قدم رئيس الحكومة الفلسطينية، سلام فياض، مساء أول أمس السبت، استقالته إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي قبلها وكلفه تسيير الأعمال بانتظار تشكيل حكومة جديدة، وذلك في ختام تجاذب شديد بينه وبين حركة فتح، التي يترأسها عباس. عباس يتسلم استقالة فياض (خاص) ولم يستغرق الاجتماع الذي عقد بين عباس وفياض مساء السبت سوى 30 دقيقة. وأصدرت الرئاسة الفلسطينية بيانا عقب الاجتماع جاء فيه "استقبل الرئيس محمود عباس مساء اليوم السبت في مقر الرئاسة برام الله رئيس مجلس الوزراء سلام فياض، وخلال الاجتماع قدم رئيس الوزراء إلى السيد الرئيس استقالته من منصبه". وتابع البيان "أعرب فياض عن عميق تقديره لثقة الرئيس والدعم اللامحدود، الذي قدمه لعمل الحكومة خلال السنوات الماضية". وأضاف البيان أن الرئيس الفلسطيني أكد "ثقته العالية بفياض"، مشيرا إلى ما "حققته الحكومة من إنجازات استثنائية في خدمة المشروع الوطني، وبناء مؤسسات دولة فلسطين المستقلة في أوقات صعبة، شاكرا له جهوده وعمله الدؤوب وشاكرا وزراء الحكومة على عملهم". وأبلغ الرئيس عباس "فياض قبول استقالته، وطلب منه تسيير أعمال الحكومة إلى حين تشكيل حكومة جديدة". وكان مصدر رسمي فلسطيني قال من قبل لفرانس برس، طالبا عدم كشف هويته، إن "فياض قال إنه لن يبقى رئيسا للحكومة ولو طالبه الكون كله بالبقاء". وأوضح أن "فياض قدم أصلا طلبا إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإعفائه من مهامه في الثالث والعشرين من شباط/فبراير الماضي على خلفية التظاهرات والتصريحات المناهضة له ولسياسته". واعتبرت حركة حماس، التي تحكم قطاع غزة، قبول عباس استقالة رئيس وزرائه شأنا "داخليا" نتيجة "خلافات" فياض مع حركة فتح، متهمة إياه بإغراق الشعب الفلسطيني في الديون المالية. وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس لوكالة فرانس برس إن "استقالة فياض موضوع داخلي مرتبط بالخلافات بين فتح وفياض، وهو ما عبر عنه المجلس الثوري لفتح". وأضاف أبو زهري "فياض يغادر الحكومة بعد أن أغرق شعبنا بالديون، وحركة فتح تتحمل المسؤولية عن ذلك لأنها هي التي فرضته على الجميع منذ البداية". وبعد أن أكد أن حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ ست سنوات تقريبا "جاهزة لتنفيذ اتفاق المصالحة حينما تكون فتح جاهزة للالتزام بالكامل بالاتفاق"، أوضح أبو زهري أن "هذا التطور (استقالة فياض) غير مرتبط بملف المصالحة الفلسطينية". ولم يعلق المسؤولون الإسرائيليون على استقالة فياض. واتصل وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، مساء الجمعة، بالرئيس الفلسطيني وطلب منه تطويق أزمة استقالة فياض من منصبه وحل الإشكال. ومن ناحيته، قال وزير الخارجية الكندي، جون بايرد، "بشعور من الحزن والإحباط العميق تلقيت خبر استقالة رئيس الوزراء سلام فياض". وأضاف "كان فياض محاورا ثقة وصديقا لكندا". وثار الخلاف بين الرجلين حول استقالة وزير المالية نبيل قسيس في الثاني من مارس المنصرم، التي قبلها فياض لكن الرئيس عباس رفضها. وجاء في بيان للمجلس الثوري لحركة فتح، الجمعة الماضي، أن "سياسات الحكومة الفلسطينية الحالية مرتجلة ومرتبكة في الكثير من القضايا المالية والاقتصادية". وقبل تعيين قسيس في ماي 2012، كان فياض وزيرا للمالية إلى جانب منصبه رئيسا للحكومة. وقد تؤدي استقالة فياض المدعوم من المجموعة الدولية لإقامة مؤسسات قادرة على إدارة شؤون الدولة، إلى نسف الاتفاق الذي أعلنه كيري مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين "لتشجيع التنمية الاقتصادية في الضفة الغربية".