قرر الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، الذي حكم البلاد مدة 30 سنة، منذ اغتيال الرئيس أنور السادات في أكتوبر1981، التنحي من مهام رئيس الجمهورية وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد، بعد أزيد من أسبوعين من الاحتجاجات المطالبة برحيله. وقال نائب الرئيس المصري، عمر سليمان، في بيان مقتضب بثه التلفزيون المصري، أمس الجمعة، إنه "في هذه الظروف العصيبة، التي تمر بها البلاد، قرر الرئيس محمد حسنى مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد". وعمت فرحة عارمة مختلف أرجاء القاهرة عقب هذا الإعلان، فيما تعالت الهتافات من ميدان التحرير، معقل المتظاهرين، الذين عبروا عن سعادتهم ب"إسقاط النظام". وتعهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، في بيانه الثاني، أمس الجمعة، بإنهاء حالة الطوارئ، المعمول بها منذ سنة 1981، فور انتهاء الظروف الحالية. كما تعهدت القوات المسلحة المصرية بالفصل في الطعون الانتخابية على عضوية نواب البرلمان، وما يلي بشأنها من إجراءات، مع الالتزام برعاية مطالب الشعب "المشروعة" والسعي لتحقيقها، من خلال متابعة تنفيذ هذه الإجراءات في التوقيتات المحددة "بكل دقة وحزم، حتى يقع الانتقال السلمي للسلطة، وصولا للمجتمع الديمقراطي الحر، الذي يتطلع إليه أبناء الشعب". وأكد المجلس عدم الملاحقة الأمنية ل"الشرفاء، الذين رفضوا الفساد وطالبوا بالإصلاح"، محذرا من المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطنين. كما أكد ضرورة انتظام العمل بمرافق الدولة، وعودة الحياة الطبيعية حفاظا على مصالح وممتلكات الشعب. ويأتي بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بعد رفض المحتجين في ميدان التحرير، وفي عدد من المدن المصرية، قرار الرئيس مبارك تفويض صلاحياته لنائبه، وإصرارهم على مواصلة الاحتجاج حتى "رحيل الرئيس". وتدفق، أمس الجمعة، مئات الآلاف على ميدان التحرير، للمشاركة في الاعتصام وأداء صلاة "جمعة الحسم"، كما كان مخططا لها من قبل. وذكر التلفزيون المصري، أمس الجمعة، أن عمر سليمان طالب رئيس الوزراء، أحمد شفيق، بتعيين نائب لرئيس الوزراء من لجنة الحكماء، يتولى شؤون الحوار الوطني للخروج من المأزق. وكانت لجنة للحكماء شكلت لبلورة مخرج من الأزمة السياسية، وضمت شخصيات مستقلة وسياسية واقتصادية وفكرية، كعمرو موسى، وأسامة الغزالي حرب، ورجل الأعمال، نجيب ساويرس، والوزيرة السابقة، ميرفت التلاوي، ووحيد عبد المجيد، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وعمرو حمزاوي، كبير الباحثين بمعهد كارنيجي بالشرق الأوسط. وسبق للجنة أن طالبت، في بيان لها، بضرورة اتخاذ النظام سلسلة من الإجراءات الفورية لتلبية مطالب المواطنين إذا أراد استعادة ثقتهم فيه، كما طالبت اللجنة بالكشف عن نوايا الدولة تجاه مطالب التغيير، التي فجرتها "ثورة 25 يناير" الماضي. وعرض بيان "لجنة الحكماء" مطالب الشباب في عشر نقط، تتمثل في تفويض نائب رئيس الجمهورية بتولى الإشراف على تحقيق الإصلاحات السياسية المنشودة، وإنهاء العمل بحالة الطوارئ، وحل المجلسين التشريعيين، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، تمثل فيها التيارات والأحزاب السياسية المختلفة، والمسارعة إلى تشكيل لجنة، تمثل فيها جهات القضاء المختلفة، تكون مهمتها إعداد مشروع لتعديل ما يحتاج إلى تعديل فوري لبعض نصوص الدستور. كما دعا البيان إلى الوقف الفوري للسياسة، التي "ينتهجها الإعلام الرسمي لتشويه صورة كثير من الأفراد والجماعات وفئات المجتمع، والوقف الفوري لإجراءات القمع والقبض على بعض المتظاهرين، وضرورة الإفراج فورا عن المعتقلين السياسيين، ومحاسبة كل من ساهم في الانفلات الأمني الشامل والانفلات الإجرامي، الذى تعرض له جموع المصريين، وتقديمه إلى المحاكمة، وضمان حق التعبير الحر، من خلال جميع وسائل الاتصالات المرئية والمسموعة والإلكترونية، دون تعرض من يمارس حقه الدستورى فيها لملاحقة أو عقاب، واستبعاد جميع رموز النظام، التي أساءت لشعب مصر، ولسمعته العالمية، من جميع المواقع الحكومية والحزبية، حرصا على استرداد ثقة المصريين جميعا فى أنفسهم، وفى مؤسساتهم الدستورية". وحاصر آلاف المتظاهرين، صباح أمس الجمعة، مبنى الإذاعة والتلفزيون، ومنعوا العاملين من الوصول إلى المبني والدخول أو الخروج، بعد أن تمكنوا من اجتياز الأسلاك الشائكة والحواجز، التي وضعها الجيش.=