في سابقة من نوعها، انتفض الاستقلالي كريم غلاب، رئيس مجلس النواب، في وجه رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران على خلفية مناقشة الحكومة لمشروع القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة، حيث صرخ غلاب في وجه بنكيران قائلا: «سأقول رقما مستفزا وأستسمح على ذلك.. الحكومة، في شخص رئيسها، تمثل واحدا من أصل 666 شخصا لهم حق المبادرة التشريعية». وأكد غلاب، في الهجوم الذي شنه على رئيس الحكومة خلال افتتاح أشغال المناظرة الوطنية حول «الحق في الحصول على المعلومات: رافعة الديمقراطية التشاركية» المنظمة صباح أمس في الرباط، أن الحكومة في شخص رئيسها تمثل «واحدا من أصل 666 شخصا، لأن حق المبادرة التشريعية يتمتع به أعضاء مجلس النواب الذين يمثلون 395 عضوا، وأعضاء مجلس المستشارين الذين يصل عددهم إلى 270 عضوا، إضافة إلى رئيس الحكومة، والمجتمع المدني والمواطنين». وقال غلاب محتجا على بنكيران الذي خاطبه بالقول «راك ماحسبتيش مزيان»: «لا تقاطعني ألسي رئيس الحكومة الله يجازيك بخير... وإضافة إلى الحق في المعلومة، عليكم معالجة إشكالية الحق في التعبير». ولم يفوِّت عضو اللجنة التنفيذية للاستقلال فرصة مهاجمته للحكومة دون أن يثير موضوع الحوارات الوطنية، حيث قال غاضبا في المناظرة التي احتضنها أحد فنادق العاصمة الرباط: «لماذا تجرى الحوارات الوطنية في الفنادق عوض المؤسسة البرلمانية؟... فإذا أُجرِيَت في البرلمان فإنها ستعرف حضور السادة النواب والنائبات، وميزان القوى الذي تفرزه الانتخابات له تأثير على النقاش». وأثارت مداخلة كريم غلاب جدلا كبيرا داخل القاعة المحتضنة للمناظرة، حيث علق عليها الوزير الحركي عبد العظيم الكروج، المكلف بالوظيفة العمومية، بالتأكيد على أنه كان يأمل ألا تبتعد مداخلة رئيس مجلس النواب عن الموضوع؛ فيما قال الشيخ بيد الله لحظة صعوده إلى المنصة لإلقاء كلمته: «سأتدخل في وقت ارتفعت فيه الحرارة»، بينما عقب بنكيران حين اختتام بيد الله لكلمته: «كلمتك خفضت الحرارة». إلى ذلك، وجه رئيس الحكومة، في كلمته الافتتاحية، رسائل قوية إلى مسؤولي الإدارات العمومية، بتأكيده أن «إدارة التحكم لم يعد لها مجال في بلدنا»، وأن «كل من يحاول أن يرجع بنا إلى الوراء فإنه يضيع وقته ووقتنا ووقت المواطن». واعترف رئيس الحكومة بأن «الأمور لم تتغير بالطريقة التي كنا نأملها»، مشددا على «ضرورة التفاني في خدمة الصالح العام لأن الإدارة ملك لكل المواطنين». وطالب بنكيران مسؤولي الإدارات العمومية ب«تطبيق القانون والتفاعل معه بطريقة صادقة مبدئية، وإلا فلن يكون للنص أثر رغم كونه جيدا»، مسجلا أن الحق في الحصول على المعلومة يعد أحد المفاتيح الرئيسية لمحاربة الفساد. وأوضح رئيس الحكومة أن «المواطن يتفاعل دائما مع المبادرات الحسنة، ولكنه عندما يجد أن هذه المبادرات لا يتم تطبيقها على أرض الواقع، وبطرق تكون أحيانا مغرضة، فإنه يترك النقاش للأكاديميين والسياسيين المحترفين». وأضاف بنكيران أنه «لا يمكن للممارسة أن تعرقل تطبيق نص القانون، وإذا كان هناك شيء سيضايقنا مستقبلا فعلينا أن ننظر فيه»، مشيرا إلى أن «من يريد أن يرفض الحوار ويقاطعه فله واسع النظر، ولا يمكن لأي حكومة في العالم أن تنجز الإصلاح إلا بتعاون الجميع، وإلا فإن هذا الإصلاح سيكون مهددا ويبقى صيحة في واد».