-1 ملف مجهولي المصير * بلغ العدد الإجمالي لحالات الأشخاص الذين تم استجلاء الحقيقة عن مصيرهم: 742 حالة؛ * حصول القناعة بخصوص 66 حالة تمت دراستها تجتمع فيها العناصر المؤسسة للاختفاء القسري وتعتبر الهيئة أن من واجب الدولة متابعة البحث بغية الكشف عن مصيرها. ومكنت التحريات المجراة من قبل الهيئة من التقدم في مجال الكشف عن الحقيقة، ولذلك توصي الهيئة بالاستفادة من التجربة والعناصر والشهادات والمؤشرات وسبل البحث والتحريات المتراكمة، والتي تعتبر جزءا من أرشيف الهيئة. -2 الاعتقال التعسفي على عكس الاختفاء القسري الذي يكون الهدف من ممارسته حرمان ضحيته من أية حماية قانونية، حيث يتم ارتكاب كافة الأفعال المكونة له خارج نطاق القانون مع عدم الاكتراث المطلق بمقتضياته، فإن الاعتقال التعسفي غالبا ما تتم ممارسته في إطار القانون مع خرق بعض أو كل مقتضياته. وغالبا ما كان يتم من خلال خرق المقتضيات القانونية المنظمة للوضع تحت الحراسة النظرية. وعليه يكون الاعتقال التعسفي بوصفه كذلك قد مورس في بلادنا بكيفية ممنهجة منذ بداية الستينات، خاصة في قضايا ذات صبغة سياسية تدخل في نطاق اختصاص المحاكم العادية. ويمكن القول أن ممارسة الاعتقال التعسفي قد تمت، واقعيا، من خلال منح النيابة العامة والشرطة القضائية سلطة واسعة تتجاوز السلطة المعترف بها لمحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية، الملزمة بالنطق بعقوبات سالبة للحرية ضمن الحدود المقررة في القانون الجنائي. أما عن ظروف الاعتقال في الفترة السابقة للمحاكمة في الوضع المفترض فيه أنه حراسة نظرية، فبصفة عامة يمكن القول أنها كانت تتميز بما يلي: - إجبار المعتقل على البقاء باستمرار ومنذ حلوله بالمعتقل غير النظامي، باستثناء الفترات التي يتعرض فيها للتعذيب، في وضعية ثابتة، إما قعودا أو انبطاحا على الأرض، مقيد اليدين ومعصوب العينين؛ - منع الكلام والتواصل بين السجناء؛ - سوء التغذية من حيث الكيف والكم؛ - عدم السماح بالذهاب إلى أماكن النظافة إلا نادرا وحسب مشيئة الحراس؛ - انعدام الشروط الأولية للنظافة وعدم السماح للمعتقل بالاستحمام إلا بعد شهور من الاعتقال. وقد كان هذا الوضع يتسبب للنساء في معاناة نفسية خاصة خلال فترات الحيض. - انتشار القمل وغيره من الحشرات المؤذية؛ - عدم تقديم العلاجات، في حال المرض، وبالنسبة لحالات الاستعجال القصوى، إلا بعد فوات الأوان؛ - حرمان النساء في حالات معينة من المساعدة الطبية في حالة إسقاط الجنين أو الوضع. ومن خلال التحريات التي قامت بها الهيئة تم الوقوف، بالإضافة إلى المراكز التي استعملت لأغراض الاحتجاز في حالات الاختفاء القسري، على مراكز غير نظامية أو نظامية استعملت لأغراض الاعتقال التعسفي. مكنت المعلومات المحصل عليها من الضحايا ومن الشهود المستمع إليهم والمعاينات الميدانية التي قامت بها الهيئة بتحديد مجموعة من الأماكن والمراكز التي استعملت لأغراض الاعتقال التعسفي. وتبين للهيئة أن بعض الأجهزة الأمنية عملت، خلال الفترات التي عرفت حدوث انتهاكات جسيمة، على إحكام السيطرة عليها لضمان التستر على الانتهاكات المرتكبة بها. كما شمل هذا التستر أيضا الأجنحة الخاصة باستقبال ضحايا التعذيب بالمستشفيات وأماكن دفن الضحايا المتوفين -3 التعذيب وسوء المعاملة مكن تحليل المعطيات التي تضمنتها الملفات المعروضة على الهيئة، وكذا الشهادات الشفوية المقدمة خلال جلسات الاستماع العمومية والمغلقة المنظمة بمقرها، من الوقوف على طرق مختلفة مورست بشكل منهجي لتعذيب المعتقلين قصد انتزاع اعترافات منهم أو معاقبتهم. كما مكنت المقارنات المجراة بين الأوصاف المقدمة من قبل الضحايا من التوصل إلى الخلاصات التالية: - تنوع أساليب التعذيب المتبعة حسب طبيعتها من حيث كونها تستهدف إيقاع إما ألم مادي أو معنوي أو هما معا؛ - من بين الأشكال المتبعة لإيقاع الألم الجسدي يمكن ذكر: * “ التعلاق"[ حيث يتم رفع الضحية إلى أعلى وتكون أطرافه الأربع مكبلة في وضعية تحدث آلاما مبرحة] المصحوب بالضرب على الرجلين وأجزاء أخرى من البدن؛ * الكي بواسطة السجائر؛ * اقتلاع الأظافر؛ * الإرغام على شرب مواد ملوثة؛ * الإرغام على الجلوس على قنينة؛ وبالإضافة إلى الضرر النفسي والألم الجسدي المترتبين عن ذلك، فقد تسببت هذه الأساليب في بعض الحالات في إصابات خطيرة نتجت عنها مخلفات نفسية وعاهات مستديمة، بل أدت خطورة التعذيب الممارس إلى الوفاة في حالات معينة. ومن بين الأشكال المتبعة لإلحاق الأذى النفسي بالمعتقلين، رجالا ونساء، يمكن ذكر: * التهديد بالقتل؛ * التهديد بالاغتصاب؛ * السب والقذف واستعمال كافة الوسائل الأخرى التي من شأنها الحط من الكرامة؛ * وضع أصفاد باليدين وعصابة على العينين قصد حجب الرؤية والمنع من الحركة؛ * العزل عن العالم الخارجي وما ينتج عنه من إحساس بانعدام الأمان؛ * الحرمان من النوم؛ * المنع المطلق من الحديث مع باقي المعتقلين؛ * تعذيب أحد أفراد العائلة أو الأقارب أو التهديد بذلك. يمكن القول أن ممارسة التعذيب كانت الوسيلة المفضلة المعتمدة في الاستنطاق والتحقيق مع المعتقلين في القضايا ذات الصبغة السياسية، حيث لم يكن الهدف من وراء اللجوء إليه نزع الاعترافات فحسب، بل أيضا المعاقبة والانتقام والإذلال الجسدي والمعنوي للمتهمين. والجدير بالإشارة أن الرغبة في الحصول على الاعتراف بأية وسيلة والمزاجية وانعدام المهنية، تعتبر كلها عوامل ساعدت على توسيع نطاق ممارسة التعذيب ليشمل حتى الأشخاص المتابعين في جرائم الحق العام. علاوة على مختلف أشكال التعذيب المذكورة، فإن معاناة النساء تكون أكثر حدة، حيث تتعرض خلال المرحلة السابقة للمتابعة القضائية، لأشكال خاصة من التعذيب. ويرجع ذلك إلى كون التعذيب الممارس على المرأة يتولى القيام به رجال دونما اعتبار لكرامة الضحية، حيث يفرض عليها أحيانا أن تبقى عارية أمام جلاديها وما يرافق ذلك من خطر الاغتصاب والتهديد به كهاجس وكفعل في بعض الأحيان. وتتضاعف معاناة النساء عندما يستعمل الحرمان من وسائل النظافة أثناء فترات الحيض كوسيلة للإمعان في تعذيبهن.