ترقد في قسم الولادة بمستشفى أزيلال، منذ الثلاثاء الماضي، شابة في الحادية والعشرين من عمرها. لطيفة بوحاج، اسم لشابة دخلت تاريخ أزيلال من بابه الواسع بعدما وضعت أربعة توائم خدج، في مستشفى الأطلس الكبير في أزيلال، في حالة نادرة، بعد ثلاثين أسبوعا من حملها. على بعد 200 كيلومتر يرقد ثلاثة توائم في مصحة «قطرة حليب» بالدارالبيضاء، رابعة التوائم البنات فارقت الحياة ساعات بعد ولادتها، نتيجة صعوبة في التنفس، لا حديث للناس في جهة تادلة أزيلال إلا عن الولادة النادرة لأربع توائم لسيدة في أول ولادة لها، كانت فرحة العيد تسيطر على دوار «إكنان» على بعد 30 كيلومترا عن جماعة آيت محمد الجبلية، دوار منسي ومعزول يعتمد سكانه على تربية نعاج وأغنام قليلة لتدبر معيشة صعبة وسط دوار لم تصله التجهيزات الأساسية بعد. يحكي حسن سماح الشاب، الزوج، الذي يبلغ 30 سنة من عمره، أن زوجته لطيفة شعرت بآلام المخاض في الساعة الثامنة من مساء الاثنين الماضي الذي صادف يوم عيد الأضحى، «لم نصدقها في البداية»، يضيف حسن، لكن الآلام بدأت تزداد لتنتقل إلى كل أجزاء بطنها وظهرها. خرج حسن يبحث عن وسيلة نقل تقل زوجته إلى المستشفى في يوم العيد حيث ينشغل الجميع بصلة الرحم وبالتفرغ للعائلة. وجد حسن صعوبة كبيرة في العثور على وسيلة نقل، فتحرك لمسافة طويلة رفقة زوجته قبل الوصول إلى مكان سيارة الإسعاف. كانت المسافة والمدة طويلتين جدا على سيدة تعتصرها آلام المخاض في ليلة باردة وسط جبال آيت محمد في أزيلال. وصل الجميع إلى مشارف أزيلال في اليوم الموالي صباح الثلاثاء الماضي، «خفف عنا وجود مندوب الصحة ومديرة المستشفى وطاقم طبي في استقبالنا كل آلامنا»، يقول حسن. كان حسن سماح يمني النفس بأول ولادة بعد شهرين من الآن، لكنه لم يكن ينتظر أن تكون بطن زوجته تضم أربع توائم، فرغم وجود دار الولادة على بعد 30 كيلومترا في آيت محمد فإن الزوجة لم تنتقل إليها لتشخيص حالتها وتتبعها، لأنها كانت في وسط معزول، لذلك كانت مفاجأة وضع أربع توائم أكبر من مفاجأة وضعها في الأسبوع الثلاثين، أي في الشهر السابع. كان حسن سماح قد هاجر قبل أشهر إلى مدينة الدارالبيضاء من دوار «إكنان» في آيت محمد، وامتهن الحلاقة، ليتدبر ما يسد به رمق أسرته أمام انعدام فرص الشغل في الدوار الجبلي المعزول، وللبحث عن مستقبل أفضل. عندما وضعت لطيفة بوحاج توائمها الأربع تم نقل التوائم إلى المستشفى الجامعي في الدارالبيضاء، لم تكن تتوقع أن تفارق بناتها في أول يوم من ولادتها، كانت التوائم يحتجن لعناية خاصة، خصوصا بعد وفاة إحداهن، «قمنا بمجهودات جبارة حفاظا على سلامتها وسلامة أجنتها، أنجبت أربع توائم، ومع الأسف فارقت إحداهن الحياة، والأم اليوم سليمة وبصحة جيدة»، تقول لمياء الدليمي مديرة مستشفى أزيلال. وعند وصول التوائم إلى المركز الاستشفائي في مدينة الدارالبيضاء لم يجدن الأسرّة الكافية ولا ما ينقذ التوائم الخدج. تدخل عامل الإقليم علي بيوكناش دون جدوى، ليتدخل أطر وزارة الصحة لعلهم ينقذون ورطة الوزارة، قبل أن تتدخل ياسمينة بادو، وزيرة الصحة، ويسمح للتوائم بالانتقال إلى المصحة الخاصة التي تكلف ليلة يقضيها كل مولود بها ألف درهم، تكفلت بها وزارة الصحة. لا يمل حسن سماح، الشاب الفقير، من شكر كل من ساعده، من قريب أو بعيد، على العناية بزوجته وبناته الثلاث اللواتي مازلن على قيد الحياة، يتلقين عناية خاصة في مصحة «قطرة الحليب» بمدينة الدارالبيضاء، بينما تبدو رحلة التكفل والعناية بهن رحلة شاقة ومتعبة. وينتظر حسن، الذي عاد من زيارة بناته أثناء ذلك، أن تغادر زوجته لطيفة، «التي توجد في حالة عادية ومستقرة»، مستشفى أزيلال يوم الاثنين المقبل لتتمكن من رؤية بناتها الثلاث ووضعهن في حضنها فرحة بهن.