قرر حزب الأصالة والمعاصرة فتح مشاورات مع مختلف الأحزاب السياسية في الأسبوع المقبل حول مدونة الانتخابات والتقطيع الانتخابي وقانون الأحزاب، في إطار التحضير للانتخابات القادمة، التي ستكون أولى انتخابات تحت الدستور الجديد، الذي ما زال مشروعا يراوح بين لجنة الإصلاحات والقصر الملكي بانتظار عرض صورته النهائية على الأحزاب ثم طرحه للاستفتاء الشعبي في الشهر المقبل. ومن المنتظر أن يعقد حزب الأصالة والمعاصرة مؤتمره الوطني في يناير القادم، ثلاثة أشهر بعد الانتخابات، وهو المؤتمر الذي يتوقع أن يكون ساخنا بالنظر إلى كونه يأتي بعد مرحلة عصيبة اجتازها الحزب في الآونة الأخيرة وبعدما بدأ مؤسسه فؤاد عالي الهمة في وضع مسافة عنه، بعد الانتقادات التي وجهت إليه. وانصبت النقاشات، خلال انعقاد المجلس الوطني للحزب أول أمس السبت بالرباط، على ترتيب البيت الداخلي، ومواجهة الحملة التي يتعرض لها، وتغيير بعض الأفكار والشعارات التي رفعت ضده مثل اتهامه بالقرب من السلطة. كما انتقدت بعض الأصوات الاختلالات التنظيمية التي يعيشها الحزب في بعض المناطق، وإغلاق بعض المقرات بسبب عدم دفع السومة الكرائية إثر الأزمة المالية التي عاشها الحزب، وطالب البعض بانتقال المكتب السياسي للحزب إلى الفروع التي تعيش مشاكل وأزمات داخلية للحسم فيها، وتحقيق مصالحة داخلية بعد الهزة التي شهدها الحزب في الشهور الأخيرة وأدت إلى حصول بعض الانسحابات منه. وكشفت مصادر من داخل الحزب، على هامش المجلس الوطني، أن انسحابات بعض الأشخاص من الحزب كانت بهدف استباق قرارات الطرد في حقهم، بسبب عدم الانضباط منذ أن ظهرت حركة 20 فبراير وبدأ الحراك السياسي في الشارع المغربي. وانتقد أمين عام الحزب، محمد الشيخ بيد الله، في كلمته أمام الشوط الثالث للدورة الثانية المفتوحة للمجلس الوطني، استمرار ما أسماه «نهج الاستئصال» في التعاطي مع المشروع السياسي للحزب، من خلال «الركوب على احتجاجات وطموحات الشباب التي يعتبر الحزب الكثير منها مشروعة»، و«دس لافتات وشعارات مسمومة وسط مطالبها، والقيام بالتحريض علنا على ضرورة الإنهاء القسري لتجربتنا، وتضخيم بعض الانسحابات من صفوفنا، والنقل المشوه لمعطيات من صميم حراكنا الداخلي وإلصاق كل الكوارث بحزبنا». وأضاف بيد الله أن الجواب الذي يجب على الحزب أن يبلوره في مواجهة هذه الحملات «هو المزيد من التعبئة واليقظة والتمسك بميثاق أخلاقيات المنتخب وتجنب سياسة المقعد الشاغر وملء الفضاء العمومي بالمبادرات الخلاقة والنقاش الهادئ والمسؤول». وقال الحبيب بلكوش، عضو المكتب الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، في تصريح ل«المساء»، إن التحدي الذي يواجهه الحزب في الوقت الحالي هو تحدي ترميم الوضع الجهوي وإعادة بناء الفروع وهيكلتها، وأوضح أن المؤتمر الوطني المقبل للحزب سيكون»محطة ديمقراطية مهمة في حياة الحزب». وفوض المكتب الوطني للحزب تدبير الحوار مع باقي الفرقاء السياسيين حول القضايا التي لا تزال قيد الدرس والنقاش، في إطار مراجعة مدونة الانتخابات وقانون الأحزاب، كما خول له بلورة الموقف السياسي للحزب من مشروع وثيقة الدستور الجديد، ودعا الحكومة إلى تحمل كامل مسؤوليتها «في توفير جميع الضمانات القانونية والسياسية لتأمين نزاهة وشفافية الانتخابات في جميع المراحل المقبلة، وكذا الاحترام التام لحرية التعبير في مجال الإعلام باعتباره من الدعائم الأساسية لقيام ديمقراطية حقيقية».