وجد نور الدين بنسودة، الخازن العامّ للمملكة، الفرصة مواتية خلال تقديم المرسوم الجديد المتعلق بالصفقات العمومية، أمس في مقر الخزينة العامة للمملكة في الرباط، لبعث رسائل صريحة ومشفرة حول التدبير الشّفاف للمال العامّ. وأكد بنسودة، الذي التصق اسمه منذ شهور بما أصبح يعرف ب»بريمات مزوار وبنسودة»، خلال هذا اليوم الدراسي، أنّ ملايير الدراهم الخاصة بالمُشترَيات العمومية، والتي يتم تدبيرها عبر نظام الصفقات العمومية، تؤكد ضرورة معرفة ومراقبة كيفية صرف المال العامّ، وهو الأمر الذي يثير أيضا اهتمام المجتمع المدني والبرلمانيين، خاصة أمام تواجد عدد مهمّ من المتدخلين المتمثلين في المشترين العموميين والممونين وأجهزة المراقبة الإدارية، كالمفتشية العامة للمالية، أو القضائية، كالمجلس الأعلى للحسابات. وشدّد بنسودة على ضرورة التوفر على رؤية واضحة بخصوص كيفية تدخل الدولة في مجال الصفقات العمومية، حيث سجّل أن «المرسوم الجديد يعزز أسس المنافسة والشفافية والفعالية في مجال تدبير الصفقات العمومية وتطوير الضمانات الخاصة بالمقاولات المتنافسة وتحسين الميكانيزمات الخاصة بالمنازَعات».. بيد أنّ الخازن العام للمملكة، ورغم «اقتناعه بأهمية الإصلاحات التي جاء بها المرسوم الجديد للصفقات العمومية»، فإنه عاد ليؤكد أنّ «هذه الإصلاحات ستوضع على المحكّ عندما يبدأ تطبيقها، وهنا سنعرف إن كانت لهذه الإصلاحات نتائج ملموسة أم إنها مجرّد نصّ قانوني».. ومن أبرز مَعالم الإصلاح التي جاء بها النص الجديد في مجال الحكامة والشفافية تأكيده على ضرورة نشر المبلغ التقديري للصفقة وتحديد محتوى تقرير افتحاص الصفقات، الذي يقوم الوزير المعني أو مدير المؤسسة العمومية المعنية بنشر ملخص له في البوابة الخاصة بالصّفقات العمومية. كما جاء المرسوم بإجراءات تهمّ تضارب المصالح ومحاربة الرشوة، حيث يمنع النص الجديد أعضاء المتدخلين في الصفقات العمومية من الحصول على أي مكافأة من طرف المتنافسين، والامتناع عن الدخول معهم في أي علاقة من شأنها أن تمسّ بموضوعيتهم ونزاهتهم واستقلاليتهم. وهمّت الإصلاحات الجديدة تدعيمَ وحدة الأنظمة المؤطرة للصفقات العمومية، من خلال مرسوم موحد لصفقات الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها والمؤسسات العمومية والخدمات المعمارية. كما نص على ضرورة تبسيط وتوضيح المساطر من خلال تعزيز وتقوية كفاءة المشترين العموميين من حيث فعالية وجودة إنجاز الصفقات العمومية. وبخصوص الإجراءت التي تهمّ المقاولة الوطنية، تضمَّن المرسوم الجديد إصلاحات جديدة لتسهيل ولوج المقاولات الصغرى والمتوسطة إلى الصفقات العمومية، من قبيل تخصيص 20 % من المبلغ التوقعي للصفقات لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة. ولتحسين الضمانات الممنوحة للمتنافسين في مجال مساطر الطعون والشكايات، فقد تم اعتماد آليات جديدة، منها تمكين المتنافسين من تقديم طعونهم وشكاياتهم أمام لجنة الصفقات بشكل مباشر. وفي مجال تكنولوجيا الإعلام والتواصل في تدبير الطلبيات العمومية، تم تجريد المساطر المنظمة للصفقات العمومية من الصفة المادية كرافعة لجودة التسيير والحكامة الجيدة في مجال الشراء العمومي، كإيداع وفتح وتقييم العروض الإلكترونية والمناقصات الإلكترونية وقاعدة المعطيات الإلكترونية للمقاولين وغيرهم.