كشفت الحلقة الثانية من دورة أكتوبر، التي عقدها مجلس مدينة الدارالبيضاء، مساء الخميس الماضي، أن اختلاط الألوان السياسية بالمكتب المسير للمدينة، من شأنه خلط الأوراق في أي لحظة داخل تركيبة هذا المجلس. المؤشر الأول لخلط الأوراق في مجلس المدينة ظهر حينما امتنع أعضاء حزب العدالة والتنمية، في الجلسة الأولى للدورة، عن التصويت على النقطة الثانية المدرجة في جدول الأعمال، والمتعلقة بالمصادقة على اتفاقية صيانة وتجديد وتقوية فواهات وأعمدة الحريق بتراب الجماعة الحضرية للدارالبيضاء، بمبرر أن اللجنة، التي تدارست هذه النقطة أقرت بتأجيلها، بدل طرحها على أنظار المجلس للمصادقة عليها. والمؤشر الثاني تبين، من خلال انتفاضة مصطفى الحايا، النائب الخامس للعمدة، عن حزب العدالة والتنمية، بسبب تعيين خمسة أعضاء من المجلس من قبل ساجد، في لجنة تتبع شركة "ليدك". واعتبر مصطفى الحايا هذا التعيين خرقا للميثاق الجماعي، الذي لا يعطي للرئيس الحق في تعيين أي عضو في أي مؤسسة، يزيد عدد ممثلي المجلس بها عن عضوين، مؤكدا أن هذا من حق أعضاء المجلس لوحدهم. ولم يمر هذا الكلام دون إثارة رجة بين أعضاء المكتب المسير، إذ اعتبر أحمد بريجة، النائب الأول للعمدة، عن حزب الأصالة والمعاصرة، أنه خلال التجربة الجماعية السابقة استعمل محمد ساجد الورقة ذاتها، وعين عددا من الأعضاء في مجموعة من الجهات، دون أن يثير ذلك حفيظة أي جهة، الشيء الذي لم يستسغه مصطفى الحايا، الذي شدد على رفضه هذا القرار. وذكر مستشار جماعي، رفض ذكر اسمه، أن سبب غضب مصطفى الحايا هو رغبته في أن يكون ضمن أعضاء لجنة التتبع، إلا أن هذا الأمر نفاه زميل لمصطفى الحايا في العدالة والتنمية، امتنع بدوره عن الكشف عن اسمه، إذ أكد أن القضية هي مسألة مبدأ، وأن انتفاضة الحايا نابعة من احترام الميثاق الجماعي. الاختلاف في وجهات النظر بين النائب الأول والنائب الخامس للعمدة، في جلسة عمومية، لا يعتبر أمرا مفاجئا، حسب بعض المراقبين للشأن المحلي للدارالبيضاء، إذ بالعودة إلى الطريقة، التي شكل بها المكتب المسير للمدينة، يظهر أن التحالف الذي قاد ساجد لقيادة الدارالبيضاء من جديد، تحالف مكون من ألوان سياسية مختلفة، وهي التجربة ذاتها التي عاشتها الدارالبيضاء، خلال السنوات الخمس الماضية، وهذا ما سيفرز، حسب المراقبين ذاتهم، حروبا داخلية بالمكتب المسير، خاصة بين القطبين الأساسيين في هذه المعادلة، وهما حزبا الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية، ما سينعكس بالضرورة على عمل هذا المجلس. فهل يستطيع العمدة قيادة فريقه بإتقان، حتى لا تنفلت الأمور من بين يديه، أم أنه سيترك ذلك للأيام، لعلها تصلح ذات البين، وتجعل أعضاء المكتب المسير فريقا منسجما، بدل نشر الغسيل، "وهاديك الساعة غاديا تكون الشوهة" في مكتب يسير أكبر حاضرة في المغرب؟!