خسر عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، آخر أوراقه التفاوضية مع النقابات بشان المذكرات المطلبية المشتركة، وإصلاح صندوق التقاعد بعد أن خرج الاتحاد العام لشغالين بالمغرب ببلاغ تضمن اتهاما مباشرا للحكومة بتدشين حملة انتخابية سابقة لأوانها، من خلال ما وصف ب»العروض الانتقائية». وصدر هذا البلاغ كرد على نتائج اللقاء الذي جمع بنكيران بالكاتب العام للنقابة، وهو ما جعل هذه الأخيرة تنضم إلى كل من الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل في رفض ما جاءت به الحكومة، مع تحميلها المسؤولية عن «تدهور السلم الاجتماعي وزعزعة استقراره»، جراء «تعنتها وإصرارها على نهج أساليب المراوغة والتسويف وسعيها إلى إقبار التفاوض والحوار الاجتماعيين». وكشف البلاغ أن بنكيران عرض رفع التعويضات العائلية من 200 درهم إلى 300 درهم مع توسيع وعاء المستفيدين منها من 3 إلى 5 أطفال، ورفع الحد الأدنى للمعاش المحصل عليه من 1000 إلى 1500 درهم. وفيما يتعلق بالتعويض عن العمل في الأماكن النائية طالبت رئاسة الحكومة المركزيات بإعادة تفسير المقصود بمصطلح المناطق النائية، وأكدت على إصلاح صندوق التقاعد على وجه السرعة، وبالشروط والحيثيات التي جاءت بها، ممثلة في الإصلاحات المقياسية. وحسب البلاغ، فإن الاتحاد رد بأن إصلاح ملف التقاعد يجب أن يكون شموليا، وأن يبدأ بخلق قطبين متميزين: الأول للقطاع الخاص والثاني للقطاع العام، وبالتالي الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يأتي بالفرض والإكراه عوض أن يبقى الاختيار للمعنيين. وفيما يتعلق بدعم الأجور، قال يوسف علاكوش، عضو الكتابة الدائمة لاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إن ما قامت به الحكومة من رفع التعويضات هو إجراء لا يمس كل الشغالين والشغيلات، وأن على الحكومة أن تقدم على إصلاح ضريبي عادل، مشيرا إلى أن المناطق النائية سبق أن حددت بأنها كل منطقة ليست بها مؤسسة جامعية ومحكمة استئنافية. هذا الرفض ينضاف إلى ما عبرت عنه ثلاث مركزيات نقابية، ممثلة في الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل والفدرالية الديمقراطية للشغل، بعد لقاءين عقدا يومي الجمعة 17 والثلاثاء 21 يوليوز 2015. وأصدرت المركزيات الثلاث بلاغا مشتركا حذرت فيه من «السلوك اللامسؤول، الخطير والتراجعي للحكومة المغربية تجاه القضايا والمطالب العادلة والمشروعة للطبقة العاملة المغربية». ووصفت ما قدمته الحكومة بأنه عرض «هزيل ولا يستجيب حتى في حدوده الدنيا لمطالب الحركة النقابية الوطنية». وعبرت المركزيات الثلاث عن أسفها العميق من غياب الإرادة السياسية الحقيقية لدى الحكومة «لنزع فتيل التوتر وتجنيب البلاد أزمات اجتماعية ستكون لها لا محالة تداعيات اقتصادية واجتماعية تهدد السلم والاستقرار الاجتماعيين بكل المؤسسات والقطاعات والوحدات الإنتاجية وعموم الحياة اليومية للمواطن المغربي». كما أكدت رفضها القاطع للعرض الحكومي الهزيل الذي قدمه رئيس الحكومة للحركة النقابية خلال اللقاء الأخير، وقالت إنه يؤكد استمرار الحكومة في «تبني مقاربتها أحادية الجانب، وعزمها على المضي في اتخاذ المزيد من القرارات التراجعية الماسة بحقوق ومكتسبات الطبقة العاملة وعموم الأجراء». كما عبرت عن رفضها المبدئي والمطلق لكل إصلاح لأنظمة صناديق التقاعد على حساب الأجراء والمنخرطين، وتشبثها بإصلاح شمولي وعادل ومنصف لمنظومة التقاعد، وحذرت الحكومة من مغبة استعمال المساطر الملتوية من أجل تمرير ما تسميه «إصلاحا»، مع تحميلها كامل المسؤولية فيما سيترتب عن ذلك من تبعات وتداعيات خطيرة.