أعلن وزير الداخلية، الطيب الشرقاوي، عن سقوط 5 قتلى في أعمال الشغب التي تلت مظاهرات «20 فبراير»، أول أمس الأحد في عدة مدن مغربية، كما أشار إلى الوزير، خلال ندوة صحافية نظمها أمس في مقر وزارة الداخلية في الرباط، عن إصابة 128 شخصا، 115 منهم من القوات العمومية. وكشف الوزير أن هؤلاء القتلى الخمسة تم العثور على جثثهم متفحمة في إحدى الوكالات البنكية التي تم إحراقها من طرف «مشاغبين» في مدينة الحسيمة، وتابع الوزير قائلا إن «النيابة العامة أعطت أوامرها لمباشرة البحث، لمعرفة ظروف وملابسات هذا الحادث». وشدد الوزير على الطابع السلمي للتظاهرات، التي شهدتها مدن مختلفة من المملكة، حيث همت 53 عمالة وإقليما، بمشاركة وصلت إلى 37 ألف شخص، موزعة بنسب مختلفة على هذه العمالات. وقد اتخذت هذه التظاهرات أشكالا متعددة ما بين الوقفات والمسيرات والتجمعات، يضيف الوزير، الذي اعتبر أن تنظيم مثل هذه التظاهرات يرجع إلى اتساع فضاء الحريات والممارسة الديمقراطية السليمة والحق في التعبير عن الرأي، الذي تعرفه المملكة. ورغم أن هذه التظاهرات مرت في جو سلمي يطبعه الهدوء والانضباط، كما كشف الوزير، فإن أحداث الشغب التي سُجِّلت بعد انتهاء هذه التظاهرات، والتي تمركزت في مدن طنجة، وتطوان والعرائشوالحسيمة وصفرو ومراكش وكلميم، نفذها «مشاغبون»، من بينهم بعض القاصرين وذوي السوابق القضائية، أعقبتها أعمال نهب وسرقة واستيلاء على ممتلكات الغير. وفي الوقت الذي سيتم تقديم 120 شخصا للعدالة، بعدما تم توقيفهم من طرف عناصر الأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المساعدة، تم تسليم القاصرين الذين تم ضبطهم في مسرح الأحداث إلى أوليائهم. وكشف الوزير أن أعمال الشغب ، التي تمثلت في إضرام النار وإلحاق الأضرار، واصفا إياها بالأعمال الإجرامية، ب33 مؤسسةً وبناية عموميةً و24 مؤسسة بنكية وبما بين 50 محلا تجاريا وبناية خاصة، علاوة على إضرام النار وإلحاق الأضرار ب66 سيارة ودراجتين ناريتين. وبخصوص مدينة العرائش، التي شهدت أعمال شغب، فقد أوضح الوزير أن بعض المشاغبين قاموا باقتحام بناية تابعة لإدارة الجمارك، حيث استولوا على كمية من المخدرات والمشروبات الكحولية سبق حجزها من طرف نفس الإدارة، في وقت سابق، مشيرا إلى أن الأبحاث ما تزال متواصلة، تحت إشراف السلطات القضائية المختصة، لإيقاف باقي المتورطين قصد تقديمهم للعدالة، رفقة الموقفين. وعُثِر على هذه الجثث الخمس متفحمة مجهولة الهوية في وكالة بنكية في الحسيمة وقد تعرضت للإحراق أول أمس الأحد، كما تعرضت كل من باشوية وبلدية الحسيمة وثلاث وكالات بنكية وفندق مصنف للإحراق من طرف متظاهرين وافدين على المدينة، اخترقوا المسيرة السلمية التي دعا إليها مجموعة من شباب «فايسبوك» للتظاهر يوم 20 فبراير للمطالبة بإصلاحات سياسية واجتماعية، حيث جابت المسيرة يوم الأحد صباحا أهم شوارع المدينة في جو سلمي. وقد شاركت في هذه المسيرة العديد من الفعاليات السياسية والجمعوية، بشعارات تطالب بالعدالة الاجتماعية وبالإصلاح الدستوري وبإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والتوزيع العادل للثروة والسلطة، في جو لم يخل من التفاعل الشبابي السلمي مع هذه الحركة الاحتجاجية، قبل أن تنفلت الأمور مساء بإقدام بعض اليافعين الوافدين على المدينة من المناطق المجاورة بالهجوم على مقر الأمن الإقليمي في الحسيمة وإحراق أربع سيارات للأمن وإتلاف سيارات أخرى تابعة للدولة، قبل أن ينتقلوا إلى مقر البلدية والباشوية لإحراقهما، إضافة إلى هجومهم على السجن المحلي، محاولين دخوله بالقوة، دون أن يتمكنوا من ذلك. كما رشق المحتجون مقر حزب الاستقلال بالحجارة وقاموا بتخريب محل لبيع الخمور، بل حتى ممتلكات الخواص لم تنجُ من الإتلاف، بعدما عمد هؤلاء المحتجون، وأغلبهم قاصرون، إلى تكسير زجاج العديد من السيارات وتخريب الوجهات الزجاجية للعديد من المحلات التجارية، مما اضطرت معه قوات الأمن، من شرطة وقوات التدخل السريع، إلى استخدام الغازات المسيلة للدموع، لتفريق المتظاهرين، بعد مواجهات عنيفة بالأحجار بين الطرفين أسفرت عن إصابات في كلا الجانبين. وكانت قوات الأمن، قد أحجمت في البداية عن التدخل. وقد عادت الأمور إلى حالتها الطبيعية بعد الساعة العاشرة مساء من يوم الأحد، مما جعل سكان المدينة يخرجون ليلا لمعاينة حجم الخسائر التي خلفتها هذه الأحداث. واستنكر مواطنون بشدة أعمال التخريب والنهب التي شهدتها المدينة، قبل أن يؤكدوا، في تصريحات متطابقة للجريدة، أنهم مع «التظاهر السلمي للمطالبة بإصلاحات سياسية واجتماعية، ومع حق الشباب للتعبير عن مطالبهم العادلة والمشروعة بالطرق السلمية، دون أن يستغلوا ذلك من أجل التخريب والفوضى وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة على حد سواء». وعبر العديد من المواطنين عن «استيائهم العميق لما حدث وللخسائر التي وقعت».