أفادت معطيات للمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر أنه، منذ إطلاق برنامج العمل الوطني لمحاربة التصحر سنة 2001، وإلى حدود سنة 2013، جرت تهيئة الأحواض المائية من أجل المحافظة على التربة والحد من تدهور الأراضي، على مساحة تفوق 650 ألف هكتار، بمعدل 75 ألف هكتار سنويا. وسجلت المندوبية، خلال تقديم حصيلة محاربة التصحر في ندوة صحفية، أمس الثلاثاء بالرباط، بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة التصحر (17 يونيو)، أن برنامجا وضع لتثبيت الكثبان الرملية على مساحة تقارب 39 ألف هكتار لحماية التجمعات السكنية والواحات والتجهيزات الفلاحية. وعلى مستوى التنوع البيولوجي، أنشئت عشرة منتزهات وطنية، و24 محمية طبيعية، وثلاث محميات للمحيط الحيوي، ما ساهم في إعادة تأهيل عدد مهم من الأصناف الحيوانية. كما جرى بناء أكثر من 130 سدا، تمكن من تعبئة ما يفوق 16 مليار متر مكعب من المياه لسقي مليون و500 ألف هكتار من الأراضي بالمناطق الجافة والشبه الجافة، فضلا عن إنجاز 18 مشروعا مندمجا لتنمية الغابات والمناطق المجاورة لها، وحوالي 50 مشروعا لاستثمار الأراضي البورية وتحسين المراعي وتحفيز تنظيم استغلالها، عبر خلق تعاونيات وجمعيات في مختلف المناطق الرعوية. وتعود أسباب ظاهرة التصحر بالمغرب٬ حسب المندوبية٬ إلى الأنظمة البيئية الهشة والأراضي المعرضة للانجراف والمناخ الجاف، الذي يسود أزيد من 90 في المائة من التراب الوطني٬ فضلا عن توالي دورات الجفاف. كما ترتبط الظاهرة بالاستغلال المفرط للموارد الطبيعية من أجل إنتاج خشب التدفئة، والرعي الجائر، واستعمال تقنيات زراعية غير ملائمة٬ ما يؤدي إلى تدهور مستمر للموارد الطبيعية يتمثل في تدهور الغطاء النباتي، وتوحل حقينة السدود وتقلص خصوبة وإنتاجية الأراضي، وزحف الرمال، وتفاقم آفة الفقر. وقال عبد العظيم الحافي، المندوب السامي للمياه والغابات، في كلمة بالمناسبة، إن"برنامج العمل الوطني لمحاربة التصحر خضع للتحيين بهدف توحيد المنظور، على أساس خصوصيات المناطق واعتباره أهم آلية للتوجيه والتحكم في مجالات تدخل التنمية". وأضاف أن الرغبة في تحقيق توازنات سوسيوإيكولوجية جديدة، التي تفرضها الحالة الراهنة لتدهور الوسط الطبيعي ومنحنى التغيير المناخي، هي التحدي الرئيسي، الذي ينبغي مواجهته في ما يتعلق بعمليات تحيين وأجرأة برنامج العمل الوطني لمحاربة التصحر، مبرزا أن هذا التطور يقتضي أن تساعد تدابير محاربة التصحر على تلبية الحاجيات الجوهرية، وتنمية السكان، وأن تؤثر على البيئة. وأكد الحافي أن عملية تحيين وتطوير الترسانة القانونية والتنظيمية، وتنظيم المستخدمين وذوي الحقوق أو المستفيدين، ولامركزية التدابير التي تتخذها المندوبية، والمناهج التشاركية والحكامة المعتمدة، هي التي وفرت شروط نجاح المشاريع المنجزة من أجل محاربة ظاهرة التصحر. ومن بين هذه المشاريع، حسب المندوب السامي، تأمين الأراضي التي ظلت معلقة لعقود، إذ وضعت حتى الآن حدودا لحوالي 98 في المائة من الأراضي الغابوية، كما بذلت جهود لاستعادة التنوع البيولوجي، لتشمل حوالي 2.5 مليون هكتار، مع أكثر من 150 موقعا ذا أهمية بيولوجية وأيكلوجية. وبخصوص الآفاق المستقبلية٬ دعت المندوبية إلى العمل على تفعيل آليات لاتخاذ القرار، وعلى رأسها نهج مقاربات جديدة ومتجددة لإعداد مشاريع مندمجة، على أساس التشارك، قصد إيجاد الموارد الضرورية لتمويل المشاريع المتعلقة بمحاربة التصحر، اعتمادا على آليات تمكن من تجميع الموارد المالية المتوفرة، ومساهمة جميع الشركاء الفاعلين على الصعيدين الوطني والدولي، وتطوير آليات للمساعدة لاتخاذ القرار، وبالأخص خريطة حساسية الأراضي للتصحر، التي تظهر المناطق الحساسة بدرجات متفاوتة. في السياق ذاته، أفادت المندوبية، أنه جرت بلورة نظام التتبع والتقييم، اعتمادا على مؤشرات معينة، وعلى مراصد لمراقبة مسار التصحر، سيمكن من متابعة صيرورة التصحر وآثار التدخلات، لتوجيه سياسة محاربة التصحر في المناطق ذات الأولوية.