حميد زيد هناك نصيحة يمكن تقديمها إلى كل المهووسين بتتبع المسلسلات المصرية والسورية على الفضائيات العربية، وإلى النساء اللواتي يقبعن في البيوت وهن يذرفن الدموع ويطلقن التنهدات والحسرات وهن يعشن مع نور الشريف عوالمه المليئة بالعواطف الجياشة والزيجات المتعددة، أن يغيروا اتجاه صحونهم اللاقطة ويتفرجوا على مسلسل طويل، اسمه «نيكولا وعارضتا الأزياء». في حلقة أمس من هذا المسلسل المشوق، فتحت طليقة ساركوزي النيران على رئيس الجمهورية الفرنسية ونعتته بأقدح النعوت، واصفة إياه بالرجل البخيل الذي لا يحب أحدا بمن فيهم أولاده، كما أنه لا يصلح لأن يكون رئيسا للجمهورية. كانت سيسيليا غاضبة وتريد أن تنتقم من زوجها، الذي تركها وذهب ليرتمي في أحضان عارضة أزياء أخرى أكثر شبابا، لذلك صرحت لإحدى الصحفيات الفرنسيات بهذه «الحقائق» عن شريك حياتها السابق، في كتاب سيصدر في الأيام القليلة المقبلة، إلا أنها تراجعت عن اعترافاتها، وقامت برفع دعوى ضد الصحفية ودار النشر التي أصدرت الكتاب، متهمة إياهما بنشر أسرار خاصة مسيئة إليها. كان مسلسل «ساركوزي وعارضتا الأزياء» سيبلغ ذروة التشويق لو تمت دبلجته إلى الدارجة المغربية، حينها كنا سنسمع سيسيليا تقول لساركوزي: «يالفاعل يالتارك ياعيفة الرجال يالسقرام»، وهي ترجمة حرفية مع قليل من التوابل، لجعل السيناريو يتلاءم مع الخصوصية المحلية. لقد رفضت المحكمة دفوعات محامي سيسيليا لمنع توزيع الكتاب مادامت هي من صرحت بهذه الأقوال عن زوجها، الذي وصفته أيضا بأنه يعاني من مشاكل حقيقية تتعلق بسلوكه، وأنه شخص عاجز عن الحب وعديم الكرامة. في هذه الحلقة الجديدة، نتمتع أيضا بسيسيليا المتقلبة والمرأة الثرية التي تعشق التبضع وإغاظة زوجها حين كان وزيرا للداخلية، فقد كانت تتسلى بقيادة سيارتها في الممر الخاص بالحافلات، لمجرد إثارة انتباه رجال الأمن الخاضعين لزوجها بارتكابها هذه المخالفة، قبل أن يكتشفوا فاغرين أفواههم وعاجزين عن التصرف أن الأمر يتعلق بزوجة الرجل الأول في جهازهم. وفي جانب آخر من القصة لا يقل تأثيرا وتحريكا للأحاسيس المرهفة، تتحدث بطلة هذا المسلسل عن ابنها ونفقته، وعن ساركوزي الذي ترك فلذة كبده بدون معيل يقيه غائلة الزمن، حيث رأت أنه وحتى في حالة ما إذا تمت إضافة ألف أو ألفي أورو، فإن هذا المبلغ لا يمكنها من العيش الكريم، وأن ساركوزي بهذا الإهمال سيترك ابنه عرضة للضياع. أما أصدقاء زوجها والمحيطون به فلم يسلموا بدورهم من هجوم سيسيليا، بعد أن فقدت كل أسلحتها، ووصفتهم بعصابة الأشرار وبشباب مغرورين بسلطتهم، يظنون أنفسهم أمراء باريس، في حين وصفت صديقاتها اللواتي تخلين عنها بنعوت مخجلة، واعتبرت الوزيرات اللاتي يمدح ساركوزي جمالهن بأنهن مجرد ديكور، مخاطبة زوجها السابق: «الآن وحين فقد السيدة الأولى، يجب عليه أن يخرج مع فتيات جميلات متأبطا أذرعهن وهن يرتدين ملابس من كريستيان ديور». ينافس هذا المسلسل كتاب آخر صدر في نفس الفترة عن زوجة ساركوزي السابقة يحمل عنوان «الوجه الخفي لسيسيليا»، متحدثا عن طفولتها حين مثلت وهي في الرابعة في فيلم لشابرول، وعن اهتمامها بالغيبيات والقوى الخفية متأثرة بكتاب بعنوان «قوة الإرادة» الذي يتضمن نظرية تدعي القدرة على التحكم في الروح والجسد. كما يتطرق الكتاب لتفاصيل غرامياتها الكثيرة بداية بعلاقتها بمحام عاشق لرياضة البولو، ثم ابن وزير ومصور فوتوغرافي مختص في الموضة المتعلقة بالأثرياء، وصولا إلى زواجها بالمذيع التلفزيوني جاك مارتان وانفصالها عنه بسبب خيانتها له مع عمدة إحدى المدن الفرنسية. إلا أن أغرب نقطة في هذا الكتاب هي الفصل الأخير المخصص لليبيا، الذي يتحدث عن العقيد معمر القدافي وقضية الممرضات البلغاريات اللواتي ساهمت سيسيليا في إطلاق سراحهن، ف«بين سيسيليا وقائد الثورة الليبية هناك تفاهم كبير، إذ عبر الكولونيل القدافي أثناء زيارته لفرنسا بين 5 و10 دجنبر 2007 عن رغبته في الالتقاء بها، إلا أن سيسيليا اعتذرت بمبرر عدم تواجدها في باريس في تلك اللحظة... فالقائد يحب سيسيليا كثيرا، ولقد ربطا علاقة ثقة بينهما». ويبدو أن حلقات هذا المسلسل ستزداد تشويقا، ويمكن أن تقدم منه أجزاء أخرى، للنجاح الكبير الذي حققه، حتى إنه أنسى الجميع أمور السياسة وشغلهم بمشاكل العشق ونزوات الزعماء.