سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
متابعون: استعمال «الجزيرة» لغة مطابقة لخطاب البوليساريو والجزائر يعتبر مسا بحقوق المشاهد المغربي الإغلاق أملاه غياب الحيادية والمهنية في تناول قضايا المغرب
بعد سنوات من شد الحبل بين المسؤولين المغاربة وقناة «الجزيرة» القطرية، التي حصلت بعد مفاوضات قادها وزير الاتصال السابق نبيل بنعبد الله مع مسؤوليها على رخصة إنشاء مكتب بالرباط وبثها نشرات أخبار، لم يكن مفاجئا بالنسبة للكثير من المتابعين للمشهد الإعلامي قرار تعليق نشاط القناة القطرية في المغرب، ووقف العمل بالاعتمادات الممنوحة لطاقمها العامل فوق التراب الوطني. وبالنسبة لمصطفى بنعلي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق المشاهد، فإن قرار السلطات المغربية بإغلاق مكتب قناة «الجزيرة»، وسحب ترخيص العمل الممنوح لعامليها داخل الأراضي المغربية أملاه تمادي القناة القطرية في معاداة القضية الوطنية والوحدة الترابية، التي أضحت «سلوكا ممنهجا وخطا موجها لتعاطيها مع النزاع الجزائري المغربي حول الأقاليم الصحراوية المغربية الجنوبية، المسترجعة من يد الاستعمار الإسباني»، مؤكدا أن تعاطي مسؤولي القناة مع قضية المغاربة الأولى أظهر بالملموس، وفي مراحل عدة، عدم حيادها وابتعادها عن المهنية المفترضة في قناة يفترض أن تحترم تلك المعايير بالنظر إلى رفعها شعار الحياد والمهنية والرأي والرأي الآخر. وأضاف بنعلي في تصريح ل«المساء» أن «استعمال الجزيرة لغة مطابقة للغة البوليساريو والجزائر في ما يخص قضية الصحراء، وانحيازها الواضح للطرح الانفصالي وللإرهاب، كلها أمور نعتبرها تمس كذلك حقوق المشاهد المغربي بصفة خاصة وبالمشاهد العربي بصفة عامة»، مشيرا إلى أن وزارة الاتصال والمسؤولين عن القطب العمومي مطالبون في هذا الوقت بالذات بالعمل الجاد على تأهيل الإعلام العمومي، والاجتهاد أكثر من أجل الرقي به، وجعله قادرا على الدفاع عن المغرب ومصالحه ومواجهة كل ما يمسها، خاصة أن الخصوم باتوا يعتمدون أكثر في تصريف أطروحاتهم على قنوات ووسائل إعلام لها جماهيرية». وإذ يقف رئيس الجمعية المغربية لحقوق المشاهد كثيرا عند غياب الموضوعية والحياد في تناول «الجزيرة» لقضايا المغرب، تؤكد الحكومة المغربية، من خلال البلاغ الصادر عن وزارة الاتصال، رصد حالات عديدة انحرفت فيها القناة المذكورة عن قواعد العمل الصحفي الجاد والمسؤول، الذي يقتضي التقيد في جميع الظروف والأحوال بشروط النزاهة والدقة والموضوعية، والحرص على احترام القواعد والآداب المهنية، كما هو متعارف عليها. وحسب الوزارة، فإن «هذه المعالجة الإعلامية غير المسؤولة، ترتب عنها إضرار كبير بصورة المغرب، ومساس صريح بمصالحه العليا، وفي مقدمتها قضية وحدته الترابية، التي تحظى بإجماع وطني راسخ لدى كل فئات الشعب المغربي». وكانت الجمعية المغربية لحقوق المشاهد قد بعثت بداية الأسبوع المنصرم برسالة إلى الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، رئيس مجلس إدارة شبكة «الجزيرة» الفضائية، نددت فيها ب»انحياز القناة السافر إلى أطروحة الجزائر ومن لازال يأتمر بأمر نظامها من قياديي البوليساريو»، مبرزة أن «الجزيرة» تروج «لادعاءات خصوم وحدتنا الترابية المعروفين والمندسين ضد المغرب وضد وحدته الترابية، ببرامج متنوعة لا تقتصر على النشرات الإخبارية فقط»، وتعمل على زعزعة استقرار المغاربة والأمة المغربية، من خلال «منح خصوم الوحدة الترابية الوطنية، سيما قياديي الانفصاليين، الحرية والاستضافة بانتظام وباطراد بشأن كل شاذة وفاذة تتعلق بالنزاع حول الصحراء المغربية». وانتقدت الجمعية تحويل القناة الفضائية لبعض الحركات الاحتجاجية في الأقاليم الجنوبية العادية وتصويرها بأنها «كفاح الشعب الصحراوي من أجل الاستقلال»، مرددة نفس خطابات التضليل التي يستعملها النظام الجزائري و«البوليساريو» للنيل من قضية وحدتنا الترابية»، معتبرة أن «الجزيرة» تقوم بتقديم أخبار مغلوطة عن «الحياة العادية في مخيمات تندوف فوق التراب الجزائري». وأوضحت الجمعية أن العالم يعرف بأن الأقاليم الجنوبية المغربية مندمجة في مسيرة التنمية تحت السيادة الوطنية المغربية، كما يعرف حقيقة ما يجري داخل المخيمات من اضطهاد واحتجاز قسري لمواطنين أبرياء في تندوف، بتأطير عسكري واستخباراتي جزائري. وعبرت الجمعية عن استياء المغاربة من التقارير الإخبارية المقدمة من قبل «الجزيرة»، والتي تمس بالوحدة الترابية، بعدما كانت تحظى باهتمام بالغ من قبل المغاربة، في السابق، موضحة أن هذا التغيير الذي مس الخط التحريري كشف القناع عن معاداة القناة للقضية الأولى للمغاربة، والمتمثلة في الصحراء المغربية، وطالبت مسؤولي القناة بالانتباه إلى هذا الانزلاق المهني الذي يخالف مبادئ الإعلام ممثلة في قول الحقيقة والوقوف على الحياد. وفيما يرى عبد الرحيم السامي، أستاذ السمعي البصري ومدير الدراسات بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، بناء على تتبعه، أن قناة «الجزيرة» بالرغم مما لها وما عليها تنهج معالجة غير موضوعية ومنحازة وأحادية، خاصة ضد قضايا المغرب، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية، مبديا تأسفه على تلك المقاربة غير المهنية، يصف محمد العوني، رئيس منظمة حرية الإعلام والتعبير، قرار إغلاق مكتب الجزيرة بالرباط بأنه «قرار خاطئ لن يفيد مصلحة المغرب وإنما سيضر به على اعتبار أن الحرية هي الأصل»، مضيفا في تصريحه للجريدة:» لا يمكن أن ننكر أن ملاحظات عدة سجلناها على عمل الجزيرة تتعلق بغياب التوازن والموضوعية، إلا أن تلك الملاحظات لا تبرر قرار إغلاق المكتب الذي ستكون له تكلفته». وبالنسبة لرئيس منظمة حرية الإعلام والتعبير، فإنه كان بالإمكان تفادي قرار الإغلاق من خلال وسائل أخرى يمكن أن تلجأ إليها السلطات لتنبيه مسؤولي قناة «الجزيرة»، مشيرا إلى أن «المسؤولين المغاربة لا يولون كبير اهتمام لتوفير الخبر في الوقت المناسب لوسائل الإعلام الوطنية والدولية، مما يجعلهم دائما في مواجهة الإعلام العربي والأجنبي». وبرأي العوني، فإن المطلوب حاليا من المسؤولين عن الإعلام في المغرب هو دعم توزيع الصحف المغربية في الخارج، وتقوية إشعاع القنوات الوطنية، ومد الصحافيين المغاربة والأجانب بالأخبار والمعلومات الضرورية لعملهم، مشيرا إلى «حاجة المغرب لإحداث قناة موجهة إلى البلدان العربية والخارج، تشتغل بمهنية وحرفية، قناة بتوجه منفتح، قناة لا تسقط في الدعاية وتكرار الأخبار».