فاحت الرائحة الكريهة لظاهرة قتل المحارم، خلال السنوات الأخيرة، بعد أن تعددت الجرائم المرتكبة في حق الأقارب، التي أصبحت تطال الأبناء والآباء، لتأخذ الظاهرة أبعادا خطيرة ومقلقة، وباتت أكثر وقعا في الوسط العائلي وفي الشارع المغربي.قصص وحكايات أغرب من الخيال وفوق طاقة العقل البشري السوي ليتحملها، ليداس على كل القيم والأعراف والأخلاق، وتتفكك الأوصال والروابط الأسرية. قصص ولا في الأفلام من بين القصص التي اهتز لها الشارع المغربي، قصة الأم فاطمة(ل) 57 سنة، المتهمة بقتل فلذة كبدها نبيل(م) البالغ من العمر 31 سنة، صاحب سيارة نقل "هوندا"، الذي بدوره وحسب المعطيات الأولية يفترض أنه قتل أخته، نوال(م) ذات السابعة والعشرين سنة، التي كانت تمتهن حرفة الحلاقة قيد حياتها، حسب بطاقة هويتها. لم تكد تمر حوالي 36 ساعة على العثور على أشلاء جثتين بكل من مراكشوالدار البيضاء، ومكناس، حتى تمكن رجال الشرطة القضائية بولاية أمن مكناس من اعتقال المساة فاطمة (ل) 57 سنة، المتهمة بقتل فلذة كبدها نبيل (م) البالغ من العمر 31 سنة، صاحب سيارة نقل هوندا، الذي هو بدوره قتل أخته (نوال.م) ذات السابعة والعشرين سنة، لتعثر عناصر الشرطة القضائية على أشلاء الجثتين بثلاث مدن، فبمكناس عثر على ثلاث حقائب صباح يوم الاثنين السادس من يوليوز الجاري، الأولى قرب حمام النصيري بحي وجه عروس، وبداخلها الجزء الأسفل من بطن الفتاة وأجزاء من فخذيها داخل كيس بلاستيكي، وبجوار حمام الزرهونية، عثر كذلك على أجزاء من رجليها وبمحاذاة حمام اليمامة وجد الرأس والصدر والأطراف العليا لشقيق الفتاة داخل حقيبة زرقاء اللون. المشاكل الاجتماعية والانتقام أروقة المحاكم ومجالس القضاء نالت حصة الأسد، في استقبال جرائم المحارم، فالقضايا فيها تعدت الخطوط الحمراء وانتشرت بكثرة، لا لسبب سوى لضعف الشخصية والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية، وغياب الوازع الديني والأخلاقي، الذي غالبا ما يكون الأبناء هم ضحاياه، بدليل أن أطراف القضية فيها من أسرة واحدة، رشيد (ت)، حارس عام في إحدى المؤسسات الخاصة، يرى أن أسباب الظاهرة تعود بالأساس إلى المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تمر منها الأسر المغربية، بالإضافة إلى التفكك الأسري وانتشار تناول المخدرات في الوسط العائلي، ويقول رشيد "غالبا ما يكون الدافع وراء قتل الأب لابنه أو الأم لابنها أو العكس هو الانتقام، الذي تولده المشاكل الأسرية، إذ تنتشر الظاهرة بكثرة بعد انفصال الزوجين، والإهمال الذي يطال الأطفال، ما يدفعهم إلى الانتقام من أبويهم، ورغبة الأب أو الأم في الانتقام من زوجه أو زوجته". الكتمان تفضل كثير من الأسر المغربية مواجهة الظاهرة، بالصمت، خشية الفضيحة والعار الاجتماعي، الذي قد يطالها، وبالمقابل تتجرأ أسر أخرى على طرح قضيتها على أنظار المحاكم، مطالبة بدعم جمعيات المجتمع المدني. وبلغت حد نشر تفاصيل معاناتها على صفحات الجرائد الوطنية، وفي هذا الصدد اعتبرت فاطمة (ن)، طالبة جامعية، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن مسيك، أنه من الأفضل عدم التستر على مثل هذه الجرائم لأن إخفاء الجريمة لن ينفع في شيء، وقالت "أنا أفضل أن يزاح الستار عن هذه الجرائم، رغم صعوبة ذلك لأنها تجري في الغالب وراء جدران البيوت"، وأضافت "أعتقد أن القوانين الزجرية غير كافية لاحتواء الظاهرة، بل يجب معالجة الظاهرة في عمقها، من خلال التوعية والحملات التحسيسية". ويبقى من الصعب الحصول على أرقام حقيقية تعبر عن حجم انتشار حوادث قتل المحارم في المجتمع المغربي، والسبب، كما يقول محمد شمسي، محامي بمدينة الدارالبيضاء، يرجع إلى غياب دراسات حقيقية تتناول الظاهرة.