يسير قطاع العدل نحو مزيد من التصعيد والاحتقان، بعد أن دخلت وزارة العدل والحريات، والنقابة الديمقراطية للعدل، في مواجهة مفتوحة، بسبب قرار الوزارة الاقتطاع من أجور الموظفين المضربين مؤكدة أن "قرار الاقتطاع المتخذ في حق الموظفين المتغيبين عن العمل لا رجعة فيه". وسارعت النقابة الديمقراطية للعدل، العضو بالفدرالية الديمقراطية للشغل، إلى الرد بسرعة على هذا القرار، الذي يتزامن مع عيد الأضحى، إذ دخل أعضاء المكاتب المحلية للنقابة بمختلف جهات المغرب في "اعتصامات إنذارية" بالمحاكم، لمدة 3 أيام (ليل نهار)، انطلقت منذ صباح أمس الاثنين، وتستمر حتى غد الأربعاء، مع تنظيم وقفات احتجاج في المحاكم اليوم الثلاثاء. من جهتها، بررت وزارة العدل والحريات، في بلاغ عممته وكالة المغرب العربي للأنباء، قرارها بأنه يأتي "من منطلق الأجر مقابل العمل٬ وباعتبار أنه إذا كان الإضراب حقا دستوريا، فإن الدستور أكد الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة في إطار التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة". واعتبرت الوزارة أن دعوة النقابة إلى تنظيم اعتصامات إنذارية بالمحاكم على امتداد 72 ساعة من أيام العمل "ليس سوى مزيدا من العرقلة الواضحة لسير مرفق العدالة٬ وتقصيرا في أداء خدمتها٬ وإضرارا بحق المتقاضين ومساعدي العدالة٬ خاصة بعد ما تحقق من مكتسبات لفائدة أطر وموظفي كتابة الضبط في السنوات الأخيرة". من جانبه، قال فخر الدين بنحدو، نائب الكاتب العام للنقابة الديمقراطية للعدل، إن "الاعتصام الإنذاري رسالة إلى وزير العدل والحريات"، مؤكدا أن "قرار الاقتطاع من الأجور لا يمكن السكوت عنه، لأن فيه مسا بحق دستوري". وأضاف بنحدو، في تصريح ل "المغربية"، قوله "في الوقت الذي كانت تنتظر النقابة أن يبادر الوزير إلى فتح حوار معها، بعد إضراب 28 شتنبر الماضي، بادر إلى لهجة التصعيد، وإعلان الاقتطاع من أجور المضربين، في إطار ما سميناه التنزيل الرميدي للدستور". وأبرز بنحدو أن "ما قام به الرميد اجتهاد غير دستوري، لأن حق الإضراب مكفول دستوريا، ولا يمكن تنظيمه إلا بصدور قانون تنظيمي، وهو القانون الذي لم يخرج إلى حيز الوجود لحد الآن، ما يجعل اجتهاد الوزير تعسفا وشططا في تنزيل الدستور". وأعلن نائب الكاتب العام أن هذه الاعتصامات "إنذارية فقط، وفي حالة لم يستوعب وزير العدل والحريات الرسالة، ويفتح حوارا من أجل التوصل إلى حلول، فإن النقابة ستخوض أشكالا نضالية أخرى تصعيدية، ستدشن بخوض جميع الموظفين التابعين لها اعتصامات مفتوحة داخل المحاكم". من جهتها، أكدت وزارة العدل، في بلاغها، "تشبثها باحترام ممارسة الحق النقابي المسؤول"٬ مجددة "التعبير عن إبقائها باب الحوار مفتوحا أمام كل التمثيليات النقابية العاملة في القطاع التي تحرص على الحوار، باعتباره الآلية الوحيدة لحل المشاكل وتسوية النزاعات٬ وليس ركوب مركب الإضرابات المتكررة والبيانات التضليلية". وكانت النقابة الديمقراطية للعدل أصدرت بلاغا في الموضوع، توصلت "المغربية" بنسخة منه، أكدت فيه أن "الإضراب، كشكل من أشكال الاحتجاج، حق دستوري لا مجال لمحاصرته بتأويلات شخصية ولا مجال لمنعه أو التضييق على ممارسته، ويبقى الشكل الوحيد لتنظيمه هو إخراج القانون المنظم للإضراب، في ارتباط مع القانون المنظم للنقابات". واعتبرت النقابة أن "الاقتطاع من أجور المضربين كإجراء جزائي على الإضراب مازال محل نقاش بين المركزيات النقابية والحكومة من خلال الحوار الاجتماعي"، مشيرة إلى أن "حوالي 700 أمر بالاقتطاع أرسلت إلى مصالح وزارة المالية، دون استكمال الشرط الشكلي".