كانت (ع.ح) قبل الحادث، ككل فتاة تحلم بفارس الأحلام، الذي سيأخذها على فرسه إلى جزيرة بعيدة خلف السحاب.انقطعت (ع.ح) عن الدراسة لتتفرغ لأشغال البيت ومساعدة والدتها، والاكتفاء بانتظار فارس الأحلام. لكن يوم الحادث، الذي مازالت تتذكره بكل تفاصيله، إذ حدثت أمور كثيرة بعد زيارة العمة لمنزل الأسرة، غيرت حياة الضحية وقلبتها رأسا على عقب. فماذا حدث يومها؟ وهل القادم كان بالفعل فارس الأحلام المنتظر؟ في قرية البروج الصغيرة، ولدت الضحية (ع.ح)، كبرت وترعرعت في كنف أسرة ريفية تعيش مما تدره حقول القطاني والقمح والشعير من رزق وفير، ونظرا للظروف المادية غير المشجعة، والجهل الذي كان يعيش فيه رب الأسرة، الذي يكتفي بالعمل في الحقل طيلة اليوم من أجل لقمة العيش العصيبة، لم تتمكن (ع.ح) من استكمال دراستها الابتدائية، فتوقفت واكتفت بمساعدة والدها في الحقل، ووالدتها في أشغال البيت، لكنها كانت دوما تحلم بزوج صالح ينقذها من الفقر وحياة الريف. على غير عادة العمة، زارتهم تلك الليلة محملة بهدايا، رغم غموض أهداف الزيارة، التي لم تكن مقبولة البتة، خصوصا أنها تكن حقدا دفينا لأخيها، والد (ع.ح) لأسباب غير معروفة، على الأقل للأبناء من العائلتين، ومع ذلك فقد فرح الأخ لقدوم أخته (ع.ع)، واعتبر مجيئها خطوة طيبة وحقيقية لبدأ صفحة جديدة ونسيان الماضي بكل ظلاله القاتمة. قضت العمة بضعة أيام أبانت فيها عن حسن نيتها، خاصة تجاه كل أفراد العائلة، ولتعبر عن فرحها طلبت من شقيقها (ا.ع) أن يسمح لابنته (ح.ع) باصطحابها إلى منزلها بضعة أيام بوادي زم، كعربون محبة وبداية صفحة جديدة، ولم يتردد الوالد، وأمر ابنته بمصاحبتها على أن تعود خلال مدة محددة، فرافقتها خلال هذه الزيارة، واستقبلوها بود غير معهود وكانوا يعاملونها معاملة عادية. الوحش آدمي خلال الأسبوع الثاني من زيارة الضحية لبيت عمتها، وبينما كانت الأخيرة في الخارج لقضاء بعض المآرب، انفرد ابنها (ع.ط) بابنة خاله (ع.ح)، وطلب منها ممارسة الجنس معه في غياب أفراد العائلة، لكنها رفضت الفكرة من أساسها واعتبرتها غدرا وخيانة، لكنه أصر على موقفه، فاستبدت به الفكرة واستسلم لنزوته الحيوانية، وهدد ضحيته بالسلاح الأبيض كي تدعن لرغبته وألا تخبر والدته بفعلته، ثم جردها من ملابسها ومارس عليها الجنس بالقوة، غير آبه بتوسلاتها، واستمر في اعتدائه الوحشي إلى أن أفقدها عذريتها. ولم تستطع (ع.ح) أن تخبر عمتها بما جرى، وظلت تكتم حكايتها مع ابن عمتها إلى أن عادت إلى منزل أسرتها، ولم تتمكن من أن تخبر والديها بالأمر إلا بعد مرور شهر، لتستجمع قواها وتخبر والدتها بالحادث، الذي نزل على مسامعها ومسامع والدها كالصدمة، ثم توجه الأخير على الفور نحو المحكمة الابتدائية بواد زم، حيث رفع شكاية ضد شقيقته وابنها، تفيد بتعرض ابنته للاغتصاب على يد ابن عمتها، أمام وكيل الملك. تحقيق أولي فتحت الضابطة القضائية للشرطة القضائية، بناء على أوامر وكيل الملك، تحقيقا موسعا في موضوع الشكاية، استمعت في بدايته إلى الضحية (ع.ح)، فأوضحت الأخيرة أنها فعلا رافقت عمتها (ع.ع) بناء على طلبها إلى منزلها بوادي زم، وأنها عاشت معهم بشكل عاد خلال الأيام الأولى، إلى أن استغل المتهم (ع. ط)، وجودها بمفردها في المنزل، فاعتدى عليها جنسيا بعد تهديدها بواسطة سكين وافتض بكارتها. الشيء نفسه، أكده والد الضحية (ا.ع)، مضيفا أنه وافق على سفر ابنته مع عمتها نزولا عند رغبتها، ومكثت معها لمدة شهرين، وعند عودتها اطلعت والدتها على أن ابن عمتها اعتدى عليها جنسيا وافتض بكارتها تحت التهديد بالسلاح الأبيض. وعند الاستماع إلى المتهم (ع.ط) أنكر ما نسب إليه، وأرجع ذلك إلى العلاقة المتوترة بين العائلتين، مستغربا الأسباب الحقيقية لتلفيق هذه التهمة إليه. تطورات مفاجئة عندما وجد المتهم نفسه محاصرا من طرف العدالة، بالمنسوب إليه، ادعى قصة جديدة مفادها أن والدته سبق لها أن خطبت الضحية من والديها، وسلمت له مبلغ 4 آلاف درهم كصداق، إلا أنه لم يبرم معها عقد الزواج نظرا لصغر سنها، معترفا بأنه فعلا افتض بكارة ابنة خاله لكن عن طيب خاطرها . في السياق نفسه، أكدت والدة المتهم أنها بالفعل سلمت لشقيقها مبلغ 4 آلاف درهم كصداق ومصاريف زواج ابنته من ابنها. إلا أن والد الضحية، أكد أنه سمح لابنته بمرافقة عمتها إلى وادي زم بناء على طلب الأخيرة، للمكوث معها، لكنها عندما عادت بعد شهرين، أطلعته أن ابن عمتها افتض بكارتها، مؤكدا أن المعتدي لم يسبق له أن تقدم لخطبة ابنته، وأنه لم يتسلم أي صداق من أخته، وأن ما تدعيه لا أساس له من الصحة. إدانة المتهم بعد التحقيقات المتوالية، توبع المتهم بجناية اغتصاب قاصرة نتج عنه افتضاض، طبقا للفصلين 486 و488 من القانون الجنائي، وتخلف عن الحضور إلى جلسات محاكمته، فأنجزت في حقه إجراءات المسطرة الغيابية. بعد حضوره إلى الجلسات، أكد المتهم أن اعتدائه جنسيا على ابنة خاله، كان انتقاما لوالدته، بسبب خلافات قديمة بينها وبين خاله. وبناء على اعترافات المتهم خلال مرحلة التحقيق الإعدادي، فإن جناية هتك عرض قاصرة دون عنف، والناتج عنه افتضاض، تعتبر قائمة في حق المتهم، فآخذته المحكمة بما نسب إليه، وأدانته بالسجن النافذ مدة خمس سنوات.