تأمل نسبة كبيرة من فتيات وبعض نسوة مدينة تطوان في الحصول على قدر كبير من الجمال ولو اقتضى الأمر طرق أبواب عيادات التجميل في المغرب، لكنهن لا يدركن أن بعض الفتيات دخلن عيادات التجميل بقدر لا بأس منه من الجمال الطبيعي الرباني، ليخرجن منها بخفي حنين بعدما أدين ثمنا باهظا لتكلفة الجراحة «التجميلية». لقد تجاوزت بعض مراكز التجميل المغربية هدفها الرئيسي في كونها مراكز لعلاج التشوهات العضوية، ودخلت مرحلة خطيرة بعد أن تحولت إلى مراكز لبيع الوهم والنصب على الفتيات والنساء. ولم تتوقف هذه «المقاولات» التجميلية عند هذا الحد، بل دخلت مرحلة أكثر خطورة بالترويج لنظرية وهمية جديدة تحت يافطة أشكال الجمال، حيث يعرض المشرفون عليها قائمة لبعض الفنانات لاختيار نمط الرشاقة والجمال المثالي بالنسبة لهن. في تطوان يصعب على بعض الفتيات اللائي خضعن لعمليات تجميلية الكشف عما حدث لهن داخل بعض العيادات التجميلية، وإعلان خيبة أملهن بعد إجرائهن العملية التجميلية. فمدينة تطوان محافظة بطبعها وبالتالي يحاولن قدر الإمكان عدم الكشف عن أخطاء العمليات التجميلية التي مازلن يعانين منها. وحسب ما عاينته «المساء» فإن معظم من قررن إجراء عمليات تجميلية هن من نخبة نسوة مدينة تطوان، وفتيات يتمتعن بمستوى مادي مرتفع. وتقول «نزهة» (اسم مستعار) إنها في سنة 2007 قررت أن تفاجئ زوجها، الدكتور في القطاع الخاص بتطوان، مستغلة توجهه إلى الديار المقدسة لأداء مناسك العمرة، حيث قررت إجراء عمليتين، واحدة لشفط الدهون، وأخرى لتجميل وتكبير حجم ثديها» بعدما أصابه بعض الترهل» تقول أخت نزهة. ولأن نزهة تعاني من البدانة، قررت شفط الدهون من هذه المنطقة وحقن صدرها، لتبدو أكثر جمالا وتناسقا رغم أن سنها فاق ال 46 سنة. كان الأمر سهلا جدا بالنسبة لنزهة، «حددت الموعد مع الطبيب، حيث قالت لها المخاطبة في الطرف الآخر على الهاتف إنها «عملية بسيطة ولا تأخذ وقتا طويلا». لكن نزهة أوشكت حينها على الموت في العيادة الطبية نظرا للتخدير أثناء عملية شفط الدهون، نتيجة للخبرة الضعيفة للطبيب وخطئه في التخدير، استفاقت نزهة من غيبوبتها، وهي تحمد الله على عدم مغادرتها العيادة الطبية محمولة على النعش، لكنها تكتمت على الأمر بالنسبة لزوجها، خوفا من تأثير ذلك على علاقتهما الزوجية، وإن كانت لا تزال تتذكر ما حدث لها بخوف وندم لارتيادها عيادة للتجميل. عمليات بدون إخبار العائلة كثير من الفتيات يجرين جراحات التجميل دون علم أسرهن، ونفس الأمر بالنسبة للسيدات حيث ينتهزن فرصة سفر الأزواج، ويقمن بعملية شفط الدهون أو تكبير الثدي لأنهن يشعرن بأن أزواجهن ينظرون إلى الأخريات بسبب ما تبثه بعض وسائل الإعلام التي تحاول أن تثبت أن الجمال هو صدر وأرداف، ووجه وسيم، وأنف جميل، الأمر الذي، حسبهن، يزيد من نسبة الجمال لأن هؤلاء السيدات أصبن بهوس خصوصا بعد عاصفة النجمات السينمائيات حتى أن عمليات تكبير الثدي زادت جدا بعد تنامي ظاهرة التأثر بالفنانات. شابة أخرى في تطوان أقنعت نفسها بإمكانية حصولها على فرصة عمل كعارضة للأزياء بالمغرب، فالفتاة ذات القامة الطويلة فازت في صيف إحدى السنوات بلقب «ملكة جمال مركب سياحي مشهور» بعمالة المضيق الفنيدق. قررت الفتاة ذات ال 26 سنة إجراء عملية تجميل على شفتيها في مدينة الدارالبيضاء، وفق ما تحكيه للجريدة، لكونها كانت تريد الحصول على شفاه مشابهة لشفاه إحدى الفنانات، وعندما حاول الطبيب إقناعها بعدم إجراء العملية رفضت نصيحته مصرة على رغبتها، ثم توجهت نحو طبيب آخر، لكن النتيجة كانت سيئة للغاية، فقد أصبحت الفتاة بشفتين غير متساويتين وإن كانتا ممتلئتين. أصيبت الفتاة بعدها باكتئاب حاد لكونها لم ترض عن شكل شفتيها بعد إجراء العملية وانعزلت لمدة في البيت قبل أن تقرر مغادرة المدينة لفترة طويلة إلى مدينة فاس بسبب الإحباط الذي أصيبت به. في كثير من الأحيان تجري الفتيات عمليات تجميل بحقن الدهون في الشفتين والوجه والثدي لكن هناك أجزاء في جسم المرأة لا يمكن تعديلها وبالتالي تكون النتيجة سلبية للغاية وعكس المأمول منها. فنتائج العملية الجراحية التجميلية مرتبطة حتما بالتركيبة البيولوجية لجسم المريضة فتختلف النتيجة من سيدة لأخرى. للأسف فإن معظم النساء لا ينظرن إلى عملية التجميل على أنها عملية جراحية، ولكن الحقيقة المرة أن جراحات التجميل هي في حد ذاتها تقوم على إحداث جروح، وهذه الأخيرة يمكن أن تتلوث خاصة في ظل انتشار المراكز غير المعتمدة صحيا للتجميل والتي تسعى لمنافسة بعضها البعض على حساب الزبون لخفض الأسعار، فمثلا حقن الدهون يستمر سنة أو سنتين على الأكثر ثم بعد ذلك يختفي وبعد اختفائه يترك وراءه تجاعيد بشعة، كما هي حالة «سيدة أعمال» معروفة في مدينة تطوان، حقنت وجهها بالسيليكون في مدينة غرناطة الإسبانية حيث تعتبر الوجهة المفضلة لبعض نسوة تطوان. أصيبت السيدة فيما بعد بتقشر واسع للجلد الكيماوي، حيث ما زالت تعاني منه، وتعالج نفسها لحد الآن. «إن اختيار عيادات التجميل لإصلاح العطار لما أفسده الدهر، هو تهريج وتنويم مغناطيسى للعقول، وتأكيد كذلك على أن مبدأ الجنس هو الأساس وهذا أمر خاطئ، حيث يتوجب توعية الفتيات والنساء المتزوجات بأن الجمال نسبي يختلف من امرأة إلى أخرى فلا يمكن أن تكون الفتيات في قالب جسدي واحد، كما للرجل دور في ذلك لكونه يضغط على النساء خاصة الفتيات المقبلات على الزواج اللواتي أصبحن متشوقات لتقليد الفنانات ولو على حساب مالهن وصحتهن في المستقبل»، يقول أخصائي نفساني بمدينة تطوان. أخطاء لا تحصى لقد فتحت أخطاء وضحايا العمليات التجميلية مسلكا مباشرا نحو القبور وردهات المحاكم، بعدما سقط عدد منهن ضحية لكسب الجمال المنشود، ورغبتهن في التخلص من البدانة أو السمنة أو الحصول على الرشاقة. وكأي عمل جراحي فإن الأخطاء الطبية لعمليات التجميل لا تعد ولا تحصى نظرا للمخاطر التي لا تقف عند حدود التشوهات فقط نتيجة للإهمال والتقصير الطبي، الأمر الذي تؤكده الحالات الواردة على عيادات التجميل. أما إصلاح وتقويم الأنف فإن أغلب الحالات تعمد بعد خضوعهن لعملية جراحية تجميلية إلى تكرار العملية بهدف إصلاح الأنف نتيجة للتشوه، كحالة أحد المستخدمين بشركة أمانديس، اضطر لإعادة عملية تجميل أنفه ثلاث مرات متتالية، مما سبب له اكتئابا حادا نظرا للتشوه الذي انتهت إليه العمليات التجميلية والإصلاحية الثلاث كما أصبح يعاني من صعوبة في التنفس. هذا الشخص كان دائما يتوقع نتائج إيجابية في كل عملية تجميل لكنها للأسف انتهت باستيائه العارم من نتيجتها، محتجا على ذلك أمام القضاء بحجة التكاليف الباهظة التي دفعها للعيادات التجميلية. ويقول المتحدث إنه أدرك فيما بعد أنه كان على الأطباء الانتباه إلى أمر مهم قبل القيام بعمل جراحي تجميلي لأنفه وهي وظيفة الأنف (حرارة، رطوبة، غبار، وبرودة) حيث يجب الأخذ بعين الاعتبار وظيفة التنفس الطبيعي، بحيث لا تكون النتيجة الجمالية للأنف على حساب النتيجة الوظيفية، الأمر الذي حدث له فيما بعد. لقد أصبح «سوق الجراحة التجميلية» خاضعا للسماسرة كأي مهنة تجارية، فأصبحت الدعاية لطبيب تجميلي في العاصمة الرباط أو الدارالبيضاء تنطلق من صالونات الحلاقة النسائية أو من داخل بعض النوادي الرياضية النسوية بتطوان.