ما يزال قرار الحكومة بضرورة إدلاء الموظفين والمستخدمين ومرتفقي الإدارات بجواز التلقيح لولوج الإدارات العمومية وشبه العمومية والخاصة يثير الجدل، وانتقل هذه المرة ليطرق أبواب المؤسسات التعليمية التي تعيش على إيقاع تضارب الأخبار والمعطيات بخصوص تفعيل هذا القرار، في ظل غياب قرار رسمي للحكومة أو وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة يوضح حيثيات هذا الأمر على قطاع التعليم إلى حدود نهاية الأسبوع المنصرم. وعلمت «الصحراء المغربية» أن بعض المؤسسات التعليمية خاصة منها الخصوصية، استبقت الأمر واجتهدت معلنة أنها ستشرع في تنزيل القرار ابتداء من اليوم الاثنين أو الأسبوع الجاري على أبعد تقدير، وأن التلاميذ غير الملقحين سيتحولون إلى التعليم عن بعد في انتظار استفادتهم من التلقيح. وخلق هذا الوضع ارتباكا وسط الأسر التي لم يستفد أبناؤها بعد من التلقيح، خصوصا أنه عند إطلاق عملية التلقيح في صفوف التلاميذ الفئة العمرية 12 سنة وما فوق جرى إعلان أن الأمر اختياري. بالمقابل، أوضحت مصادر متطابقة أنه لا وجود لأي قرار رسمي لتطبيق الإلزامية لحد الساعة على مستوى المؤسسات التعليمية وحتى الجامعية، وأن هناك توجيهات بخصوص المرونة في تفعيل القرار على مستوى المؤسسات التعليمية، من خلال منح فرصة للتلاميذ والأطر التعليمية خلال الأسبوع الجاري لتلقي اللقاح، وأن التعبئة لإنجاح هذه العملية كانت موضوع لقاءات على مستوى مجموعة من المديريات الإقليمية. وذكرت المصادر ذاتها أن منظومة مسار سهلت عملية ضبط لوائح التلاميذ الملحقين وغير الملقحين، علما أن عملية التلقيح بلغت مراحل مهمة في الأوساط المدرسية، مشيرة إلى أن بعض مديري المؤسسات التعليمية شرعوا منذ نهاية الأسبوع المنصرم في مخاطبة التلاميذ غير الملقحين وتحسيسهم بأهمية تلقي اللقاح، كما جرى بمدهم بمطبوع خاص بموافقة أولياء الأمور على عملية التلقيح. وحسب المصادر ذاتها، فإن عملية التحسيس شملت، أيضا، الأطر التعليمية والتربوية التي لم تتلق اللقاح بعد، موضحة أن المرور إلى إلزامية التوفر على جواز التلقيح لولوج فضاءات المؤسسات التعليمية هي مسألة وقت، في انتظار صدور بلاغ في الموضوع. وأفادت المصادر ذاتها أن عملية تطبيق إلزامية التوفر على جواز التلقيح انطلقت نهاية الأسبوع المنصرم بالنسبة لمرتفقي المؤسسات التعليمية، بحيث أنه لا يمكن ولوجهم إلا بعد الإدلاء بالجواز. وقال نور الدين عكوري، رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب، إن جميع التلميذات والتلاميذ الذين تم تلقيحهم من الفئة العمرية 12 -17 سنة، مسجلون في منظومة مسار ولدى مؤسساتهم التعليمية لوائح اسمية بذلك، وبالتالي ليس من الضروري أن يدلي التلاميذ بجواز التلقيح عند ولوجهم لمؤسساتهم التعليمية بحكم أنها تعرف الملقحين وغير الملقحين. وأضاف عكوري، في تصريح ل»الصحراء المغربية»، أنه لا يمكن لأي مؤسسة تضم ما يزيد عن ألف تلميذ، أن تراقب التوفر على جواز التلقيح عند الولوج، لأن ذلك سيؤدي إلى هدر الزمن المدرسي. أما بخصوص التلاميذ الذين لم يجر تلقيحهم بعد على مستوى المؤسسات التعليمية، أعلن عكوري أنهم تعبأوا كفدرالية مع الوزارة للقيام بعمليات تحسيسية تربوية وسط أولياء الأمور بأهمية الانخراط في حملة التلقيح على صعيد الأكاديميات والمديريات الإقليمية، والعمل على التواصل والاستماع إلى كل الأسر التي لم يلقح أبناؤها بعد ومناقشتها في الأمر، لمعرفة الأسباب، وإن كانت ترتبط بمرض ما، أو تخوفات يمكن معالجتها، وبالتالي العمل على شرح وتبسيط أهداف عملية التلقيح. وأكد على أهمية عمليات التواصل والتحسيس في أوساط فئة أولياء التلاميذ غير الملحقين، وأنه لا يمكن لأي قرار أن يمنع التلميذ من متابعة دراسته، مشددا على أن المقاربة التربوية التحسيسية هي الأساس قبل أي مقاربة زجرية. من جهته، اعتبر عبد الرزاق الإدريسي، الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي) أن إلزامية التوفر على جواز التلقيح قرار ليس صحيحا، وسيخلق متاعب وقلقا في أوساط نساء ورجال التعليم والتلاميذ والطلبة والمتدربين. واستنكر الإدريسي، في تصريح ل»الصحراء المغربية» تفعيل القرار دون إقناع، علما أن الحكومة أعلنت سابقا أن الأمر اختياري، وهو ما يجعل هذا التحول المفاجئ في تنزيل القرار أمرا غير معقول. وبعد أن أوضح أن القرار لم يكن مسبوقا بأي تهيئ للعملية، أعلن أن الأمر كان يتطلب تواصلا قويا مع كل فئات المجتمع، كما أن تنزيله يقتضي وقتا، وليس بين عشية وضحاها، من خلال تهديد التلاميذ غير الملقحين بالمنع من تلقي الدروس داخل مؤسساتهم، وكذا الأساتذة غير الملقحين بحرمانهم من الالتحاق بالمؤسسات التعليمية للتدريس. وتحدث الإدريسي عن انطلاق عملية الإلزامية في بعض المؤسسات التعليمية بالرباط ومجموعة من الكليات، وأشار في هذا السياق إلى منع إدارة ثانوية توجد قرب غابة هيلتون يوم الجمعة تلاميذ غير ملقحين من ولوج المؤسسة، معتبرا هذا التصرف أمرا غير معقول. وأضاف أن «الأمر كرر صباح أول أمس السبت، بحيث رفضت الإدارة استقبالهم، ما جعلهم ينظمون وقفة بمعية أولياء أمورهم، ولم يتم التجاوب مع مطالبهم، ما حذا بهم إلى استقدام مفوض قضائي لإثبات عملية المنع من الدخول إلى مؤسسة تعليمية بسبب غياب جواز التلقيح». وكان المكتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم اعتبر في اجتماعه الأخير قرار فرض جواز التلقيح «قرارا تعسفيا وتمييزيا، غير مؤسس على سند قانوني، ويتناقض مع الترويج على أن التلقيح اختياري»، مؤكدا أن «فرضه تضييق على الحقوق والحريات وخرق سافر للقوانين التي تضمن حرية التنقل وحق ارتياد المرافق العمومية للحصول على الوثائق الإدارية وتعطيل لمصالح المواطنين». وتساءل عن الكيفية التي ستتعامل بها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي مع نساء ورجال التعليم والتلميذات والتلاميذ والطالبات والطلبة والمتدربات والمتدربين غير الملقحات والملقحين بسبب رفض التلقيح أو بسبب آخر، أمام خطر المنع من ولوج المؤسسات والإدارات التعليمية.