في ظل البحث الدولي المغطى إعلاميا في مساعي منع إيران من الوصول إلى قدرة نووية عسكرية، يجري بعيدا عن العناوين الرئيسية سباق تسلح تقليدي غير مسبوق في الشرق الأوسط. كميات هائلة من الأجهزة والوسائل القتالية تباع، ولاسيما من الولاياتالمتحدة، وبالأساس إلى دول الخليج. في السنوات الأربع الأخيرة، اشترت السعودية معدات عسكرية بقيمة 52 مليار دولار، واشترت دولة اتحاد الإمارات سلاحا بقيمة 17 مليار دولار، بل إن الولاياتالمتحدة تخطط لأن تزود بعضا من الدول بطائرات قتالية متطورة عديدة من طراز F-15 SA وكذا منظومات دفاع جوي متطورة من طراز THAAD. منذ الصراع الكبير الذي أدارته إسرائيل ضد بيع طائرات «ايواكس» للسعودية قبل أكثر من 30 سنة، توصلت الولاياتالمتحدة وإسرائيل إلى تفاهم هادئ في كل ما يتعلق ببيع السلاح الأمريكي المتطور للدول العربية. إضافة إلى ذلك، نشأت في السنوات الأخيرة مصلحة إسرائيلية أيضا في أن تتلقى دول معينة سلاحا أمريكيا متطورا يحسن قدرتها على مواجهة التحدي الإيراني، وليس فقط النووي. تشديد التزام الولاياتالمتحدة بأمن حلفائها العرب من خلال تزويدهم بوسائل قتالية من إنتاجها، وإشراكهم في مخططات الدفاع ضد الصواريخ في المنطقة، يتطابق أيضا والمصالح الإسرائيلية لأنه يشدد الضغط على إيران وكفيل بأن يسهل على تلك الدول تبني خط أكثر حزما ضد طهران. وعند الحاجة، فإن بعضا من منظومات الدفاع ضد الصواريخ يمكنها أن تساعد (ولاسيما في ملاحقة الأهداف)، في الدفاع عن إسرائيل أيضا. تعزيز القدرات التقليدية لهذه الدول كفيل أيضا بتخفيض احتمالية أن يشعر بعضها بالحاجة، في حالة وصول إيران إلى قدرة نووية عسكرية مثبتة، إلى الحفاظ على أمنها من خلال الارتباط بها أو من خلال اقتناء قدرة نووية بنفسها، مثلما يدرس بعضها. حقيقة أن دول الخليج تعتبر معتدلة من ناحية سياسية، والتي لم تقاتل أبدا إسرائيل بالفعل، ولا نزاعا إقليميا بين الطرفين، والأنظمة تعتبر مؤيدة لأمريكا تخفف من التهديد الذي يشكله السلاح الموجود تحت تصرفها. لإسرائيل مصلحة واضحة في أن تكون يد القوى المعتدلة المعارضة لإيران هي العليا. وبالمقابل، تصطدم هذه المصلحة الإسرائيلية بخطرين بعيدي المدى ينشآن من بيع منظومات سلاح أمريكي بحجم واسع وبجودة عالية لهذه الدول. أولا، «التفوق النوعي» الإسرائيلي في مجال منظومات السلاح التقليدي آخذ في التآكل، وذلك على الرغم من التزام كل رئيس أمريكي بالحفاظ على هذا التفوق. وأضافت التقلبات في العالم العربي في ال18 شهرا الأخيرة خطرا إضافيا من الصعب تجاهله؛ فاستقرار بعض الأنظمة في المنطقة لم يعد أمرا ثابتا ولا يتغير؛ فمن شأن منظومات سلاح متطورة توجد اليوم تحت الرقابة أن تصل إلى أيدي جهات معادية من شأنها في المستقبل أن تعرض للخطر بواسطتها الإسرائيليين بل والأمريكيين أيضا. منذ اليوم تزود دول عربية مختلفة الثوار في سوريا بالسلاح الذي لا ينتج -كما هو معروف- في هذه الدول. وينبغي افتراض أن السلاح الذي وصل حتى الآن إلى الثوار في ليبيا، والآن إلى الثوار في سوريا، لا يشكل خطرا استراتيجيا على إسرائيل، ولكن حتى لقدرة إسقاط طائرات وإصابة دبابات يوجد معنى. للولايات المتحدة ولإسرائيل مصلحة في بحث استراتيجي متجدد في سياسة بيع السلاح المتطور للدول العربية، فضعضعة الاستقرار السياسي والإقليمي وتغيير توجه الأنظمة الجديدة يتطلب فحصا متجددا، حتى وإن كان خلق توازن استراتيجي مع إيران يبقى مصلحة أمريكية وإسرائيلية مركزية.