فوجئ بعض المواطنين بالزيادة في أسعار الماء والكهرباء خلال شهر غشت مقارنة مع باقي شهور السنة، الأمر الذي أثار استياء وتذمرا لدى العديد من المواطنين، مؤكدين أن هذه الزيادة غير معقولة وليست منطقية، واستنكر مصدر جمعوي هذه الزيادة، في حين أن شركة «ليدك» المكلفة بتدبير قطاع الماء والكهرباء والتطهير السائل في الدارالبيضاء عزت الأمر إلى ارتفاع في معدل الاستهلاك من قبل بعض المواطنين، خاصة أن فاتورة غشت تتعلق باستهلاك شهر يوليوز الذي صادف هذه السنة العطلة الصيفية وشهر رمضان، حيث يرتفع معدل الاستهلاك. الحرارة التي عرفتها الدار البيضاء خلال شهر غشت انعكست على فواتير الماء والكهرباء في العديد من مناطق المدينة، حيث فوجئ بعض المواطنين بزيادات في هذه الفواتير، الأمر الذي أثار تذمرا واستياء عارما في صفوف عينة كبيرة من المواطنين، الذين لم يستسيغوا هذه الزيادات، معتبرين أن الأمر غير معقول، لسبب بسيط هو أن شهر غشت هو شهر العطلة، ولا يمكن بأي حال قبول هذه الزيادات التي كانت بالنسبة إليهم فوق كل التصورات. المنحى الآخر وقال مصدر ل «المساء»، رفض ذكر اسمه، إذا كانت حكومة بنكيران قررت الزيادة في أسعار الماء والكهرباء بمبرر تصحيح مسار المكتب الوطني للكهرباء، فإن هذا الأمر أخذ منحى آخر في الدار البيضاء، حيث إن فواتير الكهرباء لشهر غشت تميزت بزيادة لم يكن أحد يضعها بعين الاعتبار واكتوى بنارها مجموعة من المواطنين الذين لا ذنب لهم، وأضاف المصدر نفسه، أنه إذا كان المواطن البيضاوي اعتاد خلال فصل الصيف على الزيادة في ثمن الكهرباء والماء لاعتبارات يجهلها، فإنه خلال شهر غشت الماضي كرس هذا التقليد، وقال: «لا يمكن بأي حال قبول الزيادة في بعض فواتير الماء والكهرباء، فالأمر ينعكس بصورة سلبية على المواطن البيضاوي، الذي يكتوي بقرارات الزيادات في العديد من المجالات إلى درجة أن مستوى المعيشة في هذه المدينة أصبح لا يطاق. واعتبر المصدر نفسه أن أي زيادة خارجة عما قررته الحكومة في مجال الماء والكهرباء تعتبر غير مقبولة ولابد من العدول عنها، معتبرا أن أي مبررات ترفعها شركة ليدك لتبرير هذا الموقف لا تستند لأي معطيات يمكن استساغتها، لأن شهر غشت بمثابة شهر عطلة بالنسبة للعديد من البيضاويين. العديد من سكان العاصمة الاقتصادية يؤكدون أن فوترة شهر غشت تكون مختلفة تماما عن باقي شهور السنة، حيث دائما ما يصطدمون خلال هذا الشهر بزيادات تفوق تصوراتهم، وقال أحد المواطنين «ربما يتم خلال هذا الشهر الاعتماد على التقدير، وهذا أمر غير مقبول، فلابد أن تكون التسعيرة وفق ما تم استهلاكه، لأنه ليس من المنطقي مثل هذه الزيادات التي تحرق جيوب فئة واسعة من سكان هذه المدينة». ضرورة تعديل وحدة القياس فاعل جمعوي انتقد بشدة في تصريح ل «المساء» الزيادة في أسعار الماء والكهرباء في شهر غشت، وقال بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك «الغريب في الأمر في كل ما يتعلق بالماء والكهرباء أن المكتب الوطني للماء والكهرباء يعاني من عجز مالي وهو الأمر الذي جعل قرار الزيادة في أسعار الكهرباء يخرج إلى الوجود، في حين أن الشركات التي تقوم بعملية توزيع الماء والكهرباء لم يسجل فيها أي عجز، بل إنها تحقق الأرباح، لأنها تكتفي فقط بعملية التوزيع»، وأوضح المتحدث ذاته أنه حان الوقت من أجل تعديل وحدة قياس الماء، حيث لا يمكن بأي حال القبول باستمرار العمل بوحدة قياس المتر المكعب، لأن لها انعكاسات سلبية على جيوب المواطنين، وقال «لقد اقترحنا في السابق تعديل وحدة القياس من المتر المكعب إلى اللتر الواحد، وذلك بهدف ترشيد نفقات المواطنين». وعما يؤكده بعض المواطنين حول ارتفاع في أسعار الماء والكهرباء في فصل الصيف، وخاصة في غشت، قال المتحدث ذاته «راه شركة التوزيع تقوم بعملها كاين المواطن في داروا ولا ماكاينش، المهم عندهم هو يتخلصو في هذه المهمة. شكاية إلى مدير ليدك رئيس جمعية التحدي في درب غلف، المهدي ليمنة، طالب في شكاية توصلت «المساء» بنسخة منها المدير العام بشركة ليدك بالتدخل لحل المشكل المرتبط بالارتفاع المسجل في فواتير الماء والكهرباء شهري يوليوز وغشت، وقال في الشكاية ذاتها « يؤسفني داخل جمعية التحدي للبيئة أن نتقدم إلى سيادتكم بشكاية حول ارتفاع أسعار الماء والكهرباء خلال شهري يوليوز وغشت الماضيين». وأكد رئيس جمعية التحدي، أن الارتفاع الأخير المسجل في بعض فواتير الماء والكهرباء أثر سلبا على عدد من المواطنين، حيث تزامن مع العطلة الصيفية والدخول المدرسي، إضافة إلى قرب عيد الأضحى، مما نجم عنه تذمر في صفوف عدد من سكان منطقة درب غلف. وعاد المهدي ليمنة للحديث عن القرار الأخير لحكومة بنكيران الزيادة في أسعار الماء والكهرباء، وأكد «لقد كنا ننتظر من الحكومة الزيادة في الأجر وتشغيل الشباب ودعم الفئات الهشة، فهل تنتظر منا الحكومة العودة إلى زمن الشموع والالتجاء إلى «السقايات». ليست شكاية جمعية التحدي الوحيدة التي توصلت «المساء» بنسخة منها، بل أيضا شكاية من قبل مكتب سانديك إقامة نور سيتي بسيدي مومن، حيث أكدت أن سكان هذه الإقامة فوجئوا بمبلغ حصة المشترك في الاستهلاك العام للماء، حيث بلغ، كما تقول الشكاية أزيد من 50 درهما للفاتورة الواحدة. الرأي الآخر سليمان زعواط، عضو لجنة تتبع شركة ليدك، حاول أن يدافع عن الزيادات في أسعار الماء والكهرباء في فاتورة شهر غشت، وقال ل «المساء» «خلال فصل الصيف، وخاصة شهر غشت ويوليوز يرتفع الإقبال بشكل كبير على استهلاك الماء والكهرباء من قبل المواطنين، حيث إن المواطن الذي يستحم مرة أو مرتين في الأسبوع، فإنه في فصل الصيف يرفع من معدل الاستحمام، إضافة أن العديد من المواطنين يفضلون السهر في ليالي الصيف، وذلك عكس موسم الأمطار، حيث ينام الكثير من المواطنين في ساعات مبكرة»، وأكد زعواط أنه يتوفر على معطيات دقيقة حول هذا الأمر، معتبرا أن الزيادة في استهلاك الماء والكهرباء في فصل الصيف أصبحت أمرا معروفا لدى عموم البيضاويين. دفاع زعواط عن ارتفاع أسعار الماء والكهرباء لم يمر بردا وسلاما على بعض ممن تحدثت إليهم «المساء»، ومن بينهم عبد المالك لكحيلي، مستشار في مجلس مدينة الدارالبيضاء، الذي أكد أن القضية غير مقبولة، مؤكدا أن الشركة حينما فازت بصفقة التدبير المفوض فإن عليها أن تقدم خدمات بجودة مرتفعة وأن أي زيادة في أسعار الماء والكهرباء غير مقبولة، وقال: «لا يمكن استساغة أي زيادة في أسعار الماء والكهرباء، وهذا أمر لا يمكن الموافقة عليه، لأنه يضر بشكل مباشر المواطنين في مدينة الدارالبيضاء». رمضان والعطلة الصيفية وقال مسؤول من شركة ليدك إن الفواتير المتوصل بها خلال شهر غشت في شقها الأعظم هي عبارة عن الاستهلاك الذي تم في شهر يوليوز، الذي صادف شهر رمضان والعطلة الصيفية، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع معدل الاستهلاك. وقبل أن تدخل الزيادة المقررة من قبل الحكومة حيز التطبيق عقد مسؤولو شركة «ليدك» في أواخر شهر غشت ندوة صحافية بمقر إدارة الشركة من أجل أن تبر ذمتها من أي زيادة في أسعار الماء كانت مخصصة فقط لموضوع واحد وهو الزيادة في أسعار الماء والكهرباء في حينها حاول مسؤولو الشركة أن يرسخوا في أذهان البيضاويين أن نسبة كبيرة منهم لن تكون معنية بالزيادة في أسعار استهلاك الماء والكهرباء. وأكدوا من خلالها أن لجنة تتبع التدبير المفوض المكونة من ممثلي السلطة المفوضة ووزارة الداخلية وليدك بحضور والي الدارالبيضاء والعامل مدير مديرية الوكالات والخدمات ذات الامتياز صادقت على الإجراءات التطبيقية للمقتضيات التعريفة الجديدة للماء والكهرباء في الدار البيضاء. الفوترة الجديدة وتم التأكيد خلال هذه الندوة على الاحتفاظ بالفوترة التدريجية بالنسبة للاستهلاك الشهري، التي تقل عن أو تعادل 12 مترا مكعبا للماء الشروب والتطهير (شطرين) و150 كيلواط في ساعة للكهرباء (شطرين)، وتم إحداث الفوترة الانتقائية وهي تهم الاستهلاكات الشهرية التي تتجاوز 12 مترا مكعبا للماء الشروب والتطهير (أشطر) و150 كيلواط ساعة للكهرباء (4 أشطر). أوضح مسؤول الشركة أنه بالنسبة الاستهلاك 124 كيلواط ساعة من الكهرباء فإن طريقة الفوترة المطبقة ستكون هي الفوترة التدريجية، نظرا لعدم بلوغ حد 150 كيلواط ساعة، وبالتالي سيتم فوترة 100 كيلواط ساعة في الشطر الأول و24 كيلواط ساعة في الشطر الثاني، أما بالنسبة للاستهلاك 190 كيلواط ساعة من الكهرباء، فإن طريقة الفوترة المطبقة ستكون هي الفوترة الانتقائية، نظرا لتجاوز حد 150 كيلواط ساعة، لذلك ستتم فوترة مجموع الاستهلاك بتعريفة الشطر الذي يوجد به، أي الشطر الثالث، أما بخصوص الماء، فإنه تم التأكيد أن نسبة استهلاك 8 أمتار مكعبة منه، فإن طريقة الفوترة المطبقة ستكون هي الفوترة التدريجية، نظرا لعدم بلوغ حد 12 مترا مكعبا، وبالنسبة لاستهلاك 13 مترا مكعبا من الماء فطريقة الفوترة المطبقة ستكون انتقائية، لتجاوز حد 12 مترا مكعبا. الجدل المستمر الزيادات في أسعار الماء والكهرباء كادت أن تفجر الأوضاع الاجتماعية في الدار البيضاء قبل أزيد من خمس سنوات، حيث جرى تنظيم العديد من الوقفات الاحتجاجية ونددت جمعيات كثيرة من المجتمع المدني بهذه الزيادات، وطالبت بعض الجمعيات بإبعاد شركة ليدك متهمة إياها بالزيادة في أسعار الكهرباء والماء، الأمر الذي جعل الشركة الحاصلة على صفقة التدبير المفوض للماء والكهرباء في الدار البيضاء منذ 1997 تخرج عن صمتها وتؤكد في مناسبات كثيرة أنها مكلفة بعملية التوزيع ولا دخل لها بأثمان الماء والكهرباء، إلا أن هذا الكلام وغيره لم يكن ليقنع الغاضبين من «ليدك» في الدار البيضاء متهمينها بالوقوف وراء كل الزيادات التي يعرفها هذا المجال، إلى درجة أن بعض المواطنين أصبح يحن إلى زمن الشمع وجلب الماء من السواقي، وقال أحد سكان المدينة، أسعار الكهرباء والماء مرتفعة وهذا الأمر لا نقدر عليه، حيث إن جزءا كبيرا من المدخول الشهري يخصص فقط لهذه الخدمة». ولم تكن تخلو دورات المجلس الجماعي للدار البيضاء من تنصيب محاكمات لشركة ليدك، حيث لم يكن بعض المنتخبين عن المعارضة والأغلبية في التجربة الجماعية السابقة أو الحالية يترددون في المطالبة بضرورة فسخ العقد مع هذه الشركة، لأنها تعمق من الأزمة الاجتماعية للمواطن البيضاوي، بسبب أسعار الماء والكهرباء، ما دفع مدير الشركة إلى حضور إحدى دورات المجلس من أجل الدفاع عن شركته ونفي كل الاتهامات التي تروج ضد الشركة.