أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، اليوم، مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، صلاة الجمعة بمسجد حسان بمدينة الرباط. استهل الخطيب خطبة الجمعة بقول الله عز وجل "وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا"، مشيرا إلى أن الله يسر الأمة المحمدية لدين الإسلام وهداها به للإيمان وصالح الأعمال وشرع لها فريضة الصلاة، ضمن ما شرعه من عبادات وأحكام، وجعل سبحانه المساجد أفضل أماكن إقامتها وأدائها، فأمر ببنائها وإعلاء شأنها ودعا إلى الإقبال عليها للصلاة فيها. ومن ثمة، يقول الخطيب، كان للمسجد قدسية كبيرة وحرمة عظيمة، ورسالة جليلة في الإسلام، اعتبارا لكونه مكان التقاء المسلمين على أخوة الدين والإيمان، ومكان اجتماعهم على أداء الصلوات واغتنام فضلها وثوابها مع الجماعة، وهو، أيضا، موضع إقبالهم على ذكر الله والتعلم وتلاوة القرآن، يأتي إليه المسلم طاهر القلب والمظهر، سليم النفس والمخبر، خالص النية، نقي السريرة، يملأ قلبه إحساس بالخشوع والخضوع لله ذي العزة والجلال، ويغمر نفسه شعور بالسكينة والاطمئنان. وأضاف أن بناء المسجد كان أول عمل قام به النبي صلى الله عليه وسلم حين هجرته إلى المدينةالمنورة، حيث أسس أول مسجد في الإسلام، مسجد قباء، تم أتبعه بتأسيس مسجده النبوي إرشادا وتوجيها لأمته في تعظيم حرمات الله وشعائره. ولذلك، يضيف الخطيب، فإن السلف الصالح والخلف الصالح في أمة الإسلام من الصحابة وتابعيهم، ومن خلفاء المسلمين، وعامة العباد الصالحين، عرفوا للمسجد مكانته وحرمته، وقدسيته ورسالته، وأدركوا فضله الكبير في حياة الأمة، فساروا في ذلك على نهج نبيهم المصطفى، يبادرون إلى إنفاق المال في سبيل تشييد المساجد، وإلى وقف الممتلكات للقيام بأمورها إيمانا منهم بأن أي درهم ينفقه المسلم في هذا المضمار، إنما يدخره أحسن ادخار ليجده عند الله خيرا وأعظم أجرا، ويقينا منهم بأنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، من التمسك بالدين عقيدة وعبادة، أخلاقا ومعاملة، وأن ذلك يتحقق أكثر في مساجد الله، التي هي أحب البقاع إلى الله التي تضاف إليه سبحانه إضافة تشريف وتكريم، استحضارا لقول الرسول الكريم "أحب البلاد أو البقاع إلى الله مساجدها" وقوله (صلعم) " من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله، بنى الله له مثله في الجنة"، وهو ما يعمل له ويحرص عليه أشد الحرص أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أيده الله. وأضاف الخطيب أنه إذا كان السلف الصالح من ملوك المغرب، عبر مختلف العهود قد عرفوا للمسجد مكانته ورسالته الجليلة في حياة الأمة، تعليما وإصلاحا، وتفقها في الدين، فأسسوا كثيرا من المساجد والجوامع في مختلف مدن المملكة، ورعوها حق الرعاية، خاصة في عهد الملوك والأشراف العلويين الأماجد، فإن عهد خلفهم ووارث سرهم، أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، عرف ازدهارا واسعا وعناية فائقة بالمساجد، بناء وتجهيزا ورعاية، خاصة لأهله والقائمين عليه ماديا ومعنويا. واعتبر الخطيب أن من تجليات هذه العناية المولوية الموصولة، وإحياء لدور المسجد ورسالته، أعطى أمير المؤمنين، منذ سنة ألفين، أمره السامي المطاع بتلقين دروس محو الأمية بمساجد المملكة، للذكور والإناث على حد سواء، وهي عملية فريدة موفقة، باركها الله تعالى، فأخذت تؤتي ثمارها المرجوة، ونتائجها الحسنة سنة بعد أخرى. وابتهل الخطيب إلى الله عز وجل أن يبارك في حياة أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وفي جهوده الخيرة المتواصلة لصالح الوطن والدين، وأن ينصر جلالته نصرا عزيزا يعز به الدين، ويعلي به راية الإسلام والمسلمين، وأن يقر عين جلالته بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضده بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع الخطيب إلى الله تعالى بأن يتغمد بواسع رحمته الملكين المجاهدين المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، وأن يطيب ثراهما ويكرم مثواهما.