إذن أين نقف، صحيح حتى الآن؟ إسرائيل ستهاجم منشآت النووي في إيران في الخريف، وهذا يعني بين شتنبر تقريبا ونونبر، وللدقة أكتوبر. لا، نحن لن نوافق على الانتظار إلى ما بعد الانتخابات في الولاياتالمتحدة في نونبر. والمقصود هو أن إسرائيل ستهاجم وحدها، دون مساعدة الولاياتالمتحدة أو دول الغرب. وعليه، فمن المهم تنفيذ الهجوم قبل نونبر. بعد ذلك سيكون متأخرا (وعن هذا نتعرف من نبأ إيلي برنشتاين في «معاريف»). صحيح أن عدد الطائرات التي ستطلق للهجوم ليس معروفا بعد، ولكن لا يزال يوجد وقت. أغلب الظن أن هذا التفصيل سينكشف قريبا. في أعقاب الهجوم، بالمناسبة، سيموت حوالي 500 إسرائيلي، ربما أقل بقليل، ربما أكثر بقليل. ولكن ما هي 100 إسرائيلي قتيل إضافي مقابل إزالة التهديد النووي؟ نتنياهو يرى نفسه كرجل معد لإنقاذ إسرائيل من كارثة ثانية، قد تأتي من جهة إيران؛ وهو يؤمن بأن هذه رسالته الأساس بصفته رئيس الوزراء. ولما كانت قوته السياسية شديدة، فقد توفرت له فرصة لا تتكرر لتحقيق رسالته. عندما يقال عنه إنه لا طريق له، إنه يتذبذب، إن قراراته في الصباح تتغير في المساء، لا يؤخذ بالحسبان الموضوع الإيراني.. هذا هو طريقه، هذه هي رؤيته وهذه هي غايته؛ هناك لا تجده يتذبذب، فهو مصمم تماما على إنقاذ شعب إسرائيل، ومهما كلف الأمر؛ لا بالمال، بالضبط، بالدماء، بالدمار، بالخراب. نتنياهو لا يحافظ بتزمت لا نهاية له على كرسيه، يتنازل لكل من يبدو له أنه يبدأ بتهديد حكمه، من أجل أن يطبق تقرير تريختنبرغ أو يمنح شباب اليسار مستقبلا ومعنى لحياتهم هنا؛ وهو ليس معنيا حقا بالتعليم المجاني من عمر ثلاث سنوات، أو في الحفاظ على سلطة القانون. وحسب طريقه، يجب قبل كل شيء ضمان أن يكون هنا على الإطلاق أطفال من عمر ثلاث سنوات فما فوق. سلطة القانون مهمة، ولكن إذا ما تدمر كل شيء في هجوم إيراني، فمن تهمه المحاكم؛ وهو واثق بأنه شبه الوحيد الذي يفهم حجم الخطر. لماذا شبه؟ لأن إيهود باراك أيضا معه في المعركة، ولهذا يجب الحفاظ عليه قريبا وشخصيا. خريجا الوحدة الخاصة لهيئة الأركان ضد التهديد الأكبر الذي عرفته إسرائيل. هكذا هو الحال في الوحدة.. القلة معدة لإنقاذ الكثرة. بالطبع ليست عندي، مثل كثيرين آخرين، فكرة عما إذا كانت تقديراته حول إمكانية انتهاء دولة إسرائيل صحيحة أم لا. يمكنني فقط أن أستعين في هذا الشأن بأفضل الخبراء الأمريكيين الذين يعتقدون أن الوضع في هذه اللحظة لا يزال تحت السيطرة، وربما سيكون هكذا في المستقبل. ينبغي أن ننتظر ونرى. ما هو واضح هو أن لنا الحق، كمواطنين قلقين جدا، أن نفحص سلوك نتنياهو بالنسبة إلى اتخاذ القرارات بشأن النووي الإيراني وهنا كل شيء يصبح أكثر تعقيدا. نتنياهو يتصرف كمن يعد الهجوم في إيران هو الأمر الوحيد الذي يهمه. كل ما تبقى هو ضريبة لفظية يجب دفعها من أجل الانشغال بالأمر الأهم. واحد يعرف جيدا، لا يهم من أي طائفة، قال إن الحديث لا يدور عن هوس حقيقي. وعلى طريقة الهوس فإنه أقوى من الواقع ومن الإنسان نفسه على حد سواء. رئيس الوزراء واثق بأننا إذا انتظرنا الحرب الوقائية، فسندفع لقاء ذلك ثمنا باهظا. علينا أن ننطلق إلى حرب باختيارنا إذ لا خيار لحرب بغير خيار. يدور الحديث عن «إما نكون أو لا نكون». لا ادعاء بأن نتنياهو ليس مسؤولا، لا يعرف كيف يحلل الأمور جيدا أو متهور؛ هو بالتأكيد شخص سوبر ذكي، تحليلاته جديرة بانتباه شديد. المشكلة هي أنه عندما تسيطر الروح المسيحانية على الإنسان، يرى نفسه كمن جاء لينقذ شعبه، لا تكون دوما أهمية للتحليلات المنطقية. من اللحظة التي يتحدد فيها هدف واحد فقط، وله تخضع كل الأهداف الأخرى، يخيل أن كل شيء بات واضحا كالشمس، باستثناء أن الناس لا يلاحظون أن الشمس تخفيها غيوم وتغطي وجهها. عن «معاريف»