تعاون طبي مغربي أمريكي يعزز العرض الصحي في الأقاليم الجنوبية    "اللجنة المؤقتة" تتباحث حول أخلاقيات الصحافة للحد من "فوضى القطاع"    أحزاب سياسية تثمّن القرار الملكي بعدم قيام المغاربة بذبح أضاحي العيد    منع تنقل جماهير الجيش إلى آسفي    تقرير يوصي بتفعيل وكالة التقويم    دلالات عدم القيام بشعيرة ذبح الأضحية.. أساس شرعي وتيسير اجتماعي    تنظيم الأيام الطبية الأولى المغربية الأمريكية بالعيون    لن تصدق كم يتراوح سعر السردين في الموانئ الممتدة بين أكادير والداخلة    بسبب تراجع أعداد الماشية.. الملك محمد السادس يهيب بالمغاربة بعدم القيام بشعيرة أضحية العيد هذه السنة    اتحاد أيت ملول يواجه مولودية العيون في مواجهة مصيرية لتفادي المراكز المتأخرة … !    مصرع سائق دراجة نارية في حادث سير مروع نواحي إقليم الحسيمة    ريال مدريد يهزم سوسيداد في نصف نهائي كأس الملك    بعد زيارة جيرار لارشي لمدينة العيون بالصحراء المغربية.. برلمان الجزائر يعلق علاقاته مع مجلس الشيوخ الفرنسي    أمير المؤمنين الملك محمد السادس يرفع الحرج على شعبه الوفي    المغرب يلغي شعيرة عيد الأضحى للمرة الرابعة منذ الاستقلال    أمير المؤمنين يلغي شعيرة عيد الأضحى لهذه السنة    بني أنصار .. إجهاض محاولة لتهريب أزيد من 53 ألف قرص مهلوس    نهضة بركان يرحب بقرار المحكمة الرياضية بشأن مباراة اتحاد الجزائر    القضاوي رئيسا جديدا لفرع الاتحاد العام لمقاولات المغرب بجهة الشمال    أعضاء في قيادة اتحاد كتاب المغرب ينددون ب"استفراد" رئيسه بالسلطة ويطالبون بمؤتمر استثنائي    المغرب يقتني 168 قطارا بقيمة 29 مليار درهم استعدادا لكأس العالم 2030    "الأخضر" يغلق تداولات البورصة    سهم "اتصالات المغرب" ينتعش في بورصة الدار البيضاء برحيل أحيزون    انتقاد واسع لمقطع فيديو مٌستفِز نشره ترامب على صفحته يصور تحويل غزة إلى منتجع سياحي (فيديو)    الوالي يعيد الاعتبار لبائع السمك    الفنان الدوزي يتوج بجائزة "أفضل فنان مغربي" في مهرجان العراق الدولي ويغني للصحراء المغربية    شبكة صحية تدعو إلى تكثيف الحملات التطعيمية ضد "بوحمرون"    توقيع اتفاقية شراكة بين مديرية الأمن والوكالة القضائية للمملكة لتعزيز التعاون في مجال الدفاع عن مصالح الدولة أمام القضاء (صور)    رئيس الوزراء الفرنسي يؤكد عزم بلاده مراجعة جميع الاتفاقيات التي تربطها بالجزائر    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وال"فيفا" ينظمان ندوة لتطوير المواهب الشابة    أخبار الساحة    مكسيكو.. تعزيز العلاقات الثنائية محور مباحثات بين رئيس مجلس النواب ونظيره المكسيكي    رابطة الدوري الأمريكي تعاقب ميسي بغرامة مالية بسبب إمساكه مدرب مغربي    إيكولوجيا الفلسفة أم فلسفة الإيكولوجيا؟    الموهوب سامي الشرايطي ينتزع لقب برنامج "نجوم الغد"    أمطار رعدية قوية وثلوج متوقعة بعدد من مناطق المملكة    بعد مليلية.. مخاوف من تسلل "بوحمرون" إلى سبتة    رمضان .. محمد باسو يعلن عن الموسم الثاني من سّي الكالة    الملك محمد السادس يأمر بفتح المساجد التي تم تشيدها أو أعيد بناؤها أو تم ترميمها في وجه المصلين في بداية شهر رمضان    التموين خلال رمضان.. السلطات تضاعف الجهود    الرباط: فريق طبي مغربي ينجح في إجراء أول عملية جراحية لعلاج قصور الصمام الثلاثي بالقلب    الفيدرالية المغربية لناشري الصحف ترفض مشروع الدعم الجهوي لوزارة التواصل    أسعار الذهب ترتفع    25 جريحا في حادث سير على الطريق السيار بين وادي أمليل وفاس    متى تحتاج حالات "النسيان" إلى القيام باستشارة الطبيب؟    ارتفاع حصيلة قتلى تحطم الطائرة السودانية بأم درمان    المغرب وبريطانيا.. تعزيز الشراكة الاستراتيجية في المجال الدفاعي    "مرسى المغرب" توقع عقد إدارة "ترمينال" الغرب بميناء الناظور لمدة 25 عاما    الوداد والرجاء يعودان إلى ملعب محمد الخامس قبل التوقف الدولي في مارس    دراسة علمية تكشف تفاصيل فيروس جديد لدى الخفافيش وخبير يطمئن المواطنين عبر "رسالة24"    تفاصيل جديدة في محاكمة الرئيس الموريتاني السابق ولد عبد العزيز    ترامب يترأس أول اجتماع حكومي    أمريكا تجهز "بطاقات ذهبية" لجذب المهاجرين الأثرياء    الصين: مجموعة "علي بابا" تعتزم استثمار حوالي 53 مليار دولار في الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي    "مجموعة MBC" تطلق MBCNOW: تجربة بث جديدة لعشاق الترفيه    شبكة مُعقدة من الاسرار والحكايات في المٌسلسل المغربي "يوم ملقاك" على ""MBC5" يومياً في رمضان    دراما وكوميديا وبرامج ثقافية.. "تمازيغت" تكشف عن شبكتها الرمضانية    الوقاية من نزلات البرد ترتبط بالنوم سبع ساعات في الليل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر «فتح».. إنقاذ أم تأبين؟
نشر في المساء يوم 06 - 08 - 2009

بدأ مؤتمر حركة «فتح» أعماله صباح (الثلاثاء) في مدينة بيت لحم في الأراضي المحتلة في ظل غياب مندوبي قطاع غزة الذين منعت حركة «حماس» خروجهم، والعديد من الشخصيات القيادية التي رفضت حكومة بنيامين نتنياهو السماح لهم بالدخول بسبب مواقفهم المؤيدة للمقاومة والرافضة لنهج التسوية في صيغتها الحالية.
ولا نعتقد أن الرئيس محمود عباس سيكون حزيناً لغياب هؤلاء، لأن وجودهم سيمثل إزعاجا سياسياً وإعلاميا يمكن أن يفسد عليه مظاهرة التأييد التي خطط لها وأنصاره بعناية شديدة.
وربما لا نبالغ إذا قلنا إن الرئيس عباس لم يرد، من الأساس، مشاركة مندوبي القطاع في المؤتمر، وإلا لبذل جهوداً جدية للتوصل إلى تسوية مع حركة «حماس» تسمح بخروج هؤلاء بسهولة ويسر، من خلال التجاوب مع شروطها بالإفراج عن معتقليها في سجون السلطة في رام الله، ولكنه لم يفعل لإدراكه أن هؤلاء الذين تضرروا وتنظيمهم من فساد قيادتهم وأجهزتها الأمنية عندما كانت تحكم القطاع، وتعرضت لهزيمة مهينة مذلة على أيدي قوات «حماس» سيشكلون مصدر إزعاج لقيادة عباس، وربما يخربطون كل ترتيباته لانتخاب قيادة «مستأنسة» وفق المواصفات الأمريكية المطلوبة.
والشيء نفسه يقال أيضا عن بعض الشخصيات التي رفضت الحكومة الإسرائيلية إعطاءها تصاريح بالدخول، مثل منير المقدح المعروف بصلاته القوية بالمقاومة اللبنانية، وصلابته في التمسك بمبادئ حركة «فتح» وقيمها في صيغتها الأساسية، والذين سيكونون عنصر تحريض ضد سياسات التفاوض الاستسلامية، مما يعزز جبهة الرفض الفتحاوية.
المؤتمر خطط له أن يكون مظاهرة تأييد للسيد عباس وسياساته، ولذلك فإن جميع التوقعات التي تقول إنه سيكون بمثابة بعث جديد للحركة، وتجديد شبابها، في غير مكانها، ولا تزيد على كونها «أحلام يقظة»، فالمؤتمر الحالي سيكون بمثابة «حفل تأبين» لفتح القديمة التي عرفناها وقادت النضال الفلسطيني بشرف ورجولة لأكثر من أربعين عاماً، وكانت الخيمة الوطنية التي تنضوي تحتها مختلف التيارات السياسية الفلسطينية.
«فتح الجديدة» التي يريد السيد عباس والمجموعة المحيطة به بناءها على أنقاض «فتح عرفات» هي «فتح الرواتب» ورغيف الخبز، وليس فتح المقاومة وتحرير المقدسات، ولهذا لن يوجد في مؤسساتها الجديدة مكان لرموز جهادية، مثل فاروق القدومي ومحمد جهاد ومنير المقدح ومحمد أبو ميزر وغيرهم.
إنها المرة الأولى في التاريخ بمختلف عصوره التي تعقد فيها حركة تحرير وطني مؤتمرها العام تحت حراب الاحتلال ومباركة حكومته، فأي حركة تحرير تقبل على نفسها تسجيل مثل هذه السابقة المخجلة والمسيئة إلى تاريخها وقيمها ومبادئها؟ كيف سيبرر هؤلاء الذين سيتصدرون المنصات الخطابية مؤتمرهم هذا لآلاف الشهداء والأسرى وعائلاتهم الذين ضحوا بحياتهم وأجمل أيام شبابهم من أجل التحرير واستعادة كرامة شعبهم المسلوبة.
الذين انقلبوا على الشهيد ياسر عرفات في حياته وتآمروا لنزع صلاحياته، يريدون أن يثأروا حالياً من تاريخ الحركة، بعد أن ورثوها في ظروف ما زالت تفاصيلها محاطة بالغموض. والمقصود بالثأر هو تسفيه كل الثوابت الحركية التي جعلت من «فتح» الرقم الصعب فعلاً.
المؤتمرات الحركية تعقد من أجل محاسبة القيادة ونهجها السياسي، ومبايعتها مرة أخرى إذا كانت جعبتها حافلة بالانجازات ومعاقبتها بالعزل أو الاعتقال إذا كانت قد خرجت عن الثوابت وانحرفت عن الأهداف المنوطة بها، فهل سيحاسب المؤتمرون الرئيس عباس ويطالبونه بالتنحي بعد أن ثبت فشل نهجه السياسي التفاوضي في تحقيق وعوده في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة؟
عقد ونصف العقد مرّا منذ توقيع اتفاقات أوسلو وإقامة السلطة في رام الله، فما هي الإنجازات التي حققها السيد عباس والمجموعة المحيطة به غير مضاعفة المستوطنات، وتهويد القدس، وزيادة الهجرة اليهودية، وانتعاش الاقتصاد الإسرائيلي بفضل الأمان وبناء السور العنصري العازل وأكثر من ستمائة حاجز في الضفة الغربية، وتحويل الشعب الفلسطيني إلى شعب متسول، وتقسيم الوطن أو ما تبقى منه إلى ضفة وغزة، وخسارة الحكم بشكل مهين ومذل في الآخر.
لا نشك في أن هناك عناصر فتحاوية وطنية شريفة تشارك في هذا المؤتمر، وتريده مختلفا عما تريده له القيادة، وهذه العناصر والقيادات مطالبة بإعلاء صوتها بالاحتجاج على محاولات ومخططات حرف الحركة عن تاريخها وثوابتها، والعمل على إعادتها إلى ينابيعها الأصلية النقية الطاهرة.
هذه العناصر يجب أن تتضافر مع بعضها البعض بالإصرار على إجراء عملية مراجعة شاملة للتجربة الفتحاوية في العشرين عاما الماضية، من أجل استخلاص العبر من الهزائم والإخفاقات، ومقاومة التوجهات الحالية القوية بسلخ صفة «التحرير» عن الحركة، وتحويلها إلى حزب سياسي مهادن للاحتلال، منسجم مع المشاريع الأمريكية والشروط الإسرائيلية.
حركة «فتح» بحاجة إلى عملية تطهير شاملة لإزالة الأعشاب الضارة والمتسلقة التي تغلغلت في مفاصلها القيادية، العناصر التي استخدمت المال الحرام لشراء الذمم والمواقع والمناصب من أجل فرض أجندتها الخارجية، بحيث جعلت من «حماس» عدوها الأول، ونسيت العدو الحقيقي الذي يحتل الأرض ويرتكب المجازر ويهوّد المقدسات.
نعترف أن سقف توقعاتنا منخفض للغاية، مثلما نعترف أن ما نطالب به هو مجرد تمنيات يصعب تحقيقها أو حتى نصفها، لقناعتنا الراسخة بأن حركة «فتح»، الحركة الوطنية الشريفة المناضلة، تعرضت لعملية خطف بشعة، من قبل بعض المحسوبين عليها، وما يحزننا ويثير فينا الإحباط بأشكاله كافة أن المؤتمر العام، الذي يبدأ أعماله اليوم، قد يضفي الشرعية على عملية الخطف هذه وقادتها والمشاركين فيها، من خلال تسليمهم عجلة القيادة، وهنا تكمن مأساة «فتح» التي هي مأساة الشعب الفلسطيني أيضا الذي أحب هذه الحركة والتف حولها عندما بادرت إلى إطلاق الرصاصة الأولى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.