يحتضن المغرب المؤتمر الدولي الأول لاتحاد المستثمرات العربيات بالصخيرات، من اليوم الأربعاء، إلى 30 أكتوبر. وأسندت مهمة تحضير المؤتمر إلى أسماء مهيب، التي اختارها اتحاد المستثمرات العربيات رئيسة لممثلية الاتحاد بالمغرب. وأعلنت مهيب أن احتضان المغرب لفعاليات المؤتمر الدولي للمستثمرات العربيات، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، يمثل فرصة للوقوف عند الظرفية الاقتصادية بالعالم العربي، في ظل الوضع الاقتصادي والمالي العالمي، الذي يثير العديد من التساؤلات والانشغالات، من أجل استنباط الخطط الكفيلة بتدعيم الاستثمار النسائي، كأحد البدائل الحاملة لإمكانات تجاوز الوضع الحالي. وأفادت مهيب أن المؤتمر سيكون أرضية لتدارس مواضيع، من شأنها أن تشكل خارطة طريق لمحددات الاستثمار النسوي بالعالم العربي، وتباحث الأوضاع الاقتصادية المرتقبة، لما بعد الأزمة المالية العالمية، وأضافت أنه، إلى جانب أعضاء اتحاد المستثمرات العرب، ستشارك في هذا المؤتمر الدولي أزيد من 33 دول أجنبية، ومنظمات دولية وجهوية، لها وزن في تحديد السياسات العمومية والخاصة بالاستثمار وقضايا النوع، مشيرة إلى أن العديد من الشخصيات البارزة، عربيا ودوليا، أكدت حضورها أشغال المؤتمر، كما أكدت بعض السيدات الأوائل من العالم العربي حضورهن. وأوضحت أن هدف المؤتمر الدولي يرمي، أساسا، إلى توسيع مشاركة المستثمرات عضوات الاتحاد، إلى جانب المستثمرين من مختلف التخصصات والقطاعات والخبرات الاقتصادية والمالية، العربية والدولية، في وضع استراتيجية تحدد الأهداف والآليات، وتشجع دعم المرأة العربية في إعادة جذب وتوطين رؤوس الأموال داخل العالم العربي، بهدف تحقيق التنمية المستدامة، والاستفادة من التجارب الناجحة، والاطلاع على المعوقات، التي قد تواجهها، مع إيجاد آليات للتواصل، من خلال شبكات لتبادل الخبرات، وإقامة مشاريع مشتركة، تدعم تكاملية العمل العربي المشترك بين الرجال وسيدات الأعمال والمستثمرات بالعالم العربي، وحث الفاعلين الاقتصاديين والماليين، وطنيا وجهويا ودوليا، على اتخاذ تدابير خاصة، من شأنها أن تساعد على تطوير وتشجيع المستثمرات. وأبرزت رئيسة الممثلية الدائمة لاتحاد المستثمرات العرب بالمغرب، أن الاتحاد المنضوي تحت مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، التابع للجامعة العربية، الذي يضم 16 دولة عربية، يهدف، أيضا، إلى تشجيع المستثمرات العربيات لإقامة مشاريع عربية وأجنبية، للاستفادة من التكنولوجيا العالمية، ودعم الجهود الهادفة إلى تنمية الاستثمار العربي والأجنبي، والتعاون في إطار الجامعة العربية، ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية، ومؤسسات العمل العربي المشترك. وأكدت مهيب، بخصوص أجندة التمثيلية الدائمة لما بعد المؤتمر، أن "توصيات المؤتمر ستكون موضوع متابعة من أجل تنفيذها ضمن الأجندة والآجال المحددة، وأن تنظيمه بالمغرب يعتبر إحدى نقط مخطط عمل التمثيلية، المسطر منذ إحداثها، على أساس أن هناك نقطا أخرى تسير في الاتجاه ذاته، وبالتالي، جعل حضور المغرب واضحا ضمن حركية الاتحاد، إضافة إلى تكثيف توثيق التجارب، وتبادل الخبرات بين المستثمرين والمستثمرات المغاربة ونظرائهم العرب، والتعريف بما للمرأة المستثمرة من أدوار مؤثرة في تنمية مجتمعاتها، من خلال إقامة المشاريع الكبرى والمتوسطة والصغيرة". تنظيميا، سيناقش المؤتمر ثلاثة محاور رئيسية، ويتعلق الأمر بمحور "الاستثمار في ظل المناخ الاقتصادي العالمي"، ويشارك في هذا الجانب زليخة نصري، مستشارة جلالة الملك محمد السادس، ولطيفة اخرباش، كاتبة الدولة للشؤون الخارجية والتعاون، وممثلون عن البنك العالمي، وأحمد جويلي، الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية، ويوسف بطرس غالي، رئيس اللجنة المالية والنقدية بصندوق النقد الدولي، ووزير المالية في مصر، والمدير العام للإسيسكو، وصلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية، وكولسير كورات، مدير قسم من أجل المساواة بين الجنسين باليونسكو. وسيناقش المؤتمرون في المحور الثاني موضوع "الفرص الجديدة للاستثمار"، أما المحور الثالث، فيتطرق إلى موضوع "محددات الاستثمار النسائي". يشار إلى أن الاتحاد تأسس في 27 دجنبر 2004، تحت رعاية سوزان مبارك، زوجة الرئيس المصري، حسني مبارك، إذ أعلن أحمد جويلي، الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية، ميلاد اتحاد المستثمرات العرب، بوصفه كيانا اقتصاديا يعمل تحت مظلة المجلس، ويضم 16 دولة عربية، هي الأردن، والإمارات، والبحرين، وتونس، والجزائر، والسعودية، والسودان، وسوريا، وقطر، والكويت، ولبنان، وليبيا، ومصر، والعراق، واليمن، والمغرب. وتحتضن مصر المقر الرئيسي للاتحاد، وتنظم أنشطته تحت الرعاية السامية للسلطات العليا للبلدان الأعضاء، خاصة السيدات الأوائل. ويهدف الاتحاد، الذي يضم نخبة من الكفاءات والخبرات النسائية، إلى تشجيع المستثمرات العربيات لإقامة مشروعات عربية وأجنبية مشتركة، بهدف الاستفادة من التكنولوجيا العالمية، والعمل على تحفيز الاستثمار في العالم العربي، والسعي لجلب رؤوس الأموال العربية والأجنبية للاستثمار في البلاد العربية، ودعم الجهود الهادفة إلى تنمية الاستثمار العربي والأجنبي، والتعاون في إطار جامعة الدول العربية، ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية، ومؤسسات العمل العربي المشترك، وتعزيز مشاركة المرأة المستثمرة في البلاد العربية في تنمية مجتمعاتها المحلية والعربية، ودعم حضورها في كافة المجالات، بما يساهم في الارتقاء بالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، والبيئية، والتربوية، والثقافية لهذه المجتمعات، إضافة إلى الدعوة إلى إدماج قضايا المرأة العربية، ضمن أولويات سياسات، وخطط التنمية الشاملة، والتوعية القانونية والإدارية والبيئية لأعضاء الاتحاد، بكل ما يتعلق بقوانين الاستثمار والمستجدات العالمية والإقليمية. ويعمل الاتحاد، أيضا، من أجل توثيق التجارب، وتبادل الخبرات بين المستثمرين والمستثمرات، خاصة في المجالات الرائدة والمتميزة، والتعريف بما تنجزه المرأة المستثمرة من أدوار مؤثرة. وفي لقاء ل"المغربية" مع رئيسة ممثلية الاتحاد بالمغرب، أكدت أسماء مهيب أنه أصبحت، اليوم، بعض المكتسبات الحقيقية في مجال الاستثمار النسوي، لم يعد بإمكان أحد أن ينكرها أو يتراجع عنها، مشيرة إلى أن بعض المقاولات النسوية أصبحت من أهم المقاولات في العالم العربي، وتؤدي دورا رياديا في القطاعات الاقتصادية التي تنتمي إليها. وأضافت أن "المقاولات الصغرى للنساء أصبحت عنصرا رئيسيا في الاقتصاد الاجتماعي بغالبية البلدان العربية، وتمثل المحور الضروري للتنمية المستدامة في المنطقة"، معتبرة أن "الطريق مفتوح للاستثمار النسائي، لكنه طريق غير معبد، ويحتاج إلى التصميم". وقالت إن "المرأة المستثمرة، عربيا، ظاهرة حديثة على العموم، وإن كان الكيان الاقتصادي للمرأة مسألة مقبولة اجتماعيا ودينيا، منذ القدم، فهناك عوامل دفعت إلى تقليصه وتبعيته القسرية للمجتمعات الذكورية المهيمنة". وترى مهيب أن المهم هو انطلاق المرأة العربية بقوة في السنوات الأخيرة، وولوجها إلى عالم الأنشطة الاقتصادية والتجارية والخدماتية والمنتجة، ومن بين نتائج هذه الانطلاقة، إنشاء النوادي النسوية للمستثمرات، ويصعب، لحد الساعة، الحديث عن مساواة في هذا المجال، إذ ما زالت هناك العديد من العراقيل". وأوضحت مهيب أن العالم يعرف فترة تتميز فيها المجتمعات بفرصة ثمينة، يحتل فيها الاستثمار النسوي دورا مهما في بناء الاستقرار الاجتماعي، والتنمية المستدامة، والازدهار الاقتصادي، لأن هذا الاستثمار يبدأ، حسب مهيب، في غالبية البلدان النامية من أسفل السلم، إذ الفقر والتهميش، الذي يطال المرأة قبل باقي المجتمع، وإذ القطاعات والأنشطة غير المهيكلة، ليمر بكل المستويات، ويصل إلى القمة في الخدمات، والتجارة، والأبناك، والصناعات التقليدية والحديثة، والتكنولوجيات الجديدة. وأبرزت أن حلول الواقع الجديد تمر، بشكل طبيعي، من خلال الدور النسائي القوي في المقاولة والاستثمار. وبخصوص معوقات الاستثمار النسوي، أشارت إلى أنها متعددة، فهناك ما هو ناتج عن وضع المرأة الاجتماعي، وتوزيع السلط داخل الأسرة، ومنها ما ينتج عن ضعف التكوين والتأهيل، ومنها علاقة الإدارة بالمرأة، بما يشوبها من تسلط وأبوية، وما ينتج من حيف ضمن اختلالات التشريع، وغياب سياسات التحفيز المالي والإداري تجاهها. وأضاف أن هناك ترسانة أخرى من مشاكل عديدة، منها أن المرأة المستثمرة في العالم العربي تعاني البيروقراطية، التي تنتجها الإدارة في العالم العربي أكثر مما يعانيه الرجل إزاء المخاطب نفسه. وتؤدي هذه العوامل، حسب مهيب، إلى عرقلة سير مشاريع الاستثمار، التي تكون أشد وقعا على النساء، بل هناك، في العالم العربي، قوانين سنت في محاكاة لقوانين عتيقة أوروبية، تضع عراقيل تشريعية حقيقية أمام هامش المبادرة النسوية. وقالت مهيب "في المغرب، تمثل الأسر التي تقودها المرأة قرابة 30 في المائة من الأسر المغربية، حسب إحصاءات حديثة ورسمية تخص استطلاعات ودراسات مديرية الإحصاء، وندرك أن سياسات القروض الصغرى، ومشاريع تنمية الدخل بالنسبة للأسر الفقيرة تتوجه، عمليا، إلى النساء، كما أن سياسات التأهيل المهني ومحاربة الأمية تتوجه، أيضا، إلى النساء. وتشكل اليد العاملة النسوية خزانا تعتمد عليه بعض الصناعات بشكل كلي، ويتضمن هذا الكثير من الاستغلال البشع لكفاءات المرأة المغربية. لكن، من خلال كل هذا الواقع المتشابك، يتأكد اليوم تدريجيا دور المرأة في المجال المقاولاتي، وتمثل بعض النماذج مثالا للنجاح، وأملا كبيرا في تحقيق الندية على مستوى فعلي، يترجم الطموحات إلى واقع معاش". واستشهدت رئيسة ممثلية اتحاد المستثمرات العرب ببحث أنجز سنة 2004 لفائدة جمعية المقاولات المغربيات، يعطي بعض المؤشرات حول الظاهرة النسوية في مجال المقاولات، منها، مثلا، أن النساء اللائي يملكن مقاولات، ويعملن بشكل مباشر على تسييرها يمثلن قرابة 68 المائة، حسب الاستطلاع المذكور. وأن 60 في المائة منهن يمتلكن مستوى تعليميا عاليا. وقالت "لا يبدو في المغرب وجود تناقض بين الواجبات الأسرية والحياة العملية، إذ أن 70 في المائة من عينة الاستطلاع متكونة من نساء متزوجات، وأكثر من النصف يربين أطفالا، ما يدل على درجة كبيرة من الاندماج الاجتماعي لهؤلاء النسوة". مشيرة إلى وجود خاصية يشتركن فيها مع الرجال في المغرب، تتعلق بالوضع القانوني للمقاولات النسائية، إذ أن أغلبية المقاولات هي شركات محدودة (أكثر من 57 في المائة)، ومقاولات فردية (22 في المائة)، وهذا "تأكيد لبعد ثقافي وسياسي محلي، يعكس أهمية عمليات التحديث، التي يجب أن تصاحب المقاولة والاستثمار النسائي على مستوى المجتمع" . وأكد مهيب ل"المغربية" أن هذا المؤتمر جرى التحضير له، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة، و"هذا ما يمثل تقديرا وشرفا كبيرا، خصصته المملكة، في أعلى مستوياتها، للتظاهرة، ومن خلالها لكل المستثمرات العرب. وأضافت أن "المسألة طبيعية ومنسجمة مع الاختيارات السامية لجلالة الملك محمد السادس منذ الالتفاتة المولوية الخاصة بمدونة الأسرة، وقضية جنسية أطفال المتزوجات بالأجانب، إلى غير ذلك من المبادرات السامية تجاه النساء". وشددت مهيب على أن هذا اللقاء الدولي يتوخى توسيع مشاركة المستثمرات، عضوات الاتحاد، والمشاركين من مختلف التخصصات والخبرات الاقتصادية والمالية، العربية والدولية، في وضع استراتيجية تحدد الأهداف والآليات، بهدف تحقيق التنمية المستدامة، والاستفادة من التجارب الناجحة، والاطلاع على المعوقات التي تواجهها، لفرز سبل التغلب عليها، مع إيجاد آليات للتواصل، من خلال شبكات لتبادل الخبرات، وإقامة مشاريع مشتركة، تدعم تكاملية العمل العربي المشترك بين الرجال وسيدات الأعمال والمستثمرات في العالم العربي، وحث الفاعلين الاقتصاديين والماليين، وطنيا وجهويا ودوليا، على اتخاذ تدابير خاصة، من شأنها أن تساعد على تطوير وتشجيع المستثمرات. وقالت رئيسة تمثيلية اتحاد المستثمرات العرب بالمغرب "الحقيقة أن حاجيات النساء المستثمرات كثيرة، وإذا تمكن المؤتمر من وضع بعض اللبنات المشجعة، مثل تطوير أدوات للرصد والتقييم للاستثمار النسوي، وتشكيل مواقع قادرة على تطوير العلاقات المهنية بين الفاعلين الاقتصاديين النساء، عربيا ودوليا، فسيكون، بذلك، فتح آفاقا هائلة لعمل دائم وواعد". وحول ضرورة توطين الرأسمال العربي، أبرزت مهيب أن إشكالية التوطين وإعادة التوطين للرأسمال في العالم العربي ترتبط بالمناخ الاقتصادي والسياسي السائد في هذه المنطقة، مضيفة أن دعم الاستثمار النسوي لا يعطي حلا نهائيا لهذا الجانب، لكنه يلعب دورا مهما، يساهم في إيجاد هذا الحل. وقالت "عندما يتوجه المستثمرون الرجال، أو النساء، إلى بلد ما، يفعلون ذلك لاعتبار توفره على امتيازات لا تتوفر لدى غيره، وموضوع جلب الاستثمارات الأجنبية للعالم العربي يفرض علينا النجاح في جعل المجال العربي متميزا في بنياته التحتية وموارده البشرية، أما المستثمرات النساء فلن يستطعن تغيير بعض المعطيات لوحدهن، فهناك المسؤولية الاجتماعية لكل الفاعلين، وعلى الجميع أن يتحملها، رجالا ونساء، قطاعات حكومية، أو خاصة". وعن موضوع التفاوت بين الواقع والمنظومة التعليمية بالمغرب، أكدت مهيب أن هذه المنظومة تحتاج إلى مراجعة عميقة، حتى تتلاءم وحاجيات المجتمع العربي اليوم، وهذه الإشكالية مطروحة على المجتمع بأسره، رجالا ونساء. وأردفت قائلة "لا يمكن تناسي حقيقة أن أكبر ضحايا المنظومة الحالية هي المرأة. ونحن في حاجة إلى تطوير سياسات تعالج هذا الاختلال، فوضعية المرأة، بالنسبة للتعليم اليومَ، هي نتاج جملة من الأسباب والعوامل، التي يجب تغييرها، ومن ضمن هذه العوامل، هناك الجوانب الاقتصادية، التي تتمثَّل في تقسيم العمل، وإعطاء الذكور حظاً أوفر من الإناث، والعوامل الاجتماعية والثقافية، ومنها سيطرة تمثّلات وتصورات خاطئة عن وضع المرأة، مثل تفضيل الذكور على الإناث، وإحجام البنات عن أداء الأنشطة الإنتاجية، ووقوف العادات والتقاليد الموروثة ضد تكافؤ الفرص، ما يحول، أحيانا كثيرة، دون تعليم المرأة وتربيتها، ويضعف فرص التعليم أمام المرأة، ما ينعكس سلباَ على عقلها وفكرها. وأشارت، في السياق ذاته، إلى جود عوائق مادية، تتعلق بعجز النساء عن متابعة التعليم، بسبب الفقر وكثرة الانشغالات في البيت، وإهدار طاقاتهن في القيام بأعبائه المختلفة. وختمت مهيب تشخيصها قائلة "نحن في حاجة لتبني سياسة دعم تعليم المرأة، كسياسة جذرية، لتعزيز إمكانات النساء ومشاركتهن في بناء مجتمعاتهن في العالم العربي".