استطاع شاب يتحدر من مدينة الدارالبيضاء اعتمادا على إمكانيته الخاصة، أن يغزو أسواق الكويت بالمنتجات التقليدية المغربية، حتى بات يُشار إليه في هذا البلد الشقيق بسفير الصناعة التقليدية للمغرب. ميلودي عوف إلى جانب وزير الصناعة التقليدية السابق (خاص) يتعلق الأمر بميلودي عوف، الذي يعتبر الممثل الوحيد للمملكة المغربية في معرض الكويت للمنتجات التقليدية، الذي يقام قبل أيام من شهر رمضان من كل سنة. في دورة العام الماضي، اختير رواق عوف، الذي يحمل اسم "التراث المغربي"، كأحسن رواق في المعرض، بفضل مساحته الكبيرة، وتصميمه الهندسي المستوحى من أقواس البنايات المغربية العريقة، وقيمة المنتجات التقليدية المعروضة، التي تعبر بجلاء عن حرفية وعبقرية الصانع المغربي. يستقبل عوف زوار رواقه في الكويت بكؤوس الشاي المنعنعة وحلويات كعب الغزال المغرية، في فضاء تنبعث من جميع أركانه نغمات موسيقى الطرب الأندلسي وأغاني فن الملحون الأصيل. ويقبل على الرواق المذكور عدد من المغاربة القاطنين في الكويت، الذين يتجاوز عددهم 4000 مواطن، إضافة إلى الكويتيين، ثم الأمريكيين والأوروبيين المقيمين بدولة الكويت. التحق ميلودي عوف بالكويت سنة 1995 كمسؤول عن الدعاية والإعلام بإحدى وكالات السياحة العالمية، لكنه سرعان ما تحول إلى إدارة الأعمال بإحدى الشركات المختصة في صناعة المفروشات التقليدية الخليجية. وخلال مدة عمله بهذا المجال، الذي دام حوالي عشر سنوات، أثار انتباهه الغياب شبه التام للصناعة التقليدية المغربية بالأسواق الكويتية، بينما لا يجد جوابا لعدد من الزبناء العرب الذين يسألون عن الزربية المغربية والألبسة الجلدية، وأثاث الفخار وبعض مواد التجميل، كالصابون البلدي والغاسول وزيت أركان وغيرها. ولما استفسر عن الأمر في سفارة المملكة بالكويت لم يجد جوابا مقنعا، غير بعض التصريحات الرسمية التي تتحدث عن ضعف حجم التبادل التجاري بين الكويت والمغرب في مجال المنتوجات التقليدية، آخرها للوزير السابق للصناعة التقليدية عبد الصمد قيوح، الذي قال في تصريح لجريدة "الأنباء" الكويتية إنه رغم متانة العلاقة الطويلة بين البلدين، فإن حجم المبادلات في هذا المجال لا يرقى إلى طموحات الشعبين. من ثمة، اتجه تفكير عوف إلى خلق فضاء مغربي في الكويت يكون بمثابة واجهة للصناعة التقليدية المغربية والتعريف بها في هذا البلد وباقي بلدان الخليج. لم تكن الطريق نحو تحقيق هذا المشروع مفرشا بالورود، إذ واجه ابن الدارالبيضاء عراقيل عديدة، من بينها سقوطه في فخ النصب والاحتيال من طرف شركاء يتحدرون من بعض بلدان الربيع العربي. في 2010 توجت أفكار عوف الرامية إلى ترويج الصناعة التقليدية المغربية في بلدان الخليج، بشراكة مع مستثمر كويتي أثمرت فتح فضاءين، أطلق عليهما اسم "التراث المغربي" و"الباب المغربي"، يختصان في استيراد المنتجات التقليدية من المغرب وبيعها في الكويت، أو عرضها في كبريات المعارض المنظمة في هذا البلد أو البلدان القريبة، مثل السعودية وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة. وهذه الخطوة، يقول عوف ل"المغربية"، ستمكن من تنشيط مجال الصناعة التقليدية في المغرب، التي يشتغل بها نحو 30 في المائة من اليد العاملة، أي ما يمثل نحو 10 ملايين شخص. ولم يخف عوف نجاح مشروعه وقال إن هناك تزايد مضطرد للراغبين في اقتناء المنتجات التقليدية المغربية. ودعا المسؤولين، وعلى رأسهم وزارتا الصناعة التقليدية والسياحة، بالعمل على تنظيم معرض مغربي خاص بالصناعة التقليدية في الكويت، مضيفا أن عرض هذه المنتجات القيمة في رواق منعزل في معارض كبيرة غير كاف للتعريف بالصناعة التقليدية المغربية. كما طالب بإنشاء خط جوي مباشر بين الدارالبيضاء والكويت، لتسهيل عمليات استيراد المنتجات التقليدية من المغرب في أحسن الظروف وفي ظرف زمني محترم. وكان عوف عبر عن هذه المطالب، التي ستعود بالنفع عن الصناعة التقليدية المغربية، لدى استقباله برواقه بالكويت كل من سعد الدين العثماني، وزير الخارجية السابق، وعبد الصمد قيوح، وزير الصناعة التقليدية السابق، ووفد من رجال الأعمال المغاربة، الذين زاروا الكويت سنة 2011.