الجو كان حارا ذلك اليوم، ويغري بالاستحمام في مياه شاطئ البحر، الذي يبعد بزهاء 5 كيلومترات شمال جماعة البئر الجديد. حافلات النقل الحضري غير متوفرة في هذا المركز ذي الطابع القروي-الفلاحي، الذي دخل منذ أقل من 3 سنوات، إلى المجال الحضري. الشباب والصغار دأبوا على التوجه راجلين إلى البحر، فالرحلة على طول الطريق، فيها رياضة للجسم، ونزهة واستمتاع بجمال الطبيعة الخلابة، وهوائها النقي. شاءت الصدفة أن تكون الطريق شبه خالية ظهر ذلك اليوم، سوى من شخصين، أحدهما شاب في عقده الثالث، والآخر طفل في ربيعه الثاني عشر. بمكر وخداع، تقرب الشاب من "فريسته"، تجاذب معه أطراف الحديث وجعله يثق فيه، بعدها غرر به، وطلب منه مرافقته إلى مكان معزول بالجوار. الصغير لم يمانع البتة، وببراءة وسذاجة "طفولية"، صاحب "صديقه" الجديد، وما أن اختلى به، حتى طلب منه نزع ملابسه، فتفاجأ الصغير لغرابة الطلب، فهو لم يعرف قصده ونواياه، ومع ذلك امتنع. الشاب الهادئ أخذ يفقد صوابه، واعتدى بالضرب المبرح على مرافقه، في رأسه وأنحاء متفرقة من جسده النحيل. انهار الضحية أمام جلاده، قضى "الوحش الآدمي" وطره، وانصرف إلى سبيله، ليختفي في الطبيعة. والدا الصغير علما بالفاجعة، على لسان فلذة كبدهما فسارعا إلى أخذه إلى المستشفى بالبئر الجديد، حيث مده الطبيب بالإسعافات والعلاجات الضرورية، وسلمه شهادة طبية، حدد مدة العجز في 25 يوما، وتثبت تعرضه للاغتصاب. الوجهة كانت حينها مفوضية الشرطة بالبئر الجديد، حيث سجل الوالدان شكاية في الموضوع، واستمعت الضابطة القضائية لدى الفرقة المحلية للشرطة القضائية تفصيليا في محضر قانوني، إلى الضحية بحضور والديه. الصغير كشف بعفوية وبراءة عن ظروف وملابسات نازلة الاعتداء عليه جنسيا، والمس بكرامته و"رجولته"، إذ أدلى للمحققين بأوصاف وملامح الجاني، الذي ظل البحث جاريا في حقه طيلة 20 يوما، إلى أن جرى تحديد هويته والاهتداء إلى عنوان سكنه بالبئر الجديد، ومن ثمة إيقافه ووضعه تحت تدابير الحراسة النظرية. نازلة الاغتصاب أكدها شهود عيان، عاينوا الجاني عندما كان يصطحب "فريسته" إلى أرض خلاء، بضواحي مركز البئر الجديد. عند البحث معه، انهار الجاني إثر وابل الأسئلة المحرجة التي وجهها إليه المحققون، وكذا الوقائع والأدلة المادية التي واجهوه بها، فلم يجد بدا من الاعتراف بالأفعال الإجرامية المنسوبة إليه، لتحيله الضابطة القضائية على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالجديدة، وأودعه ممثل النيابة العامة رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي سيدي موسى، في انتظار مثوله أمام هيئة الحكم لدى الغرفة الجنائية الابتدائية. "المجرم" الذي سيقضي سنوات طوال خلف القضبان، من أجل التغرير بقاصر وهتك عرضه بالعنف، يتحدر من مركز البئر الجديد، وكان يمتهن حرفا متنوعة، من قبيل "طولوري" و"معلم بناي". وهو بالمناسبة، كما أبانت التحريات، وبتنقيطه على الناظمة الإلكترونية، من ذوي السوابق العدلية، وكان قضى عقوبات سالبة للحرية، من أجل السرقة.