تنظر محكمة الاستئناف بالبيضاء، الاثنين المقبل، في ملف يتابع فيه مهندس دولة وخليفة قائد وأعضاء لجنة مراقبة تابعة لعمالة عين الشق، تواطأوا مع مفوض قضائي، وصاحب شركة للتخلص من المواد الفاسدة وتحرير محضر يؤكد جودتها وصلاحيتها للاستهلاك والتخلص منها بحرقها، مع الاحتفاظ بها من أجل إعادة بيعها في السوق. ومن المنتظر أن تشرع هيئة الحكم، في مناقشة الملف بالاستماع إلى مرافعات دفاع المطالبين بالحق المدني ومرافعة النيابة العامة، ومرافعات دفاع المتهمين، بعد إنهائها الاستماع إلى المتهم البرتغالي، الذي أمرت، في جلسة سابقة، بإحضار مترجمة للتواصل معه إذ نفى، أثناء الاستماع إليه، كل التهم المنسوبة إليه. واستمعت هيئة المحكمة، خلال الجلسة نفسها، إلى مدير الشركة المتخصصة في إتلاف المواد الفاسدة، الذي سبق أن أقر، خلال التحقيق معه، أن مالك الشركة، الذي يحمل الجنسية البرتغالية طلب منه كراء محل بعين الشق من أجل الاحتفاظ ببعض السلع (مصبرات السمك، البسكويت، القهوة) إلى حين إتلافها، فربط المدير الاتصال بموظف بعمالة عين الشق، وطلب منه مساعدته على إيجاد محل من أجل الاحتفاظ بها، قبل أن يعاود الأخير الاتصال به، ويخبره أنه وجد حلا مناسبا له، يتمثل في تسليمه محضرا موقعا عليه من طرف أعضاء لجنة إقليمية تشرف على عملية إتلاف المواد الفاسدة، مقابل مبلغ مالي "رشوة" حدد في 13 مليون سنتيم. وتحدث مدير الشركة عن صفقة ثانية جرت بالطريقة نفسها مقابل مبلغ 24 ألف درهم، مضيفا أن مشغله عرض تلك السلع للبيع فيما بعد. ويتابع في هذا الملف متهم يحمل الجنسية البرتغالية، رفقة مهندس بعمالة عين الشق، وخليفة وقائد، وممثل عن وزارة الصحة والوقاية المدنية ومفوض قضائي، وصاحب محل لصرف العملة، وصاحب الشركة المكلفة بإتلاف المواد الفاسدة، ومدير بها، وممثل عن وزارة الصحة والوقاية المدنية، بتهم "تكوين عصابة إجرامية، والحيازة والاتجار في سلع دون فواتير وغير خاضعة للمراقبة، وغير قابلة للاستهلاك، والتهريب والاتجار في العملة الصعبة دون ترخيص، والارتشاء والتزوير في محرر رسمي واستعماله، والتزوير في محررات تجارية واستعمالها، والغش في مواد غذائية وحيازتها بالمخازن، وبيعها وهي فاسدة"، كل حسب المنسوب إليه. وعلمت "المغربية"، من المصادر ذاتها، أن عناصر الدرك الملكي بالدارالبيضاء، التي فجرت الملف قبل ستة أشهر، حين حجزت أطنانا من المواد الغذائية الفاسدة، بعد إيقاف سائق شاحنة، والذي طلبت منه فاتورات شراء العلب الغذائية، التي كان يحملها، فأخبرهم بعدم توفره عليها، وأنه كلف بنقل هذه البضاعة لفائدة أحد التجار، غير أن معاينة تواريخها كشفت أنها منتهية الصلاحية، كما توصلت عناصر الدرك من خلال التحقيق مع المتهم البرتغالي، إلى مخزن في ملكيته، ضبطت به أطنانا من البسكويت والتوابل الفاسدة. وقدرت كمية المواد الفاسدة، التي عثرت عليها مصالح الدرك الملكي بهذا المخزن، الموجود بمنطقة عين السبع، بحوالي 30 طنا، تبين، بعد الاطلاع عليها، أن مدة صلاحية استهلاكها انتهت، في الوقت الذي أكد المتهم البرتغالي أنه كان يعتزم بيعها لتجار بالجملة. وتبين، من خلال التحقيق مع المواطن البرتغالي، الذي يعد المتهم الرئيسي في الملف، أنه سبق أن نفذ أربع عمليات مشبوهة مع أعضاء اللجان المكلفة بالمراقبة، إذ كان يسلمهم رشاوى، مقابل تحرير محضر مزور، يؤكدون من خلاله أنه عمد إلى إتلاف المواد الغذائية الفاسدة، حتى يتسنى له إخلاء ذمته أمام الشركة، التي كلفته بهذه المهمة، ويحصل على تصريح مقابل ذلك، ليعمد بعدها إلى إعادة بيعها. وأكد المتهم ذاته، خلال التحقيق معه من قبل الدرك الملكي، عن قيمة الرشاوى، التي سلمها إلى عناصر اللجنة في مجموعة من العمليات السابقة، التي بلغ عددها أربعة، والبالغة قيمتها ملايين السنتيمات، وأن أرباح المواطن البرتغالي من بيع المواد الغذائية الفاسدة تجاوزت 100 مليون سنتيم، وأن المواد، التي ضبطت في المخازن، كان سيجني من ورائها ملايين الدراهم.