يحمل حفل الاستقبال، الذي خص به صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بالقصر الملكي بالدارالبيضاء، أعضاء نادي الرجاء الرياضي لكرة القدم، أكثر من دلالة فقد أبى جلالته إلا أن يؤكد أنه ينبغي أن تترسخ وسط المغاربة ثقافة التنويه بالمجدين ومكافأتهم والاحتفاء بهم لإذكاء المنافسة الشريفة، وحمل الجميع على العمل بدل التفرغ للتباكي. نعتبر أن الاستقبال الذي حظيت به مختلف الفعاليات الرجاوية، أول أمس الثلاثاء، درس جديد، وهو، أيضا، امتداد للدروس التي قدمتها بلادنا أمام مرأى ومسمع العالم. فقد أشرنا في إضاءة سابقة إلى أن جلالة الملك محمد السادس أعطى قيمة خاصة لكأس العالم للأندية، حين ترأس جلالته، يوم السبت الماضي، في الملعب الكبير بمدينة مراكش مباراة النهائي، التي جمعت بين فريقي الرجاء البيضاوي المغربي وبايرن ميونيخ الألماني، وأشرنا إلى أن الصورة التي قدمها المغرب باحتضانه الدورة العاشرة لكأس العالم للأندية على امتداد أحد عشر يوما لا تخطئها العين، إذ أكد المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، أنه بلد يفي بالتزاماته، وأنه بلد التحدي. حين يوشح جلالة الملك رئيس الفريق، الذي رفع رؤوسنا عاليا في الموندياليتو والمدرب واللاعبين وأعضاء الطاقم التقني، بأوسمة ملكية شريفة، تقديرا من جلالته للإنجاز الرياضي التاريخي، الذي حققه هذا الفريق المتألق خلال الدورة العاشرة لبطولة العالم للأندية لكرة القدم، التي احتضنتها بلادنا، المتمثل في احتلاله المرتبة الثانية في هذه البطولة العالمية، عن جدارة واستحقاق، على أسرة كرة القدم الوطنية بل الأسرة الرياضية المغربية برمتها أن تستخلص الدروس والعبر، وأن تتنافس في ما بينها تنافسا شريفا وتسهم في إيلاء المغرب، كل من جهته، المكانة التي يستحقها، وعليها أن تجتهد بهدف تحقيق ذلك ولكل مجتهد نصيب. مثلما افتخرت أسرة كرة القدم العالمية، بالإشعاع الذي منحه المغرب لكأس العالم للأندية، والتشويق الذي طبع به الرجاء البيضاوي نسخته العاشرة، سعدت أسرة كرة القدم الدولية بالزخم الذي أعطاه جلالة الملك للتظاهرة، عبر تحفيزه للمسؤولين على التنافس من أجل احتضان المغرب للتظاهرات الرياضة الكبرى، والوفاء بالالتزامات، وحضور جلالته اللافت في النهائي، وستسعد أكثر بالعناية التي أحاط بها جلالته المجدين. وينضاف درس توشيح المدرب السابق للفريق، امحمد فاخر، اعتبارا للجهود التي بذلها من أجل تكوين وإعداد فريق تنافسي، إلى سلسلة الدروس والعبر، إذ يؤكد جلالة الملك عبره، أن ثقافة الاعتراف والإنصاف يجب أن تشيع بين الجميع، وأن ثمار النجاح يجب ليس فقط أن يقطفها الجميع، بل من حقه تذوقها. فقد لعب امحمد فاخر دورا مهما في تحديد العناصر المرغوب في أن تنضم إلى الرجاء، وتشكل المجموعة التي رأيناها تفعل العجب في الموندياليتو، ولما حلت ساعة الاستقبال والتكريم قدم جلالة الملك للرياضيين درسا في غاية الأهمية، إنه درس الاعتراف بما يقدمه الأفراد خدمة للجماعة، وهو ليس غريبا على ملك دأب على التركيز في خطبه على ضرورة تقدير الكفاءات تشجيعا من جلالته لشعبه على البذل والعطاء. قلنا في البداية إن حفل الاستقبال الملكي يحمل عدة دلالات، وتفضل جلالته بمنح نادي الرجاء الرياضي قطعة أرضية، كهبة شخصية من جلالته، لتوفير ملاعب للتدريب وفضاءات للتكوين، خاصة بالنسبة للفئات الصغرى، تجسيدا للعناية الخاصة التي يوليها جلالته لتكوين هذه الفئات، والتي يعتبرها الدعامة الأساسية لفرق المستقبل، سواء على المستوى الكروي، أو على صعيد التربية على القيم الرياضية النبيلة، يحمل دلالات أخرى، فهو فضلا عن كونه مكافأة على ما تحقق، فهو إشارة إلى ضرورة مواصلة العمل، والتخطيط للمستقبل، لأن تعزيز الحاضر لا يتم إلا عبر التخطيط للمستقبل لتأمينه، لأنه وكما قلنا عدة مرات لا مكانا في مغرب الألفية الثالثة لمن يقنعون بما هو في ملك اليد. إنها الدروس والعبر التي ينبغي أن يستخلصها الجميع، وينطلق للعمل، بمن فيهم فعاليات الرجاء لتواصل العمل، فالتكريم تكريم لما تحقق في الحاضر، لكن حمل معه كل الخير لتأمين المستقبل، والكرة الآن في مرماهم. لقد بعثت هذه الدروس برسائل ينبغي فهمها جيدا، هي أن الأسرة الرياضية عليها قبل أن ترفع سقف المطالب أن تحقق أشياء ملموسة بما توفر لديها، الاجتهاد ثم الاجتهاد يا مسؤولي فرقنا الرياضية وجامعاتنا، هو الدرب الذي ينبغي السير عليه ومن سار على الدرب وصل.