على إثر الأحداث، التي شهدتها مدينة خريبكة، أول أمس الثلاثاء، زار وفد من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يترأسه أمينه العام، محمد الصبار، أمس الأربعاء، المدينة، للوقوف على طبيعة وآثار هذه الأحداث، وطريقة تدبيرها من قبل السلطات العمومية في ما يتصل بحقوق المواطنين. جانب من أعمال الشغب التي شهدتها مدينة خربكة (خاص) وأفاد بلاغ للمجلس أن هذه الزيارة تدخل في إطار ممارسة المجلس لاختصاصاته في مجال حماية حقوق الإنسان، كما هي منصوص عليها في ظهيره المؤسس، لاسيما المادة الرابعة، التي تنص على أن من اختصاصات المجلس القيام ب"رصد انتهاكات حقوق الإنسان بسائر جهات المملكة ومن أجل ذلك، يجوز له إجراء التحقيقات والتحريات اللازمة بشأنها كلما توفرت لديه معلومات مؤكدة وموثوق منها، حول حصول هذه الانتهاكات مهما كانت طبيعتها أو مصدرها". كما تنص المادة التاسعة من الظهير نفسه، على أنه يجوز للمجلس أن "يتدخل بكيفية استباقية وعاجلة كلما تعلق الأمر بحالة من حالات التوتر، التي قد تفضي إلى انتهاك حق من حقوق الإنسان بصفة فردية أو جماعية، وببذل كل المساعي اللازمة، وسبل الوساطة والتوفيق، التي يراها مناسبة بقصد الحيلولة دون وقوع الانتهاك". وسيعمل وفد المجلس، خلال هذه الزيارة، على تجميع المعطيات حول هذه الأحداث، ومن المتوقع، أيضا، عقد لقاءات مع السلطات العمومية، والهيئات النقابية، والمجتمع المدني، وعينة من الضحايا أو أقاربهم. وكان المكتب الشريف للفوسفاط، أعرب عن استنكاره الشديد لأعمال التخريب التي قام بها "أشخاص غير مسؤولين" لبعض مقراته بخريبكة. وأعرب المكتب الشريف للفوسفاط، في بلاغ أول أمس الثلاثاء، عن أسفه لوقوع مثل هذه الأحداث، مبرزا أن "الدوافع الحقيقية لمثيري الشغب لا يمكن تبريرها". وأضاف المصدر ذاته أن أعمال العنف والشغب "لن تمنع المكتب الشريف للفوسفاط من الاستمرار في مهمته وتعزيز انخراطه في المنطقة". يذكر أن مقر المكتب بخريبكة، وناديه الاجتماعي، وكذا مركز التكوين، جرى استهدافها من طرف مثيري الشغب، الذين خربوا مقراته وآليات العمل وحواسيب. وأبرز البلاغ أن الاستثمارات، التي أنجزها المكتب الشريف للفوسفاط، خلال السنوات الخمس الماضية، "مكنت من تشغيل ستة آلاف شخص، أي ما يعادل حوالي ثلث عدد العاملين به"، وأن مشاريع الاستثمار المتوقعة خلال السنتين المقبلتين، ستخلق أزيد من ألفي منصب شغل مباشر، وسبعة آلاف منصب شغل غير مباشر. وأشار المصدر ذاته إلى أن إدارة المكتب الشريف للفوسفاط بدأت بالفعل في تلقي ملفات المرشحين للتشغيل برسم 2011-2012، خاصة بخريبكة واليوسفية. من جهة أخرى، أفادت مصادر طبية أن 59 جريحا من أصل 66 مصابا، في أحداث الشغب، التي وقعت أول أمس الثلاثاء، أمام مقر مديرية الاستغلالات المنجمية للفوسفاط، بخريبكة، غادروا المستشفى الإقليمي الحسن الثاني بالمدينة في اليوم ذاته، بعد تلقيهم الإسعافات الضرورية. وأضاف المصدر نفسه، أن الجرحى السبعة المتبقين حالتهم مستقرة، ولا تبعث على القلق، مشيرا إلى أن إحدى هذه الحالات ستستكمل العلاج بالمستشفى العسكري بالرباط. وحسب الحصيلة النهائية لهذه الأحداث، فإن العدد الإجمالي للمصابين يتضمن سبعة أشخاص في صفوف المدنيين إلى جانب صحافي من صحيفة "الصباح"، والباقي من أفراد الأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المساعدة. وخلفت أعمال الشغب، أيضا، خسائر مادية تمثلت في إتلاف واجهات مبنى مديرية الاستغلالات المنجمية، وتكسير وإحراق ما يزيد عن 11 سيارة تابعة للمجمع الشريف للفوسفاط ولخواص، ودراجات نارية، فضلا عن إتلاف أجهزة معلوماتية ووثائق إدارية. وفي هذا الصدد، أشار توفيق البارودي، الكاتب العام لعمالة إقليمخريبكة، في تصريح للصحافة، إلى أن اندلاع شرارة هذا الحادث جاء على إثر عملية استفزازية للقوة العمومية أثناء محاولة تفكيكها للاعتصام المفتوح، الذي يخوضه مجموعة من الأشخاص، "بتأطير من جهات لا علاقة لها بالموضوع"، وذلك بدعوى مطالبة إدارة الفوسفاط بتشغيلهم. وذكر بجولات الحوار، التي جرت بين المعتصمين والسلطة المحلية وإدارة الفوسفاط، والتي كللت بوضع جدول زمني لدراسة طلبات تشغيل أبناء متقاعدي الفوسفاط، بكل من مدن خريبكة، وبوجنيبة، وحطان، ودائرتي خريبكة ووادي زم، في الوقت الذي تتشبث مجموعة منهم بمبدأ التشغيل الفوري دون قيد أو شرط. وأكد بلاغ للسلطات المحلية أن عملية التسجيل هذه جرت على أساس الاختيار وفق معايير موضوعية وقانونية محددة، إلا أنه "وبتحريض من عناصر لا علاقة لها بهذه المطالب وتعمل وفق أجندة مختلفة"، تحول هذا الاعتصام إلى أعمال شغب واعتداء، نتجت عنها خسائر مادية وجرحى في صفوف القوات العمومية، ما حذا بهذه الأخيرة إلى التدخل لوضع حد لهذه الأعمال.