خطف «ديربي الشمال» بين فريقي اتحاد طنجة والمغرب التطواني الذي جري يوم السبت الماضي بمدينة طنجة الأضواء، وبعث بالكثير من الرسائل لمن يهمهم الأمر. لقد أوفى الديربي بوعوده، وتابعنا مباراة مثيرة من بدايتها إلى نهايتها، تقدم خلالها الفريق الطنجي بهدفين لصفر، قبل أن «ينتفض» التطوانيون في الجولة الثانية ويتمكنوا من إدراك التعادل. على مستوى الأداء كان الديربي في المستوى المنتظر، فقد كان التنافس كبيرا سواء بين اللاعبين أو بين المدربين الذين تباروا في ما بينهما. أما على مستوى الحضور الجماهيري، فإن ملعب طنجة الكبير كان مبهرا، لقد تابع المباراة أزيد من 40 ألف متفرج، ملؤوا جنبات الملعب، ولو لم تمنع السلطات الأمنية جمهور المغرب التطواني من الحضور، قبل أن ترخص لأعداد قليلة منهم بالدخول بعد انطلاقة المباراة، لكان الحضور الجماهيري أكبر، ولكانت الاحتفالية أروع.. لقد صنع الجمهور الذي تابع المباراة احتفالية كبيرة، وأكد للكثيرين أن صعود اتحاد طنجة للبطولة «الاحترافية» هو إضافة للمشهد الكروي، وأن ذلك سينعكس إيجابا على الدوري، خصوصا في ظل المتابعة الجماهيرية الجارفة التي تحظى بها مباريات الفريق. إلى وقت قريب كان «ديربي» الدارالبيضاء بين الوداد والرجاء بلا منافس، سواء على مستوى قيمة المباراة أو الحضور الجماهيري أو ما تحظى به المباراة من متابعة قياسية، لكن «ديربي الشمال» بين اتحاد طنجة والمغرب التطواني، كشف للكثيرين أن الكرة ليست في الدارالبيضاء فقط، وأن الديربيات لا تلعب في العاصمة الاقتصادية فقط، وأن «ديربي الشمال» الذي عاد بعد غياب قارب الثماني سنوات ستكون له مكانته البارزة. لقد منعت السلطات الأمنية جمهور المغرب التطواني من حضور المباراة، بسبب مخاوف أمنية، وهو القرار الذي لم يكن مفهوما، لأن مثل هذه القرارات إما أن تعمم على جميع الفرق، أو أنه لا داعي لتطبيقها على فرق واستثناء أخرى من ذلك، وكأننا نعيش في مغربين مختلفين. لكن الجمهور الطنجي والتطواني وجه رسائل جميلة، حينما اختار مناصرون لاتحاد طنجة والمغرب التطواني أن يتابعوا المباراة من الملعب جنبا إلى جنب وهم يحملون شعارات فرقهم. وإذا كانت كل هذه النقاط التي تحدثنا عنها إيجابية، إلا أن المباراة لم تخل من نقاط سلبية، ولعل أبرزها الاحتجاج غير المبرر لجمهور الفريق الطنجي على حكم المباراة بوشعيب لحرش ومحاولة الاعتداء عليه، بعد رشقه بالقنينات، وامتداد أعمال الشغب إلى محيط الملعب. إذا كان الفريق الطنجي فرط في نتيجة الفوز بعد أن كان متقدما بهدفين لصفر، فالحكم لحرش ليس مسؤولا عن ذلك، بل إن أداء الفريق في الجولة الثانية هو الذي قلب كل شيء، هذا مع العلم أنه حتى لو أخطأ الحكم في المباراة، فإن الأخطاء جزء من اللعبة، وهذا ما يجب أن يفهمه الجميع، ثم إن الاحتجاج على قرارات الحكام لا جدوى منها. أمس تم تسليط عقوبة ثقيلة على فريق اتحاد طنجة الذي سيجد نفسه يلعب بدون جمهور، هو الصاعد حديثا إلى القسم الأول، والذي يحتاج إلى دعم جمهوره، لذلك على هذا الجمهور الذي يصنع المتعة أن يدرك في الوقت نفسه أن عليه تقبل قرارات الحكام وأخطائهم، وأن يستمر في دعم فريقه بدل أن يجد اتحاد طنجة نفسه يلعب بدون جمهور. الكرة هي متعة قبل كل شيء، وليست مجرد فوز أو خسارة، فحافظوا رجاء على هذه المتعة، وحافظوا أيضا على ذاك الانطباع الجيد عن جمهور اتحاد طنجة..