تقول الحكاية إن سكان قرية مجاورة لغابة، ضجروا كثيرا من هجمات أحد الفيلة، كان يتلف مزروعاتهم ويبدد ثرواتهم، وينشر الرعب، كلما حل الظلام، ثم عقدوا العزم على مكاشفة حاكمهم بأن صبرهم نفذ حيال الأجواء التي بثها ذلك الفيل، وانتدبوا وفدا لإسماع صوتهم. ولأن الحاكم كان معروفا ببطشه، فقد ابتلع أعضاء الوفد ألسناهم من الخوف، عندما كانوا بصدد مصارحة الحاكم. وأمام انتشار الصمت سألهم الحاكم: ماذا تريدون؟ رد أحدهم متلعثما: إنه الفيل! لم يفهم الحاكم قصده، فصاح في وجهه، ماذا حل بالفيل؟ هنا تدخل أحد الظرفاء: لا شيء، إنه يحتاج إلى فيلة أنثى تروح عن نفسه. من صلب هذه الحكاية خرجت مقولة: «ما قدوش الفيل زادو الفيلة» وهي تنطبق في بعض تفاصيلها ودلالاتها على قرار استضافة إلياس العماري في برنامج «حوار»، ففي الوقت الذي ينادي فيه الغاضبون في مظاهرات شعبية، عمت أرجاء البلاد، مطالبين برحيله، رد عليهم التلفزيون، في تحد سافر، بأنه سيكون ضيفا ثقيلا على القلوب. لا أحد في وسعه، عملا بتقاليد احترام الرأي الآخر وترسيخ مبدأ الاختلاف، أن يمنع العماري وأمثاله من أن يطلوا على الجمهور عبر التلفزيون، لكن في المقابل ما من أحد يقبل هذا الإصرار الغريب على تلويث السياسة، بالنظر إلى أن الرجل لا يملك صلاحيات وخصائص تسمح له أن يكون ضيفا على برنامج سياسي. غير أن أهم ما يمكن تسجيله في هذا النطاق، هو أن التلفزيون يدار من خارج دار البريهي، وقد أصبح واضحا الآن إدراك دلالات زيارة أحد كبار مسؤوليه لمركز حزب «الأصالة والمعاصرة» إبان الإعلان عن نتائج الانتخابات الأخيرة. لقد اعتقد البعض أن توقيف علي بوزردة من إدارة وكالة المغرب العربي للأنباء، سينهي الترابط القائم بين «لاماب» و«البام» وجاء برنامج حوار ليؤكد أن هناك ترابطا أعمق بين التلفزيون وحزب صديق الملك فؤاد علي الهمة. لكن العارفين ببواطن الأمور يردون على ذلك بأن: «آكل الثوم» قد يكون استعمل اسم صديق الملك للضغط على التلفزيون الذي يتحمل وحده مسؤولية هذه المغامرة غير المحسوبة. على أية حال لن يضيع الجمهور شيئا وهو يتفرج على شطحات مثير الزوابع والنعرات، أما إصلاح المشهد الإعلامي فقد أصبح بعيدا. وموتوا بغيظكم يا دعاة الإصلاح، فالعلة الرديئة تطرد أكثر.