عفوا إنها أمّي.. عفوا إنها صاحبة الرّحم، حيث نفخت في الروح.. عفوا، إنها صاحبة الثدي الذي منه رضعت.. وأيضا الظهر حيث ركبت.. وبين ذراعيها الحنونين كبرت... وإذن اذهبي عندها.. جواب تتلقاه كل واحدة فينا حين يواجهها الزّوج بحقيقة شعوره تجاه والدتها، التي يحسّ أنها «شريكته» في زوجة، أوصته برعايتها حين تقدم طالبا يدها قائلة: «خذيتي عِينيّ شوفْ بيهم وحافظ عليهومْ».. لكنْ ما إنْ تمرَّ الأيام حتى يتناسى توسّلات الأم حين مغادرة ابنتها حياة العزوبية برعايتها وصون كرامتها وحمايتها.. فهي أم كل واحد فينا، رجلا أو امرأة.. هي التي نظل في أعينها «أطفالا» ونحتاج إلى مساندتها، رغم كوننا بدورنا أصبحنا آباء وأمّهات لأطفال لا تبخل في مدّ يد العون لرعايتهم وتعويضهم غيابنا عنهم. لا تنسَ أننا مَهْما كبرنا وتدرّجنا في اسلاك الحياة فإننا ما زلنا أطفالا صغارا في أعين أمّهاتنا، أيها الزوج الفاضل.. أوَليس من العيب على الواحدة منا أن تتنكر لشَيب غزا شعر أمّ، فداء لشبابنا؟.. اسمح لي بالسؤال، لعلّي أجد جوابا، يجعل كل زوجة تتخبط بين نار الزّوج والأم تطيع مخلوقا يُنعت بالزوج وتعصى الخالق، هل جزاء الأم فينا، بوصفي كذلك، هو النسيان، النكران وحتى العصيان.. هذا الأخير وإن ادّعته الواحدة فينا من أجل الحفاظ على زوجها وأسرتها، فإنها لا محالة ستواجَه بالخذلان، لتكتشف أنّ الأم ما هي إلا حجة لتنفيذ مخطط الإطاحة بجدران «عشيش» بحث عنه الحبيبان ويداهما متشابكتان، حين بحثِهما بإصرار ولسان حالهما يُردّد «آلعشيش فينك»؟ عشّ الزوجية، ليشهد على أول أيام حبهما، الذي قد يصبح، بوشاية شيطان، زيفا وبُهتاناً... فالزوج حين يغضب «يعاقب» الزّوجة بأن يحطم عشها ويرمي بها خارجه ليلا أو نهارا من دون رحمة، إلى «الطّروطوار»، بينما الأم تفتح الباب في وجهها وتمسح الدّمع عن جفونها وأطفالها وهي تقول: «والله يا دارْ بويا ما نعاديكْ وأنا غانرجعْ شي نهار ليكْ».. وتشمّر على ذراعيها وأنيابها للنيل مِن كل من سولت له نفسه الإقتراب من فلذة كبدها».. وإذن فالمقارنة صعبة.. شتان بين أم تبكي لبكاء فلذة كبدها وتتألمّ لمرضها وتصرّ على معانقتها رغم كل شيء.. وزوج قد يخون زوجته مع أخرى، لمُجرّد عجزها عن الوفاء بحقّ السرير.. أطرح سؤالا على كل زوج، يجعل من الأم شمّاعة على قرار الدّوس على كرامة امرأته وأبنائه: في نظرك مَن الأَولى بتقبيل أقدامها: الأمّ أم الزّوج؟ من الأولى بالاعتذار إليها.. الأمّ أم الزوج؟ فالأم علّمت بطلة «نبضاتي» الكلام ..علمتها كيف تطهو لك الغذاء والعشاء.. كيف تُحسن معاملتك وتمنحك حقوقك في الفراش.. علّمتها أولى الدروس في الحياة.. فبعد الفطام.. تلقننا أمّهاتنا أول درس بكون «الغدر» موجودا في الحياة.. إذن، ليس ارتباط الواحدة منا بوالدتها ظلما لأحد، غير أننا نعتبر الأمر جزءا من ردّ الجميل، الذي تنتظره كل أم تحمل أطفالها كقطة بأسنانها خوفا عليهم من عدو مُحتمَل لا تحس بوجوده إلا هي.. على لسان «بطلتي»، التي أعلنت في وجه زوجها الذي جعل من حماته قنديلا أحرق في زيته أسرة بكاملها، تتكون من أ م و3 أطفال أكبرهم يبلغ من العمر 7 سنوات.. من خلال «نبضاتي»، أقول لكل رجل يجعل من أم زوجته حجة للانتقام والفتك بأسرة، ردت بحرقة ظلم اشتغل بدواخلها.. تلك التي تشمتمها.. أمي، تلك التي تحتقرها.. أمي.. أمي التي سأنادى باسمها حين ألاقي ربّي، وهذا لا يعني أنّ في طاعتها مسا بك، فلكل مكانه في قلبي، فلِمَ تخيّرني بينها وبينك؟ وأنت لم تظهر في حياتي إلا مؤخرا، وهي التي تألّمت لألمي وتمنّت، في مرّات عدة، لو تمرض مكاني!.. واليوم، حين قرّرتَ أن تفرح بي وتراني زوجة وأمّاً في بيتي تخيّرني بين رضاها ورضاك.. إذن -ختمت-عفوا، إنّها.. لمّيمة لحْنينة!..