، كما أكد على ضرورة حذف السلالم الدنيا باعتبار أن أصحابها يتقاضون أقل من الحد الأدنى للأجر، مبرزا، في السياق ذاته، أن عروض الحكومة في ما يتعلق بقطاع الوظيفة العمومية لم يأت بجديد باستثناء الزيادة التي يستفيد منها الأعوان العموميون، عن طريق إجراء ترقية استثنائية لصالحهم لكن دون إعطاء أي رقم. إلى ذلك، أكد الميلودي مخاريق، عضو الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل، أن قيمة الحوار تتجلى في قيمة نتائجه، مشيرا، في تصريح مماثل ل«المساء»، إلى أن الحكومة لم تقدم أي رقم في ما يخص مطلب الزيادة العامة في الأجور، وطلبت مهلة للتشاور مع ممثلي القطاع الخاص بشأن مطلب الزيادة في «السميك». ووفقا للمقترحات الأولية التي تقدمت بها الحكومة، فإنه لن تقع أية زيادة عامة في الأجور، بل ستكتفي بوضع تصور لمنظومة الأجور تقول إنها حديثة ومتناسقة، وموجهة بإطار مرجعي معد سلفا، يراعي «متطلبات الإنصاف والشفافية والتحكم في كتلة الأجور، ويرتكز على مكافأة المجهود المبذول فعليا وعلى درجة تعقد التوظيف». وقد أسندت الحكومة هذه المهمة إلى مكتب دراسات دولية فرنسي-إنجليزي تجاوز رصيد الصفقة الذي رست عليه ملايين الدراهم.