بريد المغرب يصدر طابعاً بريدياً تذكارياً احتفاء بمئوية مهنة التوثيق بالمغرب    جلالة الملك يهنئ صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح بمناسبة الذكرى الثانية لتوليه مسند إمارة دولة الكويت    ناسا تفقد الاتصال بمركبة مافن المدارية حول المريخ    المنتخب الوطني يواصل تحضيراته لكأس إفريقيا للأمم    ترامب يعلن شن "ضربة انتقامية" ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا    وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    انخفاض في درجات الحرارة وبحر هائج.. تفاصيل طقس السبت بالمغرب    مروحية الدرك الملكي تنقذ سيدة في حالة صحية حرجة    كأس السوبر الإيطالية: بولونيا يضرب موعدا مع نابولي في النهائي بعد فوزه على إنتر    إصابات في حادث اصطدام بين سيارتي نقل عمال بمدينة طنجة    احتراق عدد من السيارات في محيط ملعب طنجة (فيديو)    وفاة شرطي شاب في حادث سير مأساوي بطنجة    إنذار جوي يدفع تطوان إلى استنفار شامل    افتتاح كأس إفريقيا للأمم 2025.. فتح أبواب ملعب مولاي عبد الله من الثانية ظهرًا وإحداث مكاتب قضائية بالملاعب    المغرب يفتتح العرس الإفريقي بتنظيم محكم ورسائل حازمة للجماهير    تدخل إنساني واسع لمواجهة التساقطات الثلجية الاستثنائية بورزازات    "الأحرار" يعزّي في ضحايا آسفي وفاس    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    غزة.. وفاة أكثر من ألف مريض وهم ينتظرون إجلاءهم الطبي منذ منتصف 2024    توقيف الشخص الذي ظهر في شريط فيديو يشكك في الأرقام الرسمية الخاصة بحصيلة ضحايا فيضانات أسفي    تنظيم الدورة السابعة عشر من المهرجان الوطني لفيلم الهواة بسطات    افتتاح «كان» المغرب... عرض فني باهر يزاوج بين الهوية المغربية والروح الإفريقية    8 ملايين دولار القيمة الإجمالية لمشاريع وكالة بيت مال القدس الشريف برسم سنة 2025    الشجرة المباركة تخفف وطأة البطالة على المغاربة    الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والدولة الاجتماعية    هل تنجح فرنسا في تقنين وصول القاصرين إلى شبكات التواصل الاجتماعي؟    مجلس الحكومة يتدارس الدعم الاجتماعي ومشاريع مراسيم جديدة الثلاثاء المقبل    هاتوا الكأس للمغرب    تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية وطقس بارد من اليوم الجمعة إلى الاثنين المقبل بعدد من مناطق المملكة (نشرة إنذارية)    أخبار الساحة    جلالة الملك يهنئ أبطال العرب ويشيد بالجماهير المغربية    تكريم الوفد الأمني المغربي في قطر    رئاسة النيابة العامة تؤكد إلزامية إخضاع الأشخاص الموقوفين لفحص طبي تعزيزا للحقوق والحريات    إنفانتينو يهنئ المغرب بلقب كأس العرب    في أداء مالي غير مسبوق.. المحافظة العقارية تضخ 7.5 مليارات درهم لفائدة خزينة الدولة        وجدة .. انخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك    لحسن السعدي يترأس اجتماع مجلس إدارة مكتب تنمية التعاون    أسماء لمنور تضيء نهائي كأس العرب بأداء النشيد الوطني المغربي    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    كالحوت لا يجتمعون إلا في طاجين !    البورصة تبدأ التداولات على وقع الأخضر    الشرطة الأمريكية تعثر على جثة المشتبه به في تنفيذ عملية إطلاق النار بجامعة براون    تقرير: المغرب من أكثر الدول المستفيدة من برنامج المعدات العسكرية الأمريكية الفائضة    انخفاض الذهب والفضة بعد بيانات التضخم في الولايات المتحدة    استمرار تراجع أسعار النفط للأسبوع الثاني على التوالي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    هياكل علمية جديدة بأكاديمية المملكة    حمداوي: انخراط الدولة المغربية في مسار التطبيع يسير ضد "التاريخ" و"منطق الأشياء"    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب يضلل جواسيس الأعداء باستخدام شفرات معقدة
ابتكر أساليب متقدمة في التخابر بين أجهزة الدولة
نشر في المساء يوم 15 - 07 - 2015

دفع موقع المغرب الجغرافي المغاربة منذ القدم إلى أخذ الحيطة والحذر في علاقتهم بالدول والممالك المجاورة لهم، خاصة وأنهم خاضوا حروبا طاحنة للحفاظ على وحدة بلادهم وصيانتها من تطاول الدخلاء، وعلى هذا الأساس فمن أهم الأمور التي سعوا إلى إحكامها وضبط تفاصيلها مسألة الاتصال وطريقة التخاطب، سواء مع الحلفاء أو داخل مؤسسات الدولة، وهكذا سنجد أن المغاربة عملوا على تطوير شفرات خاصة في مراسلاتهم، في وقت لم تكن فيه معظم بلدان العالم تعرف معنى الشفرة، وقد تنوعت أساليب تشفير الرسائل عند المغاربة، فبعضها اعتمد على تغيير مواضع الحروف والبعض الآخر أقحم رموزا مبتكرة في الكتابة، وسنجد شكلا آخر من أشكال التعمية (التشفير) تستخدم فيه الأصوات بدل الحروف والرموز لإيصال المعلومات، ومن الجدير بالذكر أن جل المصادر التاريخية لا تقدم عن هذا الموضوع غير قدر شحيح من المعطيات بسبب السرية التي كانت تضرب حوله، فلم تكن هنالك شفرة واحدة، إذ أن كل ملك كان يكلف بطانته بإبداع رموز وأساليب تختلف عن الذي قبله، بل إن الشفرة داخل نفس الدولة كانت تتغير حسب الأغراض، فالرسائل الموجهة للولاة غير تلك الموجهة للأمراء، وتلك التي تتعلق بالمهام العسكرية تختلف عن الرسائل ذات الطابع المدني، زد على ذلك أن مصير معظم الرسائل كان هو الحرق بعد انتهاء الغاية منها، وكان كتاب الرسائل السرية في دواوين السلاطين يرددون عبارة تحولت مع الوقت إلى شعار «حرق ولا تمزق فإن العدو قد يلفق»، والمعنى أن إحراق المراسلات أضمن، فقد تقع في يد العدو إن اكتفى قارؤها بتمزيقها، وهو لا بد سيعمل على «تلفيقها» فيطلع على ما فيها من أسرار.
نماذج من التشفير اللامكتوب
منذ 454ه سيستعمل المغاربة النقر على الطبول كوسيلة من وسائل الاتصال، وستقوم تلك النقرات بتعويض الحروف في الرسائل المكتوبة، فهناك النقرة المنفردة والنقرات الثلاث المتوالية، المتبوعة بنقرات مثلها، والتي تفيد بإشارة معينة، وهناك نقرات تدعو الجنود إلى النفير وأخرى تدعو إلى الاستراحة وأخرى تدعو إلى أخذ الحيطة والحذر، وقد قامت المزامير بأداء نفس دور الطبول، حسب ما ورد في مذكرات الأمير عبد الله بن بلقين، كما أن النيران بالليل ستعوض الطبول وقد أنشئت محارس على طول الشريط الساحلي المغربي كانت توقد فيها النيران لغايتين: الأولى لتنبيه السفن للمسافة التي تفصلها عن السواحل والثانية لإخبار الجنود باقتراب العدو، حيث كانت إشارة التحذير تنتقل عبر مئات الأميال في زمن قياسي، وكانت ترسل بطريقة مخصوصة كأن يلوح بالنار بشكل دائري أو أن يتم إخمادها وإيقادها في فترات متقاربة، فتؤلف تلك الإشارات معنى متفقا عليه بين القائمين على تلك المحارس، فيجري التخابر حول أدق تفاصيل هجوم العدو بشكل سريع ومموه، كما تساعد تلك الإشارات على نقل الأوامر العسكرية المتعلقة بصد الهجوم في وقت وجيز وبطرق مضمونة.
نماذج من التشفير المكتوب
نعثر في كتاب «مناهل الصفا « للفشتالي على وصف مهم للشفرة التي كان يعتمد عليها المنصور السعدي في مراسلاته، وذلك أنه كان يجعل لكل حرف رمزا يقوم مقامه ثم يعمد أثناء الكتابة إلى الخلط بين الرموز والحروف، فلا يفهم معناها غير من كان على علم بمقابل كل رمز من الحروف، يقول الفشتالي: «ولقد بلغ الإغراق به في مذاهب الحزم إلى أن اخترع لهذا العهد أشكالا من الخط على عدد حروف المعجم، يكتب بها فيما لا يريد الاطلاع عليه من أسراره ومهمات أموره وأخباره يمزج بها الخط المتعارف، فيصير بذلك الكتاب ممتنعا مستغلقا، فلا يجد المطلع بابا يدخل منه إلى فتح شيء من معاني الكتاب ولا الوصول إلى فهم سر من أسراره. حتى لو تلف الكتاب أو سقط أو ضاع أو وقع في يد عدو لاستؤمنت غوائل الاطلاع على أسراره، فكان في ذلك آية أعجز بها الورى».
ولم يكتف المنصور، حسب الفشتالي، بذلك، إذ سينوع تعمياته فيضع واحدة لمراسلة ولي عهده، وأخرى للجنود وثالثة مختلفة للولاة، فلا يفهم كل واحد إلا ما كان داخلا في اختصاصه، وهناك أمثلة كثيرة على استخدام التشفير الكتابي في الرسائل المغربية، حيث سيستخدم المغاربة السريانية في رسائلهم على نحو ما ذكر البيذق عند حديثه عن كاتب في ديوان ابن تومرت، يحمل اسم ملول بن ابراهيم، كان متقنا للسريانية وعمل من ثم على إدخالها في المراسلات السرية للدولة.
السفراء المغاربة يضللون الأعداء
لقد أفاد التشفير المغاربة كثيرا في تضليل خصومهم، ففي سفارة ابن منقذ مثلا، والتي حملت للمنصور الموحدي دعوة للمؤازرة من قبل صلاح الدين الأيوبي، يعزو المؤرخون المغاربة نجاح الموحدين في إرسال السفن إلى الشام للمشاركة في صد الحملة الصليبية إلى طابع الكتمان الذي أحيطت به السفارات المتبادلة بين مصر والمغرب آنئذ، والتي استخدمت فيها التعمية لصرف أنظار البلدان المطلة على البحر الأبيض المتوسط عن الوجهة الحقيقية للسفن، وفي سفارة عبد الواحد بن مسعود بن عنون، سيقرب هذا السفير الداهية وجهات النظر المغربية الإنجليزية بخصوص غزو القارة الأمريكية، أيام حكم المنصور السعدي، بعد نجاحه في تضليل جواسيس الإسبان، حيث تشير المصادر التاريخية الأوربية إلى أن ابن عنون حمل رسائل مستغلقة غير مفهومة المعنى، وقد لجأ السفير المغربي إلى شكل آخر من أشكال التعمية حين حمل رسالة مضللة تشير إلى أنه سيتجه إلى الشام لشراء الأحجار الكريمة، تحسبا لوقوعه في يد خصوم المغرب قبل وصوله إلى غايته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.