كان لقاء للمكاشفة ذاك الذي جمع منتجين صينيين للشاي الأخضر و مستوردين مغاربة. المستوردون يتطلعون إلى جودة أكبر وسعر يحافظ على هوامش ربحهم و المنتجون الصينيون يعتبرون أن للجودة ثمن يجب أداؤه. الصينيون متمسكون بأول زبون لهم في العالم والمغاربة لا يرون بديلا لذلك المصدر. ذلك هو الانطباع الذي يخرج به من شهد اللقاء بين الطرفين أول أمس الأربعاء بالدار البيضاء. عاد المستوردون المغاربة في اللقاء الذي يجمعهم للمرة الثالثة في ظرف أربع سنوات بالمنتجين الصينيين، إلى إثارة مسألة جودة الشاي الصيني الأخضر، هم يعترفون أن بعض التحسن حصل في السنة الأخيرة، لكن يبقى غير كاف، فهذا المستورد المغربي يشير إلى أن الشحنة التي توصل بها في الشهرين الأخيرين لم تكن بالجودة المطلوبة، فهو يؤكد أنه توصل بشحنة متسخة، غير أن المنتجين الصينيين الذين حضروا مدعومين بممثلين عن جهاز مراقبة الجودة أكدوا أنه بعد كارثة الحليب التي أودت بحياة الكثيرين، وسن قانون يضع ضوابط صارمة للجودة يعاقب خارقها بشدة. وقد سبق للمغرب خلال العام 2004 أن عبر للجانب الصيني عن رغبته الالتزام بالمعايير الأوربية لجودة منتجات الشاي، وضرورة إجراء الاختبارات عند الاستيراد والتفاوض حول معايير الجودة الضرورية والأمور الإجرائية لإجراء الاختبارات.وتقول السلطات الصينية إنها تلتزم بشكل صارم بمعايير جودة المنتجات الزراعية، مذكرة بأنه في 31 دجنبر 2005 أصدرت «إدارة المعايير والاعتماد» وإدارة «التقييس» معايير جودة مضبوطة للمنتوجات الزراعية، بدأت في اعتمادها في 1 ماي 2006 لتعزيز المراقبة ولضمان سلامة المنتوجات الزراعية. موضوع الجودة يثار في أي لقاء بين الطرفين، لكن الجديد في اللقاء الأخير، تمثل في سعي المستوردين المغاربة إلى إقناع المنتجين الصينيين بالقيام بمبادرة تفضي إلى خفض الأسعار عند الاستيراد، فأحد المستوردين أشار إلى أن الأسعار عند الاستيراد ارتفعت بحوالي 15 في المائة في السنة الجارية، وهو الارتفاع الذي لا يمكن عكسه على المستهلك بالنظر إلى وجود منافسة شديدة بين المستوردين في السوق المغربي. مستورد آخر طلب من المنتجين الصينيين أخذ بعين الاعتبار مؤشر الجفاف الزاحف على المغرب، مما يؤثر على الطلب على الشاي من قبل المستهلك المحلي، ليقنعهم بالقيام بمجهود يقود إلى خفض الأسعار عند الاستيراد، غير أن مستوردا آخر، اعتبر أن الجفاف ينمي رقم مبيعات المستوردين على اعتبار أن بعض الأسر تقبل عليه بكثرة في ظل تضرر قدرتها الشرائية. ويبدو أن الصينيين مدركون أن المستوردين المغاربة لا مفر لهم من اللجوء إلى ذلك السوق الأسيوي من أجل التزود بالشاي، الذي يعتبر مادة أساسية في تغذية المغاربة، حيث دفعوا في ردهم على طلب المستوردين بخفض الأسعار، بارتفاع تكاليف الإنتاج و اليد العاملة، بل إن أحد المسؤولين الصينيين شدد على أن متوسط الأسعار لم يرتفع في الأشهر الأخيرة، غير أنه اعتبر أن الارتفاع في بعض الأحيان عائد إلى ارتفاع قيمة الدرهم في مقابل الدولار الذي هوت قيمته. ويبدو أن قائمة شكاوى المستوردين طويلة ولا تتوقف عند الجودة والأسعار، بل امتدت إلى التعبير عن التذمر من تقليد بعض الماركات المغربية في الصين وبجودة منخفضة وتوجيهها إلى السوق المغربي، بل إن من المستوردين من نبه إلى أن بعض الماركات المغربية يجري تقليدها في الصين و تصديرها إلى الجزائر لتهرب بعد ذلك إلى شرق المغرب، وهو ما يمثل في نظرهم سطوا على ماركات مغربية و منافسة غير مشروعة، ما دامت لا تؤدي في الجزائر سوى 10 في المائة كرسوم جمركية، بينما يؤدي المستوردون المغاربة 60.25 في المائة، بحيث تتضمن هذه النسبة الرسوم الجمركية والضريبة الداخلية للاستهلاك والضريبة على القيمة المضافة. المنتجون الصينيون نصحوا المستوردين المغاربة بتوفير ما يثبت تقليد الماركات المغربية والتوجه بها إلى مصلحة محاربة الغش في الصين كي تفتح تحقيقا في الموضوع. ويعتبر المغرب أول زبون للشاي الصيني الأخضر، بمجموع واردات بلغت خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري 38.5ألف طن، أو نحو 94.22 مليون دولار، بارتفاع نسبته 4.21 في المائة بالمقارنة مع الفترة المماثلة من العام الماضي.وحسب الاحصائيات ذاتها فإن المغرب يعتبر كذلك أول مستهلك في العالم (باستثناء الصين) للشاي الصيني الأخضر، فيما تعتبر أوزبكستان ثاني أكبر مستورد للشاي الصيني الأخضر متبوعة باليابان ثم روسيا والولايات المتحدة.واستورد المغرب خلال العام الماضي 96.1مليون دولار من الشاي الصيني الأخضر، وبلغت حصة الشاي من مجموع الواردات المغربية من الصين 16ر4 في المائة.