يتحدث جمال الشاهدي، مدير مركز حقوق الناس، عن أوضاع العمال والعاملات في الضيعات الفلاحية والمعامل، قائلا إنه لا وجود لضيعة فلاحية تحترم حقوقهم، فيما 5 في المائة فقط من المعامل هي التي تشتغل في إطار القانون. الشاهدي يتهم أغلب الشركات متعددة الجنسية بجهة فاس بولمان بالتحايل على القانون، ويشير إلى أن بعض المعامل المتخصصة في إنتاج الزرابي تعمل في السرية، ويذهب إلى أن ظاهرتي التحرش الجنسي وتشغيل الأطفال تفشيتا، بالرغم من المجهودات المبذولة. - أنتم في مركز حقوق الناس كيف تنظرون إلى الوضع الحقوقي بجهة فاس؟ < يمكن أن نقول بشكل عام إن أوضاع حقوق الإنسان في جهة فاس بولمان تتطور على اعتبار أن المغرب ككل يعرف تطورا على مستوى القوانين وغيرها من إجراءات حماية حقوق الإنسان. ونسجل أن جهة فاس بولمان هي أول جهة أسست لجنة لمناهضة العنف ضد النساء وتضم جميع الفاعلين سواء على مستوى المحكمة أو الأمن أو الدرك أو المجتمع المدني أو وزارة الشباب والرياضة. وهذه اللجنة بدأت تشتغل مع النساء المعنفات، وكذلك هناك عمل حقيقي مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين. ونحن الآن نشتغل بلجنة مشتركة مع الأكاديمية وهذه اللجنة تقف على الانتهاكات كما تشتغل على التربية على حقوق الإنسان. ولكن هناك قضايا لا تزال مطروحة وترتبط بالفقر الذي يسجل في مناطق نائية مثل بولمان ومزار كندر وكيكو وسكورة وجهة ميسمور وأوطاط الحاج، وغيرها من المناطق النائية. وهذه المناطق تحتاج إلى عناية أكبر لأن فيها فقرا مدقعا، وهذا الفقر خطير إذ يؤدي إلى عدم الاستقرار في هذه المناطق، أي إلى الهجرة، والهجرة بدورها تترتب عنها ظواهر خطيرة. وهنا يمكن أن نتحدث عن تردي الأوضاع الأمنية بجهة فاس بولمان. وهذه الأوضاع تتجلى في الاعتداءات التي يتعرض لها المواطنون في واضحة النهار وفي الأماكن العمومية. كما تتجلى في أحياء الصفيح مثل صهب الورد وبنسودة وباب السيتر وظهر الخميس، وفيها جميع المظاهر الخطيرة بما فيها الإرهاب. إذن فهي خزان لأناس متطرفين على جميع المستويات، والفقر يزيد من تنمية هذه الظواهر. ونحن لا نحتاج فقط إلى بيئة جميلة ولكن يجب أن تعطى الأولوية للجانب الاجتماعي. - أنتم تركزون على ما هو اجتماعي في عملكم. لكن البعض يتحدث عن خطورة الوضع في الجانب السياسي ويتحدث عن استمرار الاختطاف والتعذيب؟ < نحن نواكب كل القضايا ذات الارتباط بحقوق الإنسان، وخصوصا المتعلقة بالاعتقال أو الاختطاف إذا كان هناك اختطاف، لأنه يمكن أن نسميه بالاعتقال خارج القانون أو الاعتقال خارج المدة الزمنية أو عدم التصريح بالاعتقال في الوقت القانوني. أما أن نتحدث عن الاختطاف وكأن الأمر يتعلق بسنوات الرصاص، فذلك لم يعد موجودا. - الناس يتحدثون عن وجود اختطافات مثلا في ما يتعلق بملف ما يعرف بالسلفية الجهادية؟ < هذه القضية هي التي أفسرها بالاعتقالات غير القانونية. يجب أن يتم احترام المدة القانونية في الاعتقال الاحتياطي. ونحن نواكب هذه القضايا على اعتبار أن حقوق الإنسان كل لا يتجزأ. ونحن مع ذلك نعطي الأولوية للجوانب الاقتصادية والاجتماعية لأنها جوانب لا تشتغل عليها الجمعيات الأخرى ونحن نتكامل. - على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، المعروف أن الجهة تحتضن معامل وضيعات فلاحية. ما قراءتكم للوضع الحقوقي بهذه المعامل والضيعات؟ < أولا الجهة عرفت مشاكل كبيرة على مستوى تفويت ضيعات صوديا للخواص وسجلنا عدم احترام المقاييس والمعايير التي تم الاتفاق عليها في دفتر التحملات في عدد من المناطق، وكما أن الناس الذين حصلوا على هذه الضيعات يعتبرون أنفسهم فوق القانون. فضيعة الشاوني مثلا في إيفران شردت العديد من العمال فقط لأنهم يؤسسون نقابات. وتم إطلاق الكلاب عليهم وقد رفع هؤلاء دعاوى لا زالت تروج في المحاكم. وبالنسبة إلى هذا الشخص، فهذا الأخير هو الذي حصل على ضيعة صوديا بإيفران، إلى جانب ضيعاته. إذن، في هذا الجانب هناك تقصير. أما على مستوى المعامل، فهناك معامل عدة أغلقت وعمالها لم يأخذوا أي تعويض. وأسوق لكم مثال معمل «أفيتيكس» الذي شرد 530 عاملا، ضمنهم 400 عاملة. ورغم أن المحكمة حكمت لصالح هؤلاء، فإننا لم نستطع أن ننفذ الأحكام على المشغل الألماني. هذه الأوضاع في المعامل والضيعات تشكل خطورة كبيرة والمعامل التي تم إغلاقها كثيرة، ولم يتم تعويض العمال. والشركات متعددة الجنسية غالبا ما تتحايل على القانون. - وعلى مستوى ظروف العمل في هذه المعامل والضيعات؟ < لا وجود للتصريح بالعمال والعاملات في الضمان الاجتماعي لأنه لا وجود لبطاقة الشغل ولا وجود للحد الأدنى للأجور وليس هناك تعويض عن الساعات الإضافية، ولا زلنا نسجل وجود حالات التحرش الجنسي. ونسجل الظروف غير الملائمة للشغل بسبب غياب ضمانات السلامة الصحية والعقلية للعمال والعاملات. هناك مثلا استعمال المواد الكيماوية بدون وسائل الوقاية. وفي الصناعة التقليدية يتم تشغيل الأطفال بالرغم من المجهودات المبذولة من قبل الولاية. ونسجل وجود معامل سرية للزرابي والتي لا تتوفر على شروط احترام حقوق العاملات وتشغل فيها الطفلات في ظروف قاسية. وهناك معامل رغم ذلك تحترم حقوق العمال والعاملات ولكنها قليلة جدا. - هل وقفتم على نسبة مائوية لهذه المعامل والضيعات التي تحترم حقوق الإنسان؟ < ليست هناك ضيعات تحترم حقوق العمال والعاملات. أما بالنسبة للمعامل فالنسبة التي تحترم المعايير لا تتجاوز 5 في المائة. ودور مندوبية الشغل مهم، ونسجل أنها تتعاطى بشكل إيجابي مع هذه القضية ولكن تعوزهم الإمكانيات. ومفتشو الشغل مناضلون في الجهة وعلى الدولة أن تشجعهم وأن توفر لهم الظروف لكي يشتغلوا. - البعض يتحدث عن وجود انفلات أمني بالجهة. أنتم في المركز، كيف تنظرون إلى الوضع الأمني بهذه الأخيرة؟ < نحن نسجل أن هناك مدا وجزرا في الجانب الأمني. ويمكن أن نقول إن الأسباب متعددة، وعلى رأسها اكتظاظ السجون وتخفيف الأحكام يؤثر على الوضع. وخروج السجناء يجعلهم يعودون إلى جرائمهم، وهناك أوضاع الهجرة التي تحدثنا عنها. إضافة إلى الظروف التي يعيشها رجال الأمن، فعددهم قليل وإمكانياتهم ضعيف. لذلك يجب أن نطور مقاربة الإدارة العامة للأمن والتي هي مقاربة حقوقية. ولا يمكن أن ننكر أن الجهود التي تبذل كبيرة وكبيرة جدا. وهناك مسألة التربية بالنسبة للموطن. ونحن في المغرب لم نصل بعد إلى المستوى الذي يتعاون فيه المواطن مع رجال الأمن لمكافحة الجرائم. وكل واحد في المغرب لا يزال يقول «نفسي نفسي». - هناك جانب يتعلق بالأوضاع داخل السجون في الجهة. البعض يصفها بالكارثية؟ < نحن نحتاج إلى مراكز جديدة لحماية الطفولة ومراكز جديدة للإصلاح والتهذيب. ونحتاج إلى إعادة هيكلة سجن عين قادوس أو إلغائه بشكل نهائي. لأنه بدأ يتقادم ووضعيته الحالية لا تؤهله لكي يكون سجنا. أما سجن بوركايز فهو جديد، ولكن نحتاج إلى سجن آخر مثله. أما السجون المحلية في كل من صفرو وبولمان والحاجب فهي سجون غير صالحة وتحتاج إلى إصلاح ونحن نحتاج إلى عقوبات بديلة بالنسبة إلى العقوبات التي يمكن أن تصحح. ونسجل على العموم أن السجن يتطور ونحن في تقدم مستمر. - الملاحظ أنكم تعدون تقارير حول حقوق الإنسان على الصعيد الوطني، في حين أن مقركم المركزي يوجد في فاس؟ < لدينا مقر مركزي في فاس، ولدينا 78 فرعا على مستوى المغرب. وكذلك لدينا 16 مقرا خارج فاس. ونحن نشتغل بمديرية عمل ومراكز عبارة عن شبكات تشتغل على المستوى الوطني. ونحن نؤمن بلامركزية العمل الحقوقي والمغرب ليس هو الرباط والدار البيضاء، بل المغرب هو كل المناطق النائية أيضا.