قرر أعضاء لجنة تحكيم جائزة "الأركانة" العالمية، التي يمنحها بيت الشعر في المغرب، خلال اجتماعهم الأخير، بالرباط، منح جائزة "الأركانة" لهذه السنة، للشاعر والكاتب المغربي الطاهر بن جلون. الطاهر بن جلون (خاص) وجاء في تقرير لجنة تحكيم الجائزة، التي تشكلت هذه السنة من الشاعر محمد السرغيني، رئيسا، ومحمد العربي المساري، وعبد المجيد بن جلون، وحسن نجمي، وعبد الرحمن طنكول، ومحمد بناني، ونجيب خداري، وخالد بلقاسم، أعضاء، أن استحقاق التتويج بجائزة الأركانة العالمية "لا يكرس الطاهر بن جلون شاعرا مغربيا منصتا لحوار العالَمِ وحسب، بل يكشف، أيضا، تعدد الألسن واللغات في خريطة الشعر المغربي المعاصر، وحيوية هذا التعدد في إغناءِ الشعرية المغربية". وأضاف التقرير، الذي توصلت "المغربية" بنسخة منه، "بالشعر بدأ الطاهر بن جلون الكتابة، قبل أن تقوده إلى السرد، لكن من غير أن يتنكر لفتنة البداية الشعرية ووعودِها. هكذا أتاحت له الكتابة، على مدى قرابة نصف قرن، إقامة خصيبة بين شكلين إبداعيين، عرف الطاهر بن جلون كيف يدير حوارا سِريا بينهما بما يقوي وشائجهما، في ممارستِه النصية، ويجعل كلا منهما يتغذى من الآخر". ارتبطت كتابة الشعر عند الطاهر بن جلون، منذ إصداره "الذاكرة المستقبلية، أنطولوجيا الشعر المغربي الجديد" عن دار ماسبيرو سنة 1976، الذي قدم فيه، للمرة الأولى، شعراء مغاربة باللغتين الفرنسية والعربية، ودواوينه الشعرية، التي بدأها من "رجال تحت كفن الصمت"، وأنهاها بمجموعته الأخيرة "جِنِين وقصائد أخرى"، بألمِ الإنسان وبالدفاع عن قيم الحرية والكرامة، وهو الارتباط الذي تشعب في ما بعد، منصِتا لهذا الألمِ لا في بعده الوطني وحسب، وإنما، أيضا، في بعده الكوني. ورغم توقفه عن كتابة الشعر بعد عام 1980، وتفرغه للسرد، مازالت روحه الشعرية حاضرة في كل رواياته، التي حققت له شهرة عالمية، إذ سبق له أن فاز بالعديد من الجوائز الدولية، وأشهرها جائزة "جنكور" الفرنسية، التي حصل عليها عام 1987 عن روايته "ليلة القدر"، كما ألف العديد من الأعمال الأدبية المعروفة، منها "يوم صامت في طنجة"، و"حرودة "، و"طفل الرمل"، و"ليلة الغلطة"، و"صلاة الغائب". ولعل آخر ما كتبه الطاهر بن جلون، الذي ولد بفاس في 1 دجنبر 1944، ويقيم حاليا في فرنسا، قصيدة بعنوان "نثار الرماد"، نشرت بعد حرب الخليج، وتحديدا سنة 1991، في الملحق الأدبي لصحيفة "لوموند" الفرنسية، وجاء فيها: جسد، وقد كان جسدا، لم يعد يتسكع على حواف دجلةَ والفرات. لملمته مِجرفة لا تشعر بأي ألم وأدخل في كيس طيّع للزبالة أسود هذا الجسد، الذي كان نَفَسا، واسما ووجها يعود إلى باطن الأرض الرملية، مدمرا وقد غاب".