انخرط الكهربائيون بالمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب « onee » مؤخرا في مسلسل احتجاجي قوي، على صعيد مدينة الدارالبيضاء، ومدن أخرى كسطات وبرشيد وآسفي… كخطوة أولى تعبر عن حالة الاستياء والتذمر، التي تعم صفوف المستخدمين بالمكتب، بعدما أضحى هذا الأخير على بعد خطوات من تفويت خدماته فيما يخص توزيع الكهرباء بمجموع تراب جهة الدارالبيضاء إلى فاعل أساسي وحيد ، حسب نقابيي الجامعة الوطنية لعمال الطاقة هو شركة «ليدك» في معركة طويلة هدفها، حسب المدافعين عن قطاع الكهرباء، الإجهاز على مكتسبات وحقوق المكتب، ومئات المستخدمين المشتغلين في ضواحي الدارالبيضاء، الذين أصبحوا اليوم أمام خيارين أحلاهما مر, إما الإذعان لمعايير التنقيل من مؤسسة إلى أخرى، أو الانتقال للعمل في فروع المكتب في مدن أخرى مع ما سيترتب على ذلك من «شتات عائلي». تفويت خدمات المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب لشركة «ليديك» نصت عليه اتفاقية إطار تتعلق بتوحيد وملاءمة المعايير بمحيط توزيع الماء والكهرباء، وبتدبير التطهير السائل بجهة الدارالبيضاء، جاءت في سياق توقيع عشر اتفاقيات في إطار برنامج يهدف لتنمية جهة الدارالبيضاء، حتى سنة 2020 تم توقيعها في 26 شتنبر من السنة الماضية، ضمن عشر اتفاقيات لمخطط تنمية الدارالبيضاء الممتد لخمس سنوات بتكلفة مالية تجاوزت 33.6 مليار درهم. الاتفاقية التي تحدث عنها الكهربائيون بالمكتب يرفضونها ويعتبرونها وسيلة من وسائل «الهيمنة والاحتكار» على قطاع ضحوا من أجله لسنوات ليحقق أعلى نسب نجاح على مستوى شمال إفريقيا، ليجدوا أنفسهم اليوم في وضع لا يحسدون عليه مطالبين بالالتحاق بشركة أخرى بشروط غير واضحة وغير مفهومة، ضمن وعود وتطمينات تزيدهم قلقا وخوفا على مستقبلهم ومستقبل أسرهم من بعدهم. سحب البساط سحب البساط من تحت قدمي المكتب الوطني للكهرباء بدأ، حسب الكهربائيين، سنوات خلت وهو ليس وليد اليوم، ففي عهد وزير الداخلية أوفقير، تم اقتحام وكالات تابعة للمكتب عنوة في المحمدية وعين حرودة وتم إفراغها بالقوة بمساعدة السلطات والقوات العمومية آنذاك. وفي سنة 1994 بعدما تغير الوضع نسبيا قررت الحكومة إنهاء احتكار إنتاج هذه المادة من طرف المكتب ليس بالقوة هذه المرة ولكن بفتح الباب أمام شركات خاصة، الأمر الذي تضيف نفس المصادر، أسفر عن تفويت المحطة الحرارية الجرف الأصفر ثم تفويت محطة الجرف الأصفر 2 ومحطة آسفي وتفويت محطتي عين مظهر وتحضارت …تفويت اعتبر بمثابة الضربة التي قصمت ظهر المكتب، في مسلسل سمي من طرف النقابيين بمسلسل «الإجهاز على مكتسبات». ورغم الضربات المتوالية التي كان يتلقاها المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، كمؤسسة وطنية تنتج مادة طاقية مهمة للمغاربة فإن ذلك لم يؤثر، حسب المهنيين، على أداء المكتب لسنوات بحيث حقق نتائج هامة فيما يخص تزويد المغاربة بالكهرباء واستطاع الانفتاح على عدة بلدان إفريقية بفضل السمعة التي اكتسبها في السوق العالمية، لكن مع ذلك فقد كان على الصعيد الوطني يتكبد خسارة كبيرة بسبب التعريفة الاجتماعية المفروضة عليه من قبل الدولة وتدريجيا بدأت بوادر الأزمة تظهر على المكتب، الذي بدأ يفقد توازنه بسبب الخسارة التي يتكبدها سنويا. الأمر الذي جعل الحكومة الحالية تفكر في الحل وتقوم بطرح «عقد برنامج» لإنقاذ المكتب وإخراجه من الأزمة المحدقة به، بعدما خصصت له 45 مليار درهم . الشريك الاجتماعي المتمثل في الجامعة الوطنية لعمال الطاقة التابعة للاتحاد المغربي للشغل، تم تغييبها حسب المهنيين عن الحوارات مع الحكومة، حيث فوجئت كنقابة وحيدة تمثل القطاع بالخطة التي لم تستشر فيها لا من قريب ولا من بعيد، يقول حسن طبيب, الكاتب العام لمديرية التوزيع والنقل في الدارالبيضاء، العنوان الذي يجب أن يصطلح على إنقاذ المكتب من الأزمة ليس بخطة إنقاذ وإنما خطة «إصلاح السياسات التي نهجتها الحكومات السابقة في القطاع المتعلق بالطاقة» وعلاقتها بالأزمة المالية للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب. وأشار طبيب في تصريح ل«المساء» إلى أن مشكل الأزمة التي عاشها المكتب تتعلق بقيمة الكيلو واط، حيث إن الدعم الذي كانت تخصصه الدولة لكي تحافظ على التسعيرة الاجتماعية، التي فرضتها ويستفيد جميع المغاربة من الكهرباء كلفت المكتب ثمنا باهظا، حيث إنه يقول كان يقوم بدور صندوق المقاصة طيلة السنوات الماضية. وبالعودة إلى عقد البرنامج الذي استاء منه النقابيون والمستخدمون، واعتبروه برنامجا جاء ليفكك خدمات مؤسستهم ويهدم دعاماتها. يتابع حسن طبيب في تصريح ل«المساء» بأنه كبرنامج ضرب عرض الحائط كل ما جاء في قانون 40.09 المتعلق بدمج أنشطة مكتبي الكهرباء و الماء. فإذا كان القانون المذكور نص صراحة على خصوصية القطاع، فإن عقد البرنامج أورد عبارات خلقت جدلا في أوساط المهنيين كتلك المتعلقة بالتقاعد والتي وردت فيه صيغة «التضامن»، وهو المعنى الغامض الذي يتساءل المتحدث عن المراد منه ولما تم استعمال كلمات هي بمثابة «ألغام» تحاول أن تفجر وضع مهنيي القطاع مستقبلا، علما أن التقاعد كمعطى يقول المتحدث، تم الحسم فيه في قوانين سابقة. اتفاقية 26 شتنبر التي تتعلق بتفويت أنشطة المكتب لفاعل وحيد اعتبرها طبيب بمثابة «الصفعة» التي صدمت الإدارة العامة للمكتب وفاجأت الأطر والمستخدمين، لأنها من جهة لم يتم فيها احترام مضامين دستور 2011 خاصة في الجانب المرتبط بالاستشارة وفصل السلط وثانيا لأنها سوف تمس بالأمن الكهربائي للمغاربة، الشيء الذي جعل الأطر والمستخدمين والنقابة يرفضونها جملة وتفصيلا، ويرفضون التعامل مع اللجنة التي تم تعيينها من أجل إحصاء ممتلكات المكتب، خوفا على مكتسباتهم التي أضحت اليوم مهددة وخوفا على مستقبل المكتب الذي، يؤكد، تحاول جهات معينة تدميره بقرارات وصفت من قبله ب«العشوائية والمشبوهة». مشيرا إلى أن الدارالبيضاء تشكل 10 في المائة من مداخيل مديرية التوزيع المركزية للمكتب التي تضم 10 مديريات. اتفاقية التفويت إذا كان الهدف من الاتفاقية، حسب المهنيين، هو تجريد المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب من دعاماته الأساسية من خلال القضاء على آخر حلقاته فيما يخص إنتاج وتوزيع الكهرباء في محيط الدارالبيضاء، فإن الاتفاقية حسب المدافعين عنها ستأتي من أجل توحيد الإشراف على الخدمة المذكورة مما سيبسط الاجراءات للسكان وسيحقق التوازن على مستوى أشغال البنية التحتية وسيعقلن الاستثمار في المجال ويحسن جودة الخدمات المقدمة للمواطنين التي تحتاج فاعلا وحيدا يلبي احتياجاتهم ويساهم في تقريب الخدمات منهم، اعتبارا للمتاعب التي كان بعضهم يتكبدها من أجل أداء فواتير الكهرباء. الاتفاقية التي وردت في عشر صفحات والتي جمعت عدة متدخلين أهمهم وزارة الداخلية ووزارة الطاقة والمعادن ومجلس التدبير المفوض ووزارة المالية… استثنت فرقاء اجتماعيين والحديث يعني هنا الجامعة الوطنية لعمال الطاقة كممثل وحيد لكهربائيي المكتب، الأمر الذي جعل الأطر العليا التابعة لها ترفض التعامل مع الخبراء المنتمين للجنة، الذين يباشرون منذ فترة عملية إحصاء ممتلكات ومنشآت المكتب. هذا الرفض يأتي حسب أعضاء المكتب النقابي لسببين أولهما عدم إشراكهم في الاتفاقية وبالتالي فهم غير معنيين بها، وثانيا لأنهم لاحظوا أن أغلب المتدخلين لديهم علاقة بشركة «ليدك» المعنية، حسب تعبيرهم، بهذا التفويت بل الأكثر من ذلك أنهم وجدوا خبراء في اللجنة يحصون ممتلكات المكتب، كانوا يعملون في السابق كأطر في نفس الشركة المنافسة. لهذا فأطر ومستخدمو المكتب الوطني للماء الصالح للشرب والكهرباء المنتمون للجامعة، قرروا عدم المشاركة في عملية الجرد التي تقوم بها لجنة الخبراء، ولن يشاركوا في اجتماعاتها حتى تستجيب الحكومة وإدارة المكتب الوطني لمطالبهم وتجلس معهم على طاولة الحوار، من أجل مراجعة بنود الاتفاقية الإطار بالشكل الذي يضمن مصالح عمال القطاع. الأمن الكهربائي للبيضاويين فضحت مصادر عاملة بالمكتب الوطني للكهرباء، حجم الزيادات التي من المرتقب أن تعرفها فواتير الكهرباء على ساكنة ليساسفة، سيدي معروف والنواحي… في حال دخلت الاتفاقية حيز التطبيق وتمت صفقة التفويت لشركة «ليدك»، فقد تم التأكيد على أن الصفقة ستضرب القدرة الشرائية للمواطن المغربي بالدارالبيضاء، مسجلة بذلك مجموعة من الزيادات بناء على دراسة تم القيام بها من لدن أطر المكتب بمديرية التوزيع بالدارالبيضاء والتي أوضحت أن الزيادة في فاتورة الكهرباء سترتفع ب 7.25 في المائة بالنسبة للمواطنين وبنسبة 25 في المائة للصناعيين ومؤسسات الدولة والإضاءة العمومية بنسبة 25 في المائة. مشيرة إلى أن الزيادات ستبلغ 325 مليون سنتيم سنويا وسيصل سعر الطاقة لأكثر من مليار ونصف سنويا، وهو الأمر الذي ستكون له انعكاسات على الطبقة الصناعية المتوسطة كأصحاب المحلات التجارية وأصحاب محلات البقالة. فالمهنيون يجمعون على أن المكتب يقدم خدمة اجتماعية وليست ربحية كما هو معروف على الشركات الخاصة متعددة الجنسية التي لا يهمها سوى الربح، محملين المسؤولية بالدرجة الأولى للدولة، لأنها هي المسؤولة في نظرهم عن وضع استراتيجية طاقية للبلاد واتخاذ تصور واضح حول مستقبلها مع ضرورة إشراك كافة المتدخلين بمن فيهم الشركاء الاجتماعيين، معتبرين ما حدث بمثابة خرق للقانون والدستور. وبالعودة إلى حسن طبيب، الكاتب العام لمديرية التوزيع والنقل في الدارالبيضاء، فقد أوضح أن الحكامة الترابية تنص على إشراك المواطنين والجمعيات في إعداد البرامج في المناطق التي يعملون بها، مقترحا على مدبري الشأن العام أن يسحبوا توزيع الماء والتطهير من يد وزارة الداخلية لكي يكون هناك احترام للقانون، لأنه في نظره لا يمكن أن تظل هذه الوزارة تقرر في مسألة قطاعية دون إشراك المجالس المنتخبة لتمرير صفقة رغم عللها، علما أن السيادة الطاقية، حسبه، يجب على الجميع أن يحرص على أن تظل في يد البلاد، مقترحا لحل المشكل جعل المكتب الوطني للكهرباء والماء شركة أم في سياق خلق شركات أخرى يعمل فيها الكهربائيون بنفس الحقوق والمكتسبات بدل التخلي عن المكتب وخدماته وضرب السيادة الطاقية للبلاد. وأوضح المصدر ذاته أنهم في المكتب الوطني «مندهشون» للعلاقة الخاصة التي تربط مجلس المدينة مع شركة «ليدك»، مشيرا إلى أن هناك موظفين كانوا يشتغلون كأطر في الشركة المذكورة، اليوم أصبحت لهم يد في هذه الاتفاقية ويحاولون تمريرها بسرعة «البرق». مكتسبات مهددة الاتفاقية تحدثت في فقرة من مضامينها عن الموارد البشرية الخاصة بالمكتب الوطني للكهرباء والماء، وحسب الكهربائيين لم تفسر وضعيتهم في حال أصبحت الشركة الأجنبية، هي التي تتحكم في توزيع الكهرباء بمحيط الدارالبيضاء، ليظل القلق هو السائد وليظل شبح التنقيل إلى مدن أخرى مهيمنا على ذهن العمال الذين يرفضون الالتحاق ب»ليدك» كيفا كان الحال. المدافع عن العمال وجسر التواصل بينهم وبين المسؤولين هو الجامعة الوطنية لعمال الطاقة التابعة للاتحاد المغربي للشغل، هذه الجامعة التي تؤكد على أنها همشت من طرف المسؤولين الوطنيين والمحليين، صعدت من لهجة بلاغاتها ومن قوة إضراباتها التي اقتصرت في البداية على الدارالبيضاء لتشمل، مؤخرا، مدنا أخرى كسطات وبرشيد وآسفي … باعتبار قوتها لازالت قائمة فيما يخص إنتاج الكهرباء على الصعيد الوطني. هذا التصعيد الذي تقول الجامعة لازال في بدايته، لأنها لحد الآن مازالت مقتصرة فقط على الإضرابات الإنذارية والوقفات الاحتجاجية كتعبير عن الغضب الذي يسود نفوس العمال والأطر الذين يطالبون بإسقاط المخططات التراجعية التي تريد المس بمكتسبات الكهربائيين. فالقرارات التي من جانب واحد، ستكون لها حسب الجامعة تداعيات على مكتسبات وحقوق الكهربائيين وعلى استقرارهم المهني والاجتماعي. ومن ضمن هذه القرارات عقد البرنامج الموقع في ماي 2014 والذي سيمس في نظرها التقاعد والنظام الأساسي والأعمال الاجتماعية . والجامعة في بلاغاتها المتتالية أكدت على أنها مستعدة لمباشرة كل الأشكال النضالية التي يتيحها القانون والمواثيق الدولية للدفاع عن مقتضيات التفاوض الجماعي وعن تقاعد الكهربائيين ونظامهم الأساسي، وأعمالهم الاجتماعية، وعن تشبثهم بالمرفق العمومي وبالاستمرار في تأدية الواجب الوطني فيه، مع مراعاة القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم المواطنين بالحفاظ على التعريفة الاجتماعية واستمرار توزيع الكهرباء كخدمة عمومية تطبيقا للفصول الظهير الشريف الصادر في 5 غشت 1963. للمنتخبين رأي آخر المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، يقول أحد المنتخبين طلب عدم ذكر اسمه، هو من دفعنا إلى تفضيل شركة أجنبية «ليدك» ، «خمس سنوات قضيناها مع المكتب في حوار مرات وصراع مرات أخرى بسبب مشاكل سكان ليساسفة وأهل الغلام وسيدي معروف مع الإضاءة العمومية وطريقة تعامل المكتب مع معالجة مشاكل الأحياء الشعبية وطريقة التدخل، زيادة على افتقاده لرؤية واضحة وبرنامج حقيقي للرفع من جودة الخدمات»، الشيء الذي تسبب في حالة احتقان في صفوف السكان، الذين احتجوا على الوضع مرارا، بسبب علاقة الإضاءة بالأمن وعدم قدرة المكتب على تجديد شبكة الإنارة العمومية بسبب مشاكله المالية، كلها، يقول المتحدث، عوامل أدت بالمنتخبين إلى تزكية شركة «ليدك» التي تتميز خدماتها بالجودة وسرعة التدخل. وأضاف «إذا كان المكتب الوطني للكهرباء يربط بين الوطنية وعدمها ويعتبرنا غير وطنيين، لأننا فضلنا عليه شركة أجنبية فهنا أقول إن المسألة لا علاقة لها بالوطنية، بل نحن وطنيون حتى النخاع لكن المسألة مرتبطة بجودة الخدمات، وليدك معنية فقط بتوزيع الكهرباء، أما الإنتاج فهو من اختصاص المكتب ولا أحد يمكن أن يناقش ذلك». إذن فتفضيل ليدك جاء بناء على جودة الخدمات التي تقدمها للسكان، خاصة أن المصدر ذاته أوضح أنهم عقدوا اجتماعات «ماراطونية» مع المكتب لحل مشاكل الإنارة بليساسفة وأهل لغلام، لكن في كل مرة يتم إخبارهم، بأن الشركة ليست لديها الإمكانيات وهي تعيش «شبه إفلاس» وتعاني من نقص حاد في الموارد البشرية وفي العدادات، كلها عوامل عجلت بالاجتماع على المستوى المركزي وتدخل مسؤولين وطنيين للقطع مع ما وصف ب«الحلول الترقيعية» التي كانت ترهن استقرار حياة السكان. وبفضل هذه الاتفاقية، يضيف المصدر ذاته، تمت إعادة تأهيل شبكة الإنارة العمومية بأحياء ليساسفة وأهل الغلام حيث، يقول، أصبحت اليوم من أحسن الأحياء على مستوى المدينة من حيث الإضاءة الليلية وأكد المتحدث أنهم كمنتخبين مع تفويت توزيع الكهرباء إلى «ليدك» ولكن دون المس بمكتسبات العمال والأطر. أما بالنسبة لمحمد حدادي رئيس فريق مستشاري التجمع الوطني للأحرار بمجلس مدينة الدارالبيضاء، فإن تسيير مجموعة من المناطق في محيط المدينة الاقتصادية تشوبه ازدواجية المخاطب بوجود فاعلين في مجال توزيع الكهرباء، الأمر الذي يخلق مشاكل للسكان ويعيق التواصل والاستجابة الفورية لمطالبهم، وأوضح المتحدث أن الاتفاقية التي تنص على التفويت قد دخلت حيز التنفيذ والعمل متواصل لتحسين جودة الخدمات في مجموعة من المناطق التي كانت في وقت سابق مهمشة وسكانها يقطعون مسافة طويلة إما في اتجاه مديونة أو في اتجاه أناسي من أجل الأداء. وأوضح أن المكتب الوطني للكهرباء في شخص مديره العام قد وافق على الاتفاقية وتم التوقيع عليها والقبول بإلحاق الموظفين التابعين للمكتب للاشتغال مع شركة ليدك مع المحافظة على حقوقهم إلا أن مسألة عدم إشراك ممثليهم النقابيين في الحوار وعدم استشارتهم خلق المشكل. محمد زروال: الصفقة «نشاز» ولها تداعيات سلبية على فئات عريضة من الشعب المغربي – ما هو تعليقك على الاتفاقية التي تنص على تفويت توزيع الكهرباء بمحيط الدارالبيضاء إلى شركة أجنبية ستكون هي الفاعل الوحيد في القطاع؟ هذه الاتفاقية في الحقيقة «نشاز» جاءت ضد مجرى الأحداث وضد السياق ومناقضة لروح قانون «40/09» «لجمع أنشطة المكتب الوطني للكهرباء والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب»، بل حتى الخطاب الملكي «خطاب الدارالبيضاء»، والذي فضح أسلوب التدبير المعتمد من قبل المجالس المنتخبة التي تعاقبت على تسييرها والصراعات العقيمة بين مكوناتها، والتفاوتات الاجتماعية الصارخة والبؤس والبطالة وغيرها، هذا الخطاب، لم يشر إلى أن هناك مشكل توزيع الكهرباء. هذا، بالإضافة إلى المنهجية التي اعتمدت في إعداد الاتفاقية والتي تفتقر لأبسط شروط نجاحها، حيث تفتقر للمقاربة التشاركية والوضوح والشفافية. المقاربة التي اعتمدت للأسف الشديد تكشف الهوة السحيقة بين الخطاب والممارسة في هذه البلاد. نحن كشريك اجتماعي لم نشرك في هذا الملف الذي يعنينا بالدرجة الأولى، وعلمنا بتوقيع الاتفاقية مثلنا مثل كافة المواطنين عبر النشرات الإخبارية. الاتفاقية المذكورة تقضي بتحويل جميع المرافق والممتلكات الإدارية والتجارية واللوجيستيكية التي كانت بحوزة المكتب الوطني للكهرباء إلى السلطة المفوضة بجهة البيضاء، قصد تفويتها إلى فاعل وحيد بالمدينة، دون أدنى اعتبار للأطر والمستخدمين الذين قدموا تضحيات كبيرة للمكتب وللوطن وسهروا ولازالوا على ضمان الأمن الكهربائي في كل ربوع البلاد وراكموا تجربة غنية بوأت المكتب الوطني للكهرباء مكان الريادة على المستوى الإفريقي. والذين حسب نصوص الاتفاقية يحتمل تنقيلهم مثلهم مثل أي سلعة أو أي بضاعة. الاتفاقية الموقعة تتناقض وروح القانون 09.40، حيث تشكل تهديدا صريحا لحقوق ومكتسبات الأطر والمستخدمين واستقرارهم المهني والاجتماعي، وكذا حقوق وممتلكات المكتب، فالتفويت سيحرم المكتب من رقم معاملات كبير يقدر بمليار ونصف المليار من الدراهم، أي 10 في المائة من عائدات التوزيع على المستوى الوطني، فكيف يتم الحديث من جهة عن خطة لإنقاذ المكتب من «الإفلاس»، ومن جهة أخرى، التفكير منصب على نزع ممتلكاته وسلبه زبناءه من المواطنين ومنحهم لشركة أخرى، مع كل التداعيات السلبية على الساكنة من حيث ارتفاع الفاتورة؟ وهذا إن كان يعني شيئا، فإنه يعني أن منطق التحكم، منطق ما قبل دستور 2011 لازال سائدا. – المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب يعرف أزمة مالية حقيقية استدعت من الحكومة طرح مخطط لإنقاذه، لكنكم كجامعة عبرتم أكثر من مرة عن استيائكم منه، ما السبب؟ إذا كانت هناك فعلا أزمة يجب أولا أن نقول الحقيقة للمغاربة، ونوضح الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الأزمة ومن المسؤول عنها. الدولة هي من تضع الاستراتيجية القطاعية ومخططات العمل من أجل تنزيلها على أرض الواقع وآليات تنفيذها وتتبعها، إذن فإنها تتحمل وحدها المسؤولية. هناك الآن شركات خاصة يدر عليها إنتاج وتوزيع الكهرباء أرباحا كبيرة ولا تعيش أي أزمة. الحقيقة أن المكتب الوطني للكهرباء مؤسسة عمومية تؤدي خدمة اجتماعية بتطبيقها تعريفة محددة من طرف الدولة، لا تغطي بتاتا تكلفة الإنتاج المرتفعة نتيجة الارتفاع المهول لأسعار الفحم الحجري في الأسواق العالمية، والذي يعتبر الوقود الرئيسي لمعامل الإنتاج الحراري بالمغرب. المكتب هو من يوصل الكهرباء إلى المناطق والجهات المهمشة التي لا تتوفر على البنيات التحتية الأساسية من طرق ومستشفيات وغيرها، ال «م.و.ك» له ممتلكات تم الاستيلاء عليها بدون وجه حق من طرف العديد من الجهات، الجميع مدين لهذه المؤسسة الوطنية: مؤسسات دولة وجماعات محلية وغيرها، ولم يتمكن المكتب من إرجاع وأخذ مستحقاته. الحكومة الحالية قامت بما يسمى خطة لإنقاذ المكتب من «الإفلاس» وهي عبارة عن عقد برنامج تم طرحه في شهر ماي من سنة 2014، جاء حسب قولهم لتنزيل قانون 40.09 المتعلق بجمع أنشطة المكتبين (المكتب الوطني للكهرباء والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب)، وهذا غير صحيح، لأن العقد-البرنامج ينص على ما اصطلح عليه بالشركات الجهوية متعددة الخدمات التي ستكون مستقلة عن المكتب عكس ما قيل لنا، الشيء الذي يفهم منه أن هناك نية مبيتة في تفكيك خدمات المكتب ثم الإجهاز عليه، زيادة على أن العقد-البرنامج أتى بمضامين غامضة فيما يخص نظام تقاعد الأطر والمستخدمين، والأعمال الاجتماعية، والاستقرار المهني والاجتماعي، الشيء الذي نعتبره تهديدا صريحا لحقوقنا ومكتسباتنا. – ما هو السبب في نظرك الذي جعل المسؤولين في الدولة يتخلون عن خدمات المكتب في الدارالبيضاء ويفضلون فاعلا آخر غيره؟ السبب في الحقيقة لا يعلمه إلا صانعو القرار خصوصا في الدارالبيضاء وفي مقدمتهم المنتخبون، لم يرد إلى علمنا أن الساكنة البيضاوية أو الصناعيين بالمنطقة اشتكوا من خدمات «م.و.ك»، بخلاف الفاعل الآخر الذي أشارت إليه الصحف بمؤاخذات أكدها التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات. كما أنني لست أفهم كيف لفاعل كان بالأمس القريب يطلب ود ومساهمة ال»م.و.ك»، أن يستأثر بالجمل وما حمل. المسألة لها علاقة بالمصالح الأنانية الضيقة، حيث تم استغلال ظرف معين يتمثل في الخطاب الملكي «خطاب الدارالبيضاء» الذي وقف على الاختلالات والمشاكل العميقة بالمدينة الاقتصادية، وتم طرح الصفقة وكأنها «دواء الداء» الذي أشار إليه الخطاب الملكي، بدعوى أن وجود فاعلين في المجال يعد أحد معيقات التنمية بالمدينة. كما أن الصفقة تدخل في إطار استراتيجية تحرير الكهرباء الذي يبشر به وزير الطاقة في تصاريحه المتعددة، مع ما لذلك من تداعيات سلبية على فئات عريضة من الشعب المغربي. لا ندري أهذا هو الإصلاح الذي جاء به هو ورئيسه؟ أم هذا هو الفساد الذي جعلوا من محاربته شعارا لحملتهم الانتخابية؟ – حملتم المسؤولية أكثر من مرة في خرجاتكم الإعلامية للمنتخبين لماذا؟ لأن هؤلاء المنتخبين المفروض أن يكون همهم الرئيس هو مصلحة المواطنين الذين وضعوا فيهم ثقتهم وأوكلوهم رعاية مصالحهم، وأنا لا أتصور أي مصلحة للمواطن البسيط ولا للصناعيين في تعريفة تفوق تعريفة ال«م.و.ك» بكثير. اسألوا السكان وستجدون عندهم الجواب، وهم يعرفون خدمات المكتب الوطني للكهرباء وخبرة وتجربة موارده البشرية، ويعرفون أيضا ماذا ينتظرهم. – هل ستسكت الجامعة في حال تم المس بمكتسبات أطر ومستخدمي المكتب في هذه الصفقة ؟ نحن لسنا لقطاء، نحن ننتمي لجامعة لها تاريخ مشرق ومشرف، ننتمي لمنظمة عتيدة اسمها الاتحاد المغربي للشغل، لسنا من ممتهني وممارسي لغة الخشب والاحتجاجات الموجهة، ونؤمن بفضيلة الحوار كأنجع السبل لطي الخلافات، وبفضله حققنا ما حققناه وأسهمنا في تنمية مؤسستنا وبلدنا، نحن لا نحتج إلا عندما يعتدى علينا ونحس بخطر يهدد وحدتنا ومكاسبنا وحقوقنا، ولن نتوانى لحظة في الدفاع عنها بكل الوسائل والأشكال النضالية التي يخولها القانون. برنامجنا النضالي في تصاعد، وأيدينا ممدودة للحوار. * الكاتب العام للجامعة الوطنية لعمال الطاقة مقارنة تخص حجم الزيادات التي سيتحملها البيضاويون بعد تحرير الكهرباء