أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس , اليوم الجمعة , أن كل المقومات التي تزخر بها منطقة الريف ستشكل الأساس المتين لإقامة متحف خاص بالمنطقة. وقال جلالة الملك في رسالة وجهها إلى المشاركين في الندوة الدولية التي انطلقت أشغالها بالحسيمة حول (التراث الثقافي بالريف : أية تحافة ؟) إن منطقة الريف ظلت "تشكل مجالا للتواصل والتفاعل مع الفضاءات المغاربية والأورو- متوسطية والمشرقية والإفريقية ؛ مما جعلها تكتسب شخصية هوياتية متميزة , تجمع بين المقومات الثقافية المحلية , وتلك الوافدة عليها من الجهات الأخرى". وأضاف جلالته أن الأبحاث والدراسات العلمية , التي سيتم تقديمها في هذا الملتقى, والمتعلقة بمختلف الفترات التاريخية لمنطقة الريف , منذ العصور القديمة إلى الفترة المعاصرة ؛ وكذا مظاهر التراث الثقافي المادي , من معالم أثرية, ومبان ومواقع ذات أبعاد تاريخية وروحية , وإبداعات المهارات المحلية ؛ بالإضافة إلى تجليات التراث غير المادي , كالموسيقى والغناء والعادات والتقاليد وغيرها . "فكلها مقومات ستشكل الأساس المتين لإقامة متحف خاص بهذه المنطقة". وعبر جلالة الملك عن تطلعه لأن يكون هذا المتحف في مستوى العطاء التاريخي المتميز لنساء ورجال الريف الأباة , وأن يشكل فضاء يساهم من خلال برامجه وأنشطته , في تجميع المعطيات العلمية المتعلقة بالتراث المادي وغير المادي لمنطقة الريف, وتحسيس مختلف الفاعلين المعنيين بقطاع التراث الثقافي والمؤسسات التراثية ووكالات التنمية والهيئات المنتخبة ومنظمات المجتمع المدني بأهمية الموارد الثقافية المحلية , ودورها في النهوض بالتنمية. كما ننتظر من هذا المشروع , يقول جلالة الملك , أن يساهم في تعميم المعرفة التاريخية بالمنطقة , خاصة لدى الفئات الشابة والأجيال الصاعدة وجعلهم يتملكون تاريخهم العريق وتراثهم الثقافي الغني بكل فخر واعتزاز. وعبر صاحب جلالة عن أمله في أن يساهم هذا المتحف في بلورة نموذج يقتدى به بالنسبة لجهات ومناطق أخرى من المملكة خاصة وأن الجهوية المتقدمة بجوهرها الديمقراطي والتنموي والتضامني , التي كرسها الدستور الجديد , تقوم على ترسيخ الديمقراطية الترابية والتشاركية والمواطنة وتوطيد العمق الثقافي والتاريخي لمختلف مناطق البلاد , والنهوض بخصوصياتها الجهوية والمحلية , في إطار المغرب الموحد للجهات , بما ينطوي عليه من إصلاح وتحديث لهياكل الدولة وحكامة جيدة , قائمة على توزيع أمثل للاختصاصات بين المركز والجهات , في نطاق ديمقراطية القرب , التي تمكن كل جهة من استثمار طاقاتها وإبراز عبقريتها وشخصيتها المتميزة المنصهرة في بوتقة الهوية المغربية الموحدة ؛ وذلك وفق منهجية علمية رصينة. وفي هذا الإطار, دعا جلالة الملك مؤسسات البحث العلمي الوطنية والباحثين , وخاصة منهم المؤرخين وعلماء الآثار والمتخصصين في علوم التراث , أن يكرسوا المزيد من الجهد والاهتمام للبحث في تاريخ وتراث مختلف جهات المملكة , بشكل يمكن من توسيع المعرفة العلمية بالرصيد التاريخي والتراثي لكل جهة ؛ مهيبا بهم العمل على نشر نتائج أبحاثهم العلمية , وتعميمها على أوسع نطاق , وجعلها في متناول الباحثين والمهتمين وعموم المواطنين. ومن جهة أخرى , حث جلالة الملك مختلف الجماعات الترابية والهيئات المنتخبة على إيلاء الموارد الثقافية والتراثية , الجهوية والمحلية , ما تستحقه من عناية واهتمام , باعتبارها ملكا للمغاربة قاطبة وجزءا لا يتجزأ من رصيدهم الحضاري العريق.