دخل الوداد الرياضي سوق الانتقالات بقوة، إذ ضم إلى صفوفه ثمانية لاعبين، بينما غادره ثلاثة لاعبين وهم الغابوني ماليك إيفونا، وياسين لكحل وهشام العمراني، في انتظار الحسم في مصير الإيفواري بكاري كوني. عندما ننظر إلى لائحة اللاعبين الذين جلبهم الفريق وهم طارق أوناجم وزهير العروبي والبنيني نانا بادار وجمال أيت بن يدر واسماعيل الحداد والمالي سيسي وابراهيم البحري، سنجد أن الوداد أصبح لديه فائض كبير في خطي الوسط والهجوم، بينما هناك علامات استفهام بخصوص خط الدفاع. عندما نتحدث عن الوداد فإن الأمر يتعلق بحامل لقب البطولة، والفريق الذي احتل المركز الأول، بمعنى أن العمود الفقري موجود، لكن عندما نتابع حركية سوق الانتقالات واختيارات الوداد، سيخيل لنا أن الفريق عاش موسما صعبا، أو أنه كان مهددا بالنزول إلى القسم الثاني ويحاول اليوم تدارك أخطائه، لذلك فإن التساؤل عن معايير انتدابات الوداد ومن يقوم بها يفرض نفسه بقوة، فهل هذه الاختيارات تحمل بصمة المدرب الويلزي جون طوشاك، هذا الأمر أصبح موضع شك، أم تقوم بها أطراف أخرى، وبالأخص رئيس الفريق ودائرته الضيقة، وإذا كان الأمر كذلك والأرجح أنه كذلك،، فلماذا لا يتم إسناد الأمور إلى أهلها، أليس من المفروض أن يقوم بذلك أصحاب الاختصاص، حتى يكون للانتدابات طعم ورائحة، وتكون بالتالي ضمن مخططات الفريق. عندما قرر الناصري بيع الغابوني ماليك إيفونا إلى فريق الأهلي، لم يتردد الرجل في نشر ما اعتبره ضوءا أخضر من المدرب طوشاك لتسريح هذا اللاعب في الموقع الرسمي للفريق لتجنب غضب الجمهور، ووضع نقطة نهاية لأي نقاشات قد تضع رئيس الوداد في قلب الانتقادات. رسالة الناصري التي أرادنا أن نفهمها كانت واضحة، ومفادها أنه لم يبع إيفونا ولم يسرح العمراني إلا بموافقة المدرب.. لن نناقش تسريح إيفونا، لأن الصفقة كانت مغرية جدا، وضخت في خزينة الوداد مبلغا كبيرا يقارب المليارين و500 مليون سنتيم، وهي الصفقة الأغلى في تاريخ انتقالات الدوري المغربي، لكن هلا كشف لنا الناصري عن مكامن النقص التي حددها طوشاك، والمراكز التي طلب تعزيزها، فألف باء الأمور التقنية تقول إننا لا نغير الفريق الذي يربح، وأن الخصاص في الوداد لا يمكن أن يصل إلى هذا العدد الكبير من الانتدابات. صحيح أن جزءا كبيرا اليوم من أنصار الوداد، يغمرهم الرضا بخصوص الانتدابات التي قام بها الفريق، لكن هذه الانتدابات تبدو سلاحا ذو حدين، فكما أنها توفر بدائل إلا أن فائض اللاعبين في الوسط والهجوم، يمكن أن يكون له انعكاس سلبي على الفريق، وعلى انسجامه وتماسكه، ويمكن أن يحول كرسي الاحتياط إلى فرن يغلي، وقد عاشت عدد من الفرق هذا الأمر، وأدت الثمن غاليا.. هذا دون الحديث عن التكلفة المالية التي من شأنها إرهاق خزينة الفريق.. هنا لابد من التساؤل عن دور المدير الرياضي الفرنسي سولير في هذه الانتدابات، ودور الويلزي طوشاك خصوصا أننا تابعنا في الموسم الماضي، كيف أنه لم يعتمد على عدد كبير من اللاعبين الذين جلبهم الناصري وكلفوا مالية الفريق كثيرا، بل وظل يوزع تصريحات هنا وهناك ويطلق إشارات في عدة اتجاهات.. في الموسم الماضي وبرغم الأخطاء التي عرفها ملف التعاقدات مع اللاعبين في الوداد، فقد تفهم كثيرون ذلك، خصوصا أن الهدف كان هو تقوية صفوف الفريق، وبعث إشارات إيجابية، قبل التعاقد مع المدرب طوشاك، أما اليوم فلا مبرر لرئيس الوداد في أن تكون الانتدابات عشوائية، خصوصا أن هناك استقرارا تقنيا في الفريق، وهدوءا في محيط الوداد بعد إحراز لقب البطولة.. الانتدابات الكثيرة التي قام بها فريق الوداد، قبل انطلاق الموسم المقبل، تزرع الشك، وتثير القلق بخصوص الفريق كمجموعة متجانسة ومتكاملة، وقد تتحول إلى هدايا مسمومة، فأهم شيء في أي فريق هو أن يعمل كمجوعة متجانسة وموحدة، وباحترام التخصصات، يكفي فقط أن يلقي الناصري بنظرة على مقربة، ليدرك أن بعض الأخطاء تكون مكلفة، وأن الأساسي أن يتحول الوداد إلى مؤسسة كل واحد فيها يقوم بدوره.. دون ذلك، سيعود الفريق إلى عادته القديمة، وسيظل أسيرا للأشخاص، وتلك أم المصائب..