حينما هدد قس أمريكي بحرق القرآن، عاد المسلمون لاستحضار حدث مماثل، وإن كان بخلفية أخرى، هو إحراق الخليفة الإسلامي عثمان بن عفان عددا من نسخ القرآن لوضع نسخة خاصة، بعد أن اكتشف كيف أصبح لكل جهة من دولة الإسلام قرآنها الخاص. كما عادت الذاكرة أيضا لحدث إحراق الخليفة عمر بن الخطاب مجموعة من الصحف التي جمعت فيها أحاديث الرسول (صلى الله عليه وسلم)، على ما ذكره ابن سعد في «الطبقات الكبرى»، إذ أورد «أن الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب، فأنشد الناس أن يأتوه بها، فلما أتوه بها، أمر بإحراقها ثم قال: «مثناة كمثناة أهل الكتاب». وذكر أيضا «أما عمر بن الخطاب فقد أمر بحرق مكتبة فارس، أي مكتبة ملوك الفرس التي كانت ولا شك تحتوي على ملايين الكتب»، لقوله لا كتاب بعد القرآن. غير أن هذه العادة سرعان ما أصبحت تقليدا عربيا لأسباب كان يختلط فيها السياسي بالديني. لقد تم إحراق مكتبة الإسكندرية لدرجة أن كتبها أخذت لتصنع من جلودها النعال. أما ورقها، فقد جعلوا منه وقودا للحمامات استمر لأربع سنوات، كما روى الزمخشري. لقد ظل العرب والمسلمون يتحدثون، بمناسبة وبدونها، على أنهم أولوا للعلماء والمفكرين مكانة كبرى، ولم يتعرضوا لمؤلفاتهم بأي أذى إذا ما قورنوا بما عاشه المفكرون الغرب، خصوصا في سنوات ما قبل الثورة الصناعية. غير أن الحقيقة شيء آخر. لقد عاش مجتمعنا العربي الإسلامي نفس الحكايات ونفس الظروف التي اعتمد فيها حرق الكتب وغسلها وإتلافها. فقد ظل حرق الكتب أو إتلافها يتم من خلال صيغتين فقط، أولهما إتلاف السلطة للكتاب، والسلطة هنا بجميع أنماطها، سواء كانت تتمثل في سلطة الحاكم، أو المجتمع، أو الفرد، أو تتمثل في سلطة الإيديولوجيا أو العادات، أو التقاليد. أما النوع الثاني، فهو الإتلاف الشخصي للكتب. ويكون لأسباب علمية، أو عقائدية، أو نفسية، وهو كثير في عالمنا العربي والإسلامي. لقد اعتمدت في العملية جملة من الطرق في إتلاف الكتب، منها الحرق، والغسل بالماء، والدفن، والإغراق، ثم التقطيع والحرق. وقد انطلقت قصة الحرق من القرن الأول الهجري، وبالتحديد من السنة الثانية والثمانين للهجرة، بكتاب «فضائل الأنصار وأهل المدينة»، الذي كتبه سليمان بن عثمان بن عفان ابن الخليفة. وحينما وصل الكتاب إلى الخليفة عبد الملك بن مروان عن طريق ابنه، وكان وليا للعهد، رفضه عبد الملك، بل أتلفه، لأن سليمان لم يكن يعترف بفضل الأنصار في الفتوحات والجهاد، بل كان يجهل كل شيء عنهم، وكانت معرفته عكس ذلك تماما، وما كان ذلك إلا بتأثير من إعلام السلطة الأموية التي تنسب الفضل لبني أمية دون غيرهم. وتحكي كتب التاريخ أن ما لا يقل عن 35 اسما من المفكرين والعلماء اضطروا إلى حرق كتبهم بمبادرة شخصية، ومن بينهم أبو حيان التوحيدي، وأبو عمرو بن العلاء، وابن سينا، والماوردي، رغم أنه ليس هناك من عالم أو شاعر يحرق كتبه، إلا إذا كان ذلك بدافع الخوف من الانتقام منه بالجلد، أو قطع الرأس بالسيف، لاتهامه بالزندقة، خصوصا وقد قتل الكثير بتهمة الزندقة، منهم مفكرون علقوا على جسر بغداد. كما تفيد الأخبار كيف أن ابن سينا اتهم بالإلحاد، وكيف تاب وتصدق وصار يختم القرآن كل ثلاثة أيام، وقد تبرأ من كثير من أفكاره. للحرق تاريخ طويل غير أن الحرق له تاريخ طويل. ومن الحوادث البعيدة تدمير مكتبة آشور بانيبال، وإحراق أخناتون النصوص التي تختلف مع فكرة الوحدانية التي كان يدعو إليها، إذ قام الكهنة بحرق كتبه حينما مات. وإحراق مكتبة الإسكندرية حيث جعلت كتبها العامرة حطبا للحمامات لأربع سنوات. وقد اعتبر حرقها أكبر كارثة حلت في تاريخ التدمير والحرق، لأنها كانت في زمانها من أكبر المكتبات في العالم. ثم إحراق الإمبراطور الصيني «كين» الكتب بدافع سياسي غرضه توحيد الصين، وحينما احتج أربعمائة عالم على إحراق هذه الكتب، دفنهم أحياء. وفي الأندلس، أحرقت كتب ابن رشد على عهد ملوك الطوائف. كما أحرق صلاح الدين الأيوبي المكتبة الفاطمية ودمرها. بالإضافة إلى تدمير مكتبة المنصور في قرطبة في عام 1000. واضطر عدد من المفكرين والعلماء إلى حرق كتبهم بمبادرة شخصية خوفا من بطش السلطان، كما كان عليه أمر الفقية له الزاهد داوود الطائي، الذي تخلص من كتابه الذي كان يسمى «تاج الأئمة»، حيث ألقى به وبعدد من كتبه في البحر. والزاهد المعروف يوسف بن أسباط، الذي أخفى كتبه في غار في جبل وأغلقه عليها، وأبو سليمان الداراني، الذي أحرق كتبه ووضع رمادها في تنور وقال: «والله ما أحرقتك حتى كدت أحترق بك»، وسفيان الثوري الذي نثر كتبه في الريح بعد تمزيقها وقال: «ليت يدي قطعت من ها هنا بل من ها هنا ولم أكتب حرفاً»، وأبو سعيد السيرافي الذي أوصى ابنه أن يطعم كتبه النار. كانت السلطات تمارس العنف ضد العلماء، لهذا كانت تحرق كتبهم بأيديها بدءا من «أبو ذر الحافظ» ثم «أبو السعود» و «الزاهد» و«الدارمي» و «الطائي» و«ابن جبير» و«الربعي» وأبو حيان التوحيدي» و»القرطبي» وغيرهم من العلماء والمفكرين. الحرق يشمل الجميع في سنة 82 للهجرة، أمر الخليفة سليمان بن عبد الملك بحرق نسخ مكتوبة ورد فيها ذكر الأنصار في غزوة بدر وبيعتي العقبة. لأنه فقط لم يكن يرى للأنصار هذا الفضل. وفي سنة 163 للهجرة، أمر الخليفة المهدي بتقطيع كتب أنصار المقنع، الذي خرج عليه بخراسان، وذلك بعد أن قتلهم وصلبهم وكانوا من المسلمين. وفي سنة 322 للهجرة، قال ابن الأثير في كتابه «الكامل في التاريخ» أحضر أبو بكر بن مقسم، وهو من النوابغ في عصره، ببغداد وقيل له إنه: «قد ابتدع قراءة لم تعرف، وأحضر ابن مجاهد والقضاة والقراء، وناظروه فاعترف بالخطأ وتاب منه، وأحرق كتبه» لقد اعترف بالخطأ، وتاب منه دون ذكر الخوف من الجلد أو قطع العنق. كما كان حرق الكتب سائدا بحجج الزندقة، وباعتناق الموروث المانوي في الثقافة الفارسية، أو بتهم الإلحاد. وقد كان موقف الخليفة العباسي المهدي، شديد التعصب نحو المانويين، حيث اتهمهم بالزنادقة فقتلهم وأتلف كتبهم. كما لم يقبل منهم التوبة. من ذلك ما وقع لابن المقفع، الذي اختلفوا في أمره. فهناك من قال إنه زنديق، وهناك من قال إنه ثائر خرج على الدولة العباسية. أما الزندقة، فكانت صفة ألصقت به لتبرير قتل المناهضين للخليفة. لقد اتهمه الخليفة بالزندقة، فأمر المهدي بقتله من بين جملة من اتهمهم بالزندقة فقتلهم وحرق كتبهم. لم تنته الاتهامات بالزندقة بنهاية هؤلاء بالانتقام منهم، بل اجتهد في القضاء على الموروث المانوي في الثقافة الفارسية. فقد ذكر ابن الجوزي في كتابه «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم» أيضا أنه «في نصف رمضان أحرق على باب العامة صورة ماني وأربعة أعدال من كتب الزنادقة». كان قتلهم دون شفاعة، رغم أن الفرس تمسكوا بمعتقداتهم الوثنية، وكان البعض منهم يصلي مع جماعة المسلمين، إلا أنهم كانوا يعبدون إلههم في خلوتهم. ومن أشهرهم الشاعر بشار بن برد، الذي كان صريحا في مانويته. صاحب « الإمتاع والمؤانسة» يحرق كتبه احتجاجا لسفيان الثوري مقولة شهيرة كان التوحيدي معجبا بها تقول: «من يزدد علما يزدد وجعا. ولو لم أعلم، لكان أيسر لحزني». لذلك لم يجد أبو حيان التوحيدي، الذي تصف كتب التاريخ مرة أنه فيلسوف ومرة أنه من رجالات الصوفية، غير هذه الرسالة ليبرر ما أقدم عليه حينما أحرق كتبه. بل إن الظروف التي عاشها صاحب «الإمتاع والمؤانسة» في أواخر حياته، حيث انتهى فقيرا معوزا، هي التي كانت سببا مباشرا فيما انتهى إليه. قال في رسالته: «ثم اعلم أن هذه الكتب حوت من أصناف العلم، سره وعلانيته، فأما ما كان سراً فلم أجد له من يتحلى بحقيقته راغباً، وأما ما كان علانية فلم أصب من يحرص عليه طالباً، ومما شحذ العزم على ذلك، ورفع الحجاب عنه أني فقدت ولداً نجيباً، وصديقاً حبيباً، وصاحباً قريباً، وتابعاً أديباً، ورئيساً منيباً، فشق عليَّ أن أدعها لقوم يتلاعبون بها، ويدنسون عرضي إذا نظروا فيها، ويشمتون بسهوي وغلطي إذا تصفحوها، ويتراؤون نقصي وعيبي من أجلها». وتعد هذه الرسالة وثيقة تاريخية مهمة، لا يمكن لباحث أن يتجاهلها، وهو يحاول معرفة الدوافع الحقيقية التي قادت التوحيدي إلى إحراق كتبه. ونستخلص منها أنه عاش ثنائية متبادلة بينه وبين عصره، فهو يندم على ما كتب، ويشعر بالظلم نتيجة ما لاقاه وما عاناه، ونتيجة ظلم السلطة والمجتمع له أيضاً في آن واحد. ولكن لم يعرف عدد الكتب التي أحرقها ولا مضامينها، ولا فيما إذا كانت كلها أو بعضها. يقول السيوطي في «بغية الوعاة»: «إن النسخ الموجودة، من تصانيف التوحيدي قد كتبت عنه إبان حياته، وخرجت من قبل إحراقها». وأخيراً إن ما أحرقه قد ذهب ومضى، ولكن ما بقي من آثاره ينم عن عبقرية فذة فريدة في عالم الفكر والأدب، خصبة رحبة عميقة التفكير، بارعة التعبير، رائعة التصوير. لقد أحرق التوحيدي مؤلفاته في أواخر حياته، لأسباب اختلفت اجتهادات النقاد والمؤرخين في حقيقتها، على الرغم من أن ثمة شبه إجماع على أن الرجل ضاق ذرعا بظروف الحياة، ورأى كيف انقلب عليه أولائك الذين كانوا يهتمون بفكره. لذلك رأى أن الكتب لم تعد تجد نفعا فقرر التخلص منها بالحرق. هو التوحيدي أبو حيان علي بن محمد بن العباس، الفيلسوف الأديب والمتصوف. ولد في بغداد، وعاش في القرن الرابع الهجري إبان ازدهار الحضارة العربية الإسلامية. نشأ التوحيدي في بيت عمه بعدما تيتم صغيرا، وكانت طفولته بائسة مليئة بالشقاء. عمل بالوراقة في بغداد، بعدما تعلم العلوم وأتقنها، حتى صار من المعدودين في عصره. وصفه ياقوت الحموي في معجمه للأدباء فقال: «هو شيخ الصوفية وفيلسوف الأدباء، وأديب الفلاسفة، ومحقق الكلام، وإمام البلغاء، وكان متفننا في جميع العلوم من النحو واللغة والشعر والأدب والفقه والكلام على رأي المعتزلة». وقال عنه ابن خلكان في الوفيات: «كان فاضلا مصنفا». إنه أحد أدباء وفلاسفة القرن الرابع الهجري، فقد كان شخصية مطلعة، تستخلص الأسئلة عن كل ما يقع أمامها، سواء كانت المسائل خلقية أو اجتماعية أو لغوية أو اقتصادية أو نفسية أو فلسفية، وعرف عنه أنه كان واسع الاطلاع، ذا همة كبيرة نحو التحصيل والإقبال على العلم والتأليف. وقد عبر في كتبه عن انتقاده للوضع، وسخطه من الواقع السياسي والاجتماعي السائد في عصره. بعد أن نشأ في بيت عمه وتعلم وعمل بالوراقة والنسخ، سافر إلى الري وصحب أبا الفضل بن العميد وبقي عنده ثلاث سنوات، ثم عاد إلى بغداد ليعمل بالوراقة من جديد كسبا للقمة العيش. وفي السنة نفسها، التقى بأبي الوفاء البوزجاني ثانية، وهو المعروف بعلومه الرياضية والفلكية، وبعد سنتين صحب أبا الحسن العامري الفيلسوف وتأثر بأسلوبه في الفقه الممزوج بالفلسفة. سطا العيارون على منزله وسرقوا منه كل ما فيه، وقد أثبت ذلك في كتابه «الإمتاع والمؤانسة». توجه إلى أبي الفتح ابن العميد، لكنه لم يلبث عنده إلا سنة واحدة، حيث أصيب بخيبة الأمل، ثم عمل عند ابن عباد كاتبا وناسخا لكتبه ورسائله من قبل أن يعود ثانية إلى بغداد هاربا منه، لأنه طلبه ليقتله بعد حادثة لعب الحساد فيها دورهم، بعد ذك عمل حارسا للبيمارستان العضدي ببغداد، لكنه ترك هذا العمل بعد سنتين. انقطعت أخباره في سنة 400ه، ويرجح أنه توفي في سنة 414ه بشيراز. لقد قضى التوحيدي معظم حياته في بغداد، وتلقى فيها علومه على يد عدد من العلماء الأفذاذ، وتسنى له خلال مشوار حياته الحافل بالعطاء، تأليف الكثير من المصنفات القيمة، التي تدل على غزارة علمه، وعمق فكره، واتساع أدبه، على الرغم من أنه لم يتبق منها غير 32 مؤلفا بين كتاب ورسالة مختلفة الموضوع والطول، فُقد صنفها وطبع من الباقي 17 وهي الأكثر أهمية والأكثر شهرة، ومنها كتاب «الإشارات الإلهية والأنفاس الروحانية»، وهو 54 رسالة وجهها إلى طلابه. و«الإقناع في الفلسفة»، وهو من الكتب المفقودة. ثم «الإمتاع والمؤانسة» وهو من ثلاثة أجزاء، وهو وثيقة مهمة للتعرف على الحياة الاجتماعية والفكرية أيام البويهيين. و«بصائر القدماء وذخائر الحكماء»، الذي استمر في تأليفه 15 سنة، حيث جمع فيه عدة فنون وموضوعات مختلفة ومتباينة، وقد قال في ذلك: «هذا الكتاب كبستان يجمع ألوان الزهر، وكبحر يضم أصناف الدرر». وكتاب «التذكرة التوحيدية»، الذي يعتبر هو الآخر من الكتب المفقودة. ثم كتاب «الحج العقلي إذا ضاق الفضاء عن الحج البشري»، والذي ذكره ياقوت في معجمه. وكتاب «الرد على ابن جني في شعر المتنبي» الذي ذكره ياقوت أيضا. و»الصداقة والصديق» الذي قام بتأليفه سنة 371ه، وبيّضه سنة 400ه، وزاد عليه من تحريره له بعد ثلاثين سنة، والكتاب صرخة مدوية تعلن إفلاس العصر من الصداقة والأصدقاء الحقيقيين. «مثالب الوزيرين»، وهو رسالة تناول فيها أخلاق الوزيرين الصاحب بن عباد وأبي الفضل بن العميد بصورة نقدية لاذعة. اختار صاحب «الإمتاع والمؤانسة» طريق الحرق لأنه كان يدرك أن المحيطين به ضاقوا به ذرعا. وفهم أن وضع العلم في غير أهله مصيره الهجر والنكران، لذلك ظل يستشهد بحكاية «المبشر بن فاتك» وكان من وجهاء وأمراء مصر وأفاضل علمائها، فقد أتلفت غيرة نسائه كتبه، إذ ما أن مات حتى دخلت واحدة من زوجاته إلى خزائن كتبه ومعها جواريها يندبنه ويلقين بكتبه فى بركة ماء كبيرة وسط الدار، غيظًا منها، لأن هذه الكتب هى التى شغلته عنها. «الطبيب الرازي يحرق كتبه تظل حكاية الطبيب أبي بكر الرازي هي الأشهر من بين من حرقت كتبهم من قبل الحاكم في التاريخ العربي الإسلامي. فمحمد بن زكريا الرازي، الطبيب الفيلسوف، الذي قيل إنه صنف للملك منصور بن نوح، أحد ملوك السامانية، كتابا في الكيمياء فأعجبه ووصله منه ألف دينار. ثم قال له: «أريد أن تخرج من القول إلى الفعل». فقال الرازي: «إن ذلك يحتاج إلى مؤن وآلات وعقاقير». فقال الملك إنه سيأمر بإحضار كل ما يريده. فلما ضعف وجبن عن مباشرة ذلك، قال له الملك: «ما اعتقدت أن حكيما يرضى بتخليد الكذب في كتب ينسبها إلى الحكمة يشغل بها قلوب الناس في ما لا فائدة فيه .. لا بد من عقوبتك على تخليد الكذب في الكتب». ثم أمر أن يضرب بالكتاب الذي وضعه على رأسه إلى أن تقطع. فكان ذلك الضرب سبب نزول الماء في عينيه. وتلك حادثة تدل على تدن في العقلية التي حاكمت وعاقبت محمد بن زكريا الرازي، الذي يعتبر الطبيب الأول في التاريخ الذي أوجد «التدوين السريري» في تاريخ الطب في العالم، وهي العملية التي ما تزال قائمة في عصرنا. والواقع أن المدونين الغربيين اعترفوا بفضله على الطب، وأشادوا به في تسجيلاتهم التاريخية، في الوقت الذي ضربه الحاكم منصور بن نوح على رأسه إلى أن تقطع كتابه.