في تطور مثير، قامت فرقة أمنية قدمت من مدينة الدارالبيضاء، باعتقال موظفة بأكاديمية وزارة التربية الوطنية بالرباط ،على خلفية تسريب مكالمات هاتفية منسوبة لاسم بارز في قطاع التعليم تتضمن فضائح مدوية حول طريقة تدبير الملايير التي رصدت لصفقات البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم. وكشفت مصادر مطلعة أن الفرقة الأمنية قامت باستدراج الموظفة من خلال كمين تم إعداده بالاستعانة بشخص آخر كان رهن الاعتقال، قبل أن يتم نقلها للدار البيضاء وإخضاعها للتحقيق مع وضعها بسجن عكاشة، بتهمة تسريب المكالمات الهاتفية التي كشفت تلاعبات خطيرة وأسرارا مثيرة حول صفقات بالملايير تهم قطاع التعليم. وانصب التحقيق مع الموظفة حول علاقتها بنشر مضمون المكالمات التي وردت فيها أسماء عدد من مدراء الأكاديميات والنواب، إضافة إلى أطر تتحكم في صنع القرار بوزارة التربية الوطنية، ورجال أعمال من دول خليجية وافريقية، لهم علاقة بجلب معدات مستعملة لإعادة تدويرها في صفقات البرنامج مقابل عمولات ورشاوى على أساس أنها جديدة ومستوردة من الخارج. ويتزامن هذا التطور مع إعلان وزارة العدل عن وضع رقم أخضر للتبليغ عن الفساد، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مصداقية هذا الإجراء، في ظل اقتصار التحقيق في هذا الملف على محاولة الكشف عمن يقف وراء التسريبات، دون البث في مضمونها الذي ينطوي على معلومات بالغة الخطورة، خلقت رجة قوية داخل الوزارة ودفعتها لاستنفار مفتشيتها العامة لافتحاص جميع الصفقات وسندات الطلب التي أبرمت مع مقاولتين ورد اسمهما في المكالمات الهاتفية. وأوردت المصادر ذاتها أن اعتقال الموظفة جاء بعد أن تلقت المعنية بالتسريبات الهاتفية وعودا بأنها لن تمس، وبأن الملف سيطوى قريبا، وانه لن يتم الاستماع إليها في ضل عدم وجود شكاية، وربطت المصادر ذاتها هذه التحركات بمحاولة استباق نتائج الافتحاص الذي تباشره الوزارة لإنهاء هذا الملف الذي فجر فضائح مدوية حول صفقات شراء المعدات ضمن البرنامج الاستجعالي الذي رصد له أزيد من 50 مليار سنتيم. وعلمت «المساء» من مصادر جد مطلعة أن جمعيات حقوقية تستعد للدخول على الخط في هذه الفضيحة أمام المحاولات الهادفة لطمسها بالنظر إلى ما تضمنته التسريبات من معطيات جد خطيرة حول التلاعب بالمال العام. إلى ذلك فان لجنة تفتيش تابعة لوزارة التربية أنهت مهامها بأكاديمية تطوان كمرحلة أولى بعد أن وجهت الوزارة مراسلة بشكل مستعجل يشعر مدراء الأكاديميات بإجراء عملية تفتيش عام، حول كل الصفقات وسندات الطلب المبرمة مع شركتين ورد اسمهما في التسريبات الهاتفية التي خلقت ضجة كبيرة، وصل صداها إلى كل من رئيس الحكومة، ووزير التربية الوطنية، ما تطلب التعجيل بتكليف المفتشية العام بشقيها التقني والإداري بالبحث في الموضوع بعد الكشف عن كون المعدات مقلدة وبعضها عبارة عن خردة تم إعادة صيانتها. ووفق مصدر مطلع، فإن النبش بجدية في خفايا هذه الفضيحة قد يطيح بعدد من الرؤوس، و سيكشف معطيات تم تغيبيها في الافتحاص الذي تم إجرائه في وقت سابق على البرنامج الاستعجالي، وهو الافتحاص الذي هم بالأساس الوثائق دون البحث والتدقيق قي طبيعة بعض التجهيزات التي اقتنائها بمئات الملايين من الدراهم، والتي تحولت إلى متلاشيات، فيما اختفى بعضها ولم تتوصل به المؤسسات التعليمية عكس ما تدعيه الوثائق. وأشارت ذات المصدر إلى أن بعض هذه المعدات تمت «فبركتها» في عدد من الورشات بأحياء شعبية شهيرة بالمغرب خاصة بالدارالبيضاء وسلا، قبل دسها ضمن الصفقات على أساس أنها مستوردة من الخارج، وتستوفي كافة الشروط والمواصفات الواردة في دفاتر التحملات، وهو ما جعل بعض المؤسسات التعليمية تتسلم مختبرات وتجهيزات ناقصة حالت دون استفادة التلاميذ منها. وكان جزء من هذه التسريبات التي سردت أسرارا مثيرة، قد أوردت أسماء مسؤولين كبار إلى جانب شخص يدعي أنه مقرب من أمير خليجي ضمن مكالمات تدور بالأساس حول محاولات جارية من أجل الإفراج عن مستحقات بعض الصفقات، إلى جانب ضمانات مالية تم الحجز عليها وتتعلق بإحدى الصفقات التي تحوم حولها علامات استفهام.