تمنح التحف والقطع الأثرية المعروضة بالمتحف التراثي المغربي المقام في إطار الدورة الثالثة ل"فعالية المغرب في أبوظبي" التي تتواصل إلى غاية 19 مارس الجاري، للزوار فرصة القيام برحلة عبر التاريخ العريق للمملكة منذ فترة ما قبل التاريخ إلى العصر الحاضر. ويتيح هذا المتحف لزواره الذين تقاطروا عليه بكثافة، منذ أن فتح أبوابه يوم سابع مارس الجاري، التعرف على الموروث الثقافي والتراثي المغربي وعلى مختلف نواحي وتفاصيل الحياة القديمة للمغاربة واكتشاف التقاليد والعادات المتوارثة التي تزال تنبض بالحياة والتي تم تناقلها جيلا بعد جيل للحفاظ عليها ولتبقى شاهدا على حضارة المغرب الخالدة. ويتضمن المتحف، الذي ينظم تحت اسم "المغرب بين الأمس واليوم"، قطعا فنية متنوعة يتم عرضها لأول مرة خارج المملكة وتعكس عراقة التراث والفنون التي تزخر بهما المملكة، وكذا جذورها التاريخية الضاربة في القدم. وتعود هذه القطع التي تم عرضها بدقة متناهية وتناسق آخاذ الى أزمنة تاريخية متباينة ابتداء من فترة ما قبل التاريخ مرورا بمرحلة ما قبل الإسلام والفترة الإسلامية. وتتكون هذه القطع، على الخصوص، من نقوش صخرية تعود لآلاف السنين تم العثور عليها بمنطقة درعة جنوب المملكة وأدوات للزينة وأواني خزفية منمقة لفترة العصر الحجري الحديث، ومنحوتات برونزية تؤرخ للفترة الرومانية، ومخطوطات للقرآن الكريم وساعة مائية تم صنعها في القرن الرابع عشر الميلادي والخريطة الشهيرة للجغرافي المغربي الكبير الشريف الإدريسي، علاوة على رواق فن العيش، ومعرض الفن المعاصر الذي يحكي قصة الفن الحديث في المغرب على امتداد قرن من الزمان. وقال أنس السدراتي مدير متحف التاريخ والحضارات بالرباط، إن فكرة هذا المتحف تقوم على تجسيد رحلة الانسان مع الابداع في المغرب منذ ما قبل التاريخ الى اليوم من خلال عرض تحف نفيسة ذات جمالية خاصة وقيمة تاريخية مهمة. وأضاف السدراتي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المتحف يعرض في هذا الصدد "مجموعة برونزية" عثر عليها في موقع وليلي وتتميز بجمالية لا تضاهى، موضحا أن هذه المجموعة تتضمن أجمل وأقدم منحوتات في هذا المجال بمنطقة غرب البحر الأبيض المتوسط والمتواجدة في متحف التاريخ والحضارات بالرباط واهم قطعة فيها هي تمثال الملك الأمازيغي "جوبا الثاني" الذي حكم المغرب في عهد الامبراطورية الرومانية منذ 25 سنة قبل الميلاد الى غاية وفاته سنة 23 ميلادية. وأشار السدراتي إلى أن القطع الفنية التي تؤرخ للفترة الاسلامية ابتداء من فترة الادارسة الى عهد المرينيين، تتضمن على الخصوص ساعة مائية "أعجوبة" تعود إلى القرن الرابع عشر الميلادي وكانت موضوعة في واجهة المدرسة البوعنانية بفاس، علاوة على خريطة الشريف الإدريسي الجغرافي المغربي الكبير الذي يعد أول من قام بوضع خريطة للكرة الأرضية ب"دقة عجيبة" تشكل فخرا للمغاربة وللعرب والمسلمين بصفة عامة. وخلص مدير متحف التاريخ والحضارات بالرباط إلى أن معرض الفن المعاصر يحكي بدوره عبر اللوحات الجميلة المعروضة فيه قصة الفن الحديث في المغرب على مدى مائة سنة منذ 1914 مع الرعيل الأول للانطباعيين المغاربة إلى حدود اليوم. يذكر أن فعالية المغرب في أبو ظبي، التي تنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تأتي تعزيزا للعلاقات المتميزة بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. والتي يعود تاريخها إلى عقود طويلة.