تحدث البروفيسور مولاي هشام عفيف، المدير العام للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، في حوار ل"الصحراء المغربية"، عن أنه بفضل التوجيهات السديدة لجلالة الملك محمد السادس ساهمت في محاصرة جائحة "كورونا" وتحقيق نتائج مهمة ومشجعة جدا، يجب اعتبارها مكسبا للوطن والحرص على تنميتها والمحافظة عليها من خلال الاستمرار في التعبئة والصبر واحترام تعليمات السلطات المختصة، التي بمخالفتها يجري فقدان مكاسبها نحو المنحى السلبي، وباحترامها يسمح للمغرب بتجاوز المرحلة بسلام. وأفاد البروفيسور عفيف، أن المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، يلعب دورا محوريا في التصدي لجائحة كورونا منذ اكتشاف أول حالة إصابة في المغرب، إذ وضع برنامجا محكما للتصدي لها، ارتكزت على مضاعفة عدد أسرة مصالح الإنعاش والعناية المركزة بمساعدة ولاية الدارالبيضاء لأجل استباق أي وضعية قد تعرف ارتفاعا محتملا في عدد المصابين ب"كوفيد 19"، وذلك بدعم من وزارة الصحة لخلق أسرة جديدة للإنعاش والرفع من تجهيزات وتدعيم مصالح الإنعاش والعناية المركزة المتوفرة في المركز. وينضاف إلى ذلك، يقول تأهيل وتكوين العنصر البشري للتكفل الطبي بالحالات التي تكون في حالة خطيرة ومستعصية أو حرجة جدا في بعض الأحيان، أغلبها من المتقدمين في السن ومصابين بأمراض مزمنة، إلى جانب استقبال أطباء الإنعاش المتطوعين من القطاع الخاص لتعزيز الأطقم الطبية للمركز وتقديم يد المساعدة للفرق الطبية عند الضرورة. وأوضح أن المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، خلق خلية اليقظة ولجنة التصدي لفيروس "كوفيد19"، عملت على رصد جميع المداخل الممكنة لمرضى "كوفيد 19"، وتهيئ فضاءات عزل المشتبه في إصابتهم بالفيروس لتفادي اختلاطهم بالمرضى الآخرين الذين يفدون على باقي المصالح الطبية، خصوصا مصالح المستعجلات، يضيف البروفيسور مولاي هشام عفيف. وبالموازاة مع ذلك، اتخذت التدابير الضرورية لاستمرار العلاجات في المستعجلات الطبية والجراحية والمصابين بأمراض مزمنة، مثل أمراض السرطان والقلب والرئة أو الكلي وأمراض أخرى، بالنظر إلى مسؤولية المركز في توفير الخدمات الصحية من المستوى الثالث للمرضى الآخرين، غير المصابين ب"كوفيد19"، إلى جانب تطوير تقنية التطبيب عن بعد. كما عمل المركز على انخراط مختبراته في تشخيص "كوفيد 19" بتقنية PCR، منذ 5 أبريل الماضي، ما سمح بالرفع من عدد التحاليل المنجزة على صعيد الجهة وتقليص مدة تسليم نتائجها.
في البداية، نود التعرف على الدور الذي يلعبه المركز الاستشفائي الجامعي في مكافحة جائحة "كورونا" والتكفل بالمصابين بفيروس "كوفيد19". تلعب المراكز الاستشفائية الجامعية دورا محوريا في ظل جائحة"كوفيد19"، إذ يعد المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد وكباقي مستشفيات المملكة في الخط الأمامي في مواجهة هذا الوباء. فمنذ ظهور أول حالة مؤكدة مصابة بمرض فيروس كورونا المستجد كوفيد-19،تهيأ المركز الاستشفائي الجامعي لاستقبال هؤلاء المرضى. فكان من اللازم توفير كل الظروف والحاجيات الضرورية للتكفل بهذه الحالات. ولتحقيق هذه الغاية سارع المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، وبطريقة استباقية، بتعبئة كل إمكانياته وموارده وذلك بإعادة تنظيم مختلف مصالحه الاستشفائية لتكون على استعداد لاستقبال الحالات الحرجة في وحدات ومصالح الإنعاش والعناية المركزة. وفي هذا الصدد، تمت مضاعفة عدد الأسرة المخصصة لمرضى كوفيد-19 لفتح المجال لاستقبال هذه الفئة بمستشفى ابن رشد، بالإضافة إلى توفير الموارد البشرية الطبية والشبه طبية اللازمة لتشغيل هذه المصالح المخصصة لاستشفاء مرضى كوفيد-19. وتبعا لذلك، خضعت هذه الأطقم لدورات تكوينية حول سبل الوقاية من الوباء وطرق استعمال الوسائل الشخصية للوقاية. من جهة أخرى، عبأ المركز كل المصالح اللوجستيكية لمواكبة الحاجيات الضرورية للتكفل بمرضى كوفيد-19 منها توفير الأدوية والمواد الصيدلية، المستلزمات طبية، شروط النظافة ومعالجة النفايات وغيرها من الأمور التي تضمن استشفاء مرضى كوفيد19 في أحسن الظروف.
كم عدد الحالات المصابة ب"كوفيد19" التي تكفل بها المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد منذ ظهور الجائحة؟ استقبل المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد حوالي 90 حالة إصابة بكوفيد19، كلها حالات خطيرة أو جد حرجة، عموما تتطلب مدة استشفاء تصل إلى شهر، باستثناء حالة واحدة تطلبت فترة استشفاء طويلة المدة داخل مصلحة الإنعاش والعناية المركزة، بلغت مدتها قرابة 60 يوما. علما أن المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، يستقبل حالات أخرى أقل خطورة. كما تطلبت بعض حالات مرضى "كوفيد 19" خضوعهم لتدخلات أخرى منها إجراء بعض العمليات الجراحية بسبب حملهم لأمراض أخرى غير "كوفيد"، منها القلب والسرطان على سبيل المثال.
يعتبر المركز الاستشفائي الجامعي، مؤسسة عمومية تقدم خدمات استشفائية وعلاجية تندرج في خانة المستوى الثالث من التدخلات الطبية، ما طبيعة حالات المصابين بكوفيد-19 التي تحال على المركز، وما خصوصية عملية التكفل التي تميز المركز عن باقي المستشفيات الاقليمية أو الجهوية؟ فعلا، يقدم المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد خدمات من المستوى الثالث على مستوى النسيج الصحي في جهة الدارالبيضاء-سطات، لذا فهو يستقبل الحالات الخطيرة والمستعصية من مرضى كوفيد-19. وجميع هذه الحالات تتطلب التكفل الصحي بمصالح الإنعاش والعناية المركزة، حيث تحتاج أحيانا إلى التنفس الاصطناعي بسبب إصابة المرضى بضائقة تنفسية حادة. أضيف إلى ذلك، أننا نجد أن هذه الحالات، تعاني، عموما، من أمراض أخرى مزمنة، مثل أمراض القلب والكلي والضغط الدموي والسكري والسرطان والسمنة وغيرها، وهذا ما يزيد من مضاعفات وخطورة الحالات. بالإضافة إلى التكفل بهذه الحالات الخطيرة لكوفيد-19على مستوى جهة الدار البيضاء-سطات، فإن المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، يستقبل كذلك مرضى من مدن بني ملال و خريبكة وأزيلال. استقبل المركز بمصالح الإنعاش أول حالة كوفيد- 19خطيرة في المغرب في 5 مارس الماضي، إذ تقرر إعادة تنظيم أنشطة المركز جزئيا للتعامل مع هذه الجائحة، مع الاستمرار في تقديم الرعاية اللازمة لمرضاه الآخرين، عن طريق إعادة تنظيم المصالح الاستشفائية الأخرى وذلك عبر إعادة برمجة المواعيد بالنسبة إلى العمليات الجراحية غير المستعجلة مع المحافظة على استمرارية تقديم الخدمات الطبية المستعجلة. فالمركز، بالطبع، حافظ على أنشطة الجراحة الباطنية وجراحة الأعصاب وجراحة العظام وجراحة الأنف والأذن والحنجرة، أمراض السرطان والأورام وأمراض الدم والحروق والأمومة، وغيرها من التخصصات الطبية الأخرى, كما قام المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد في هذا الصدد بعدة تدابير وإجراءات احترازية بهدف مواجهة وحصر انتشار الوباء، مثل تنظيم الحملات التحسيسية حول وسائل الوقاية للمرضى والمرتفقين، كما قلص من وقت وعدد الزيارات للمرضى وقيدها بشروط سلامة المرتفقين والمرضى لتفادي نقل العدوى لهذه الفئة الهشة. وتبعا لذلك، ساهم فرض حالة الطوارئ الصحية المتخذة من طرف السلطات الصحية في تقليص عدد الزائرين بشكل مهم. وفي إطار تهيئة المسالك المخصصة لمرضى كوفيد-19 ولتجنب اختلاطهم مع باقي المرضى غير المصابين بهذا الفيروس، تم تشخيص كل المنافذ الممكنة لهؤلاء المرضى وعلى الخصوص مصالح المستعجلات، حيث خصصت قاعات لعزل المرضى المحتمل إصابتهم بالفيروس، لتسهيل فحصهم وأخذ العينات الضرورية لإجراء التحاليل اللازمة للكشف عن الحالات.
أبرزت جائحة "كورونا" أهمية ومكانة المراكز الاستشفائية الجامعية، كيف واكب مركزكم عمليات توفير بنيات جديدة أو التزود بمعدات لوجيستيكية تتطلبها الظرفية الصحية الاستثنائية؟ حسب تطور الحالة الوبائية وحسب الضرورة، ودائما بطريقة استباقية واحترازية، قمنا بتهيئة سيناريوهات للرفع من الطاقة الاستيعابية لأسرة الإنعاش والعناية المركزة للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد. وفي هذا الصدد، تمت تهيئة مصالح جديدة للإنعاش بدعم من ولاية جهة الدار البيضاء-سطات، وبتعزيز التجهيزات البيو طبية لكل مصالح الإنعاش، سواء المحدثة منها أو القديمة، من طرف المركز بدعم من وزارة الصحة. خلال هذه الظروف الاستثنائية تم تزويد المصالح المخصصة للتكفل بهذه الفئة بكل الوسائل البشرية من أطباء وممرضين وغيرهم من المتدخلين، كما تم استقبال أطباء الإنعاش المتطوعين من القطاع الخاص لتعزيز الأطقم الطبية للمركز وتقديم يد المساعدة للفرق الطبية عند الضرورة. من جهة أخرى، وللاستجابة إلى حاجيات تشخيص مرض "سارز كوف 2" بواسطة تقنية PCRأي الحمض النووي للفيروس ، كان المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد من المراكز الاستشفائية الجامعية السباقة إلى إجراء التحاليل في مختبراته، وذلك منذ 5 أبريل الماضي، إذ تم خلق وحدة مخصصة لإجراء التحاليل الخاصة بفيروس كورونا داخل مختبراته في مستشفى ابن رشد، حيث تستقبل هذه الوحدة العينات الخاصة بمصالح المركز وبالمستشفيات العمومية للجهة، مما مكن من تقليص مدة انتظار نتائج التحاليل وسمح بالرفع من عدد الحالات المشخصة. ولتتبع الحالة الصحية للمرضى المصابين بالأمراض المزمنة، وذلك في إطار احترام إجراءات الحجر الصحي وتجنب تنقلهم إلى المستشفى، لاسيما المرضى القاطنين في المناطق البعيدة، يعمل المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، بعد الحصول بطبيعة الحال على كل الترخيصات اللازمة، على إطلاق برنامج التطبيب عن بعد، لتمكين أطباء المركز من تتبع الحالة الصحية لمرضاهم وتفادي مضاعفات بعض الحالات.
نعلم أن المركز الاستشفائي الجامعي يتوفر على ثلة من أساتذة الطب والباحثين، هل ساهمت جائحة "كورونا" في فتح آفاق إجراء دراسات وأبحاث علمية مغربية حول "كوفيد19"؟ فتحت المستجدات التي أفرزها ظهور وانتشار مرض فيروس كورونا المستجد المجال للأساتذة الباحثين بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بإجراء أبحاث علمية في ميدان الأمراض المعدية والتعفنية والطب الاستعجالي والإنعاش وغيرها من التخصصات بخصوص هذا المرض. وكل مشاريع الأبحاث يتم عرضها على لجنة الأخلاقيات، كما هو معتمد، قبل الموافقة على إجرائها وبعد ذلك نشرها بالمجلات العلمية العالمية المحكمة. فالبحث العلمي، يعد من أهداف المركز الاستشفائي الجامعي، إذ تمت تعبئة الأساتذة الباحثين والأطقم الطبية، حيث يتوفر عدد كبير من الأبحاث في طور الانجاز، نحرص خلالها على الحصول على كل التراخيص اللازمة، والتي تمكن الأساتذة من انجاز أبحاثهم ونشرها في المجلات العالمية المختصة في المجال الطبي.
هل لديكم كلمة أخيرة حول الظروف الحالية والمستقبلية للتغلب على جائحة "كورونا"؟ لقد قطعت بلادنا أشواطا مهمة في التصدي لهذا الوباء. فبفضل التوجيهات السديدة والحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، تم وضع ونهج استراتيجية فعالة مكنت من الحد بشكل كبير من انتشار الفيروس في بلادنا. وهنا أشدد على أهمية الحجر الصحي ووضع الكمامات وغسل اليدين وغيرها من الإجراءات الاحترازية التي تعد من السبل الحتمية لإبقاء فيروس كورونا تحت السيطرة. والآن، أصبحنا نلاحظ، والحمد لله، التماثل للشفاء عند عدد كبير من الأشخاص الذين كانوا في مصالح الإنعاش وعند تجاوزهم مرحلة الخطر واستغنائهم عن التنفس الاصطناعي ونقلهم إلى مصالح العناية المركزة حيث يجري التكفل والاهتمام بهم إلى حين مغادرتهم المركز. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مستوى خبرة وكفاءة الأطقم الطبية وشبه الطبية التي تتوفر عليها مستشفياتنا وكذا نجاعة بروتوكول العلاج المعتمد من طرف وزارة الصحة، والذي أوصت به اللجنة التقنية والعلمية الاستشارية للبرنامج الوطني للوقاية ومراقبة الأنفلوانزا والأمراض التعفنية الحادة. وأخيرا، اغتنم الفرصة لتقديم الشكر والتنويه بالأطقم الطبية وشبه الطبية وكل المتدخلين على المجهوذات الجبارة التي يبذلونها وعلى تفانيهم وإخلاصهم في عملهم، وكذا على مستوى الالتزام والتضحية التي أبانوا عنها في ظل هذه الجائحة. استقبل المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد حوالي 90 حالة إصابة بكوفيد19" أغلبها حالات خطيرة أو جد حرجة، ضمنها حالات تطلبت فترة استشفاء طويلة المدة داخل قسم الإنعاش والعناية المركزة، منها حالة مريضة، بلغت مدة التكفل الطبي بها داخل هذه الأقسام، 60 يوما. خلق المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد خلية اليقظة ولجنة التصدي لفيروس "كوفيد19"، عملت على رصد جميع المداخل الممكنة لمرضى "كوفيد 19"، وتهيئ فضاءات عزل المشتبه في إصابتهم بالفيروس لتفادي اختلاطهم بالمرضى الآخرين الذين يفدون على باقي المصالح الطبية، خصوصا مصالح المستعجلات