تسبّبَ المرسوم الصادر عن رئاسة الحكومة، القاضي ببدء التحديد الإداري لغابة «بوريحال»، في منطقة أنجرة، قرب طنجة، استعدادا لتحفيظها باسم المديرية الجهوية للمياه والغابات، في حالة ذعر في صفوف سكان جماعتي «تغرامت» و»قصر المجاز» وعدد من مناطق عمالة فحص أنجرة، المتخوفين من انتزاع ملكية أراضيهم الفلاحية. واحتج المئات من السكان على ما وصفوه ب»المخطط الغامض» الذي يروم تحفيظ أملاك خاصة لسكان توارثوا أراضيهم منذ مئات السنين، ووصفوا ما يجري بأنه «محاولة جديدة لنزع ملكية السكان وتحويلها إلى جهات مشبوهة، بعد تحويلها الرسمي والمؤقت إلى إدارة المياه والغابات». وحسب السكان، فإن المساحة المُحدَّدة ضمن المرسوم الموقع من طرف رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، تضمّ مساحات من أراضي الجموع وأراضي الخواص والمساكن والمباني، التي يملك السكان المحليون وثائق تثبت ملكيتهم لها عبر الوراثة أو الشراء. وأورد السكان أنهم سيقفون ضد التحديد النهائي للمساحة التي تضمّ أملاكهم، واصفين القانون الذي تستند عليه المندوبية السامية للمياه والغابات ب»الاستعماري»، وقالوا إن نواب الجماعة السلالية والمستشارين الجماعيين في جماعتي «تاغرامت» و»قصر المجاز»، القرويتين، يتضامنون معهم وإنهم مستعدون لتقديم استقالاتهم احتجاجا على هذا القرار. من جهتها، قالت المديرية الجهوية للمياه والغابات إن عملية التحديد الإداري التي تأجلت عن موعدها، المحدد في 3 شتنبر، بسبب عدم صدور القرار في الجريدة الرسمية، لا تهدف إلى ضمّ أراضي الخواص وإنما فقط إلى التحديد الإداري للمساحة الغابوية من ضمن منطقة «بوريحال»، التي تحمل قرينة غابوية بموجب ظهير 10 أكتوبر 1917. وقال المدير الجهوي لمصلحة المياه والغابات في طنجة، رشيد الشبيهي، إن السكان الذين يملكون حججا تثبت تملكهم أراضيّ أو مساكن في المنطقة عليهم أن يتقدموا بتعرّض لدى لجنة التحديد، التي تضمّ ممثلين عن مصلحة المياه والغابات ووزارة الداخلية، في أجَل لا يتعدى 3 أشهر، ويتم إخراج تلك الممتلكات بشكل مباشر من المساحة الغابوية في حالة ما إذا كانت مساحتها صغيرة، أما إذا كانت مساحتها شاسعة فتتم إحالة الملف على المحكمة، التي تحكم لصالح المتعرض في حال توفره على الإثباتات القانونية. غير أن المدير الجهوي للمياه والغابات قال إن احتمال توقف عملية التحديد الإداري واردة، على غرار سابقاتها في مناطق أخرى من طنجة، لكنه كشف أنّ ذلك لن يكون في مصلحة السكان، حيث إن الأراضي ذات القرينة الغابوية غير المحددة إداريا يُمنع قانونا أن تباع أو تشترى أو تُحفَّظ، وحذر المتحدث من أن هناك أشخاصا استولوا على أراضٍ غابوية بدون حجج هم الذين يُحرّضون على التصدي لعملية التحديد الإداري. غير أن السكان يقولون إن الدولة «تساهلت» كثيرا مع ناهبي الأملاك السلالية، ومن بينهم رجال سلطة ومنتخبون وخواص، وأن عملية النهب ما تزال مستمرة وأن «الحكومة لو أرادت محاربة هذا النهب فيمكنها ذلك بوسائل مختلفة تماما عما تقوم به الآن». وأضاف السكان أن أغلب الأراضي الغابوية التي يتم تحفيظها تحت يافطة «المياه والغابات» تتحول، فجأة، إلى جهات أو مؤسسات قوية، مثل مؤسسة طنجة المتوسط، التي سبق أن استحوذت على مساحات شاسعة في المنطقة بدعوى المصلحة العامة، وأن عملية التحفيظ الحالية لن تخرج عن هذا الإطار.