استمعت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف في الدارالبيضاء، مساء أول أمس الثلاثاء، إلى المتهمين في ملف "شبكة التهجير السري"، التي بلغ عدد عناصرها 55 شخصا، يوجدون رهن الاعتقال الاحتياطي بالمركب السجني عكاشة، في الدارالبيضاء. وبدأت المحكمة بالاستماع إلى المتهم الرئيسي محمد أوشن، الملقب ب"الدويبة"، قبل مواصلة الاستماع إلى باقي المتهمين خلال جلسة اليوم الخميس. ووقف المتهم الرئيسي أمام هيئة الحكم ليقلب الملف رأسا على عقب، إذ نفى جميع التهم المنسوبة إليه، وبرأ باقي المتهمين من المنسوب إليهم. وذكر أنه يعمل مسيرا لشركة أجزاء السيارات، في مدينة ورزازات، وأن اعتقاله جاء بناء على رسالة مجهولة، توصلت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، واعتبر نفسه "ضحية للحرب، القائمة بين الأجهزة الأمنية". ونفى أوشن أمام هيئة المحكمة وجود أي علاقة تربطه برجال الأمن المعتقلين في الشبكة، وأنكر معرفته بكل من (ب.م)، ضابط شرطة بالمديرية الجهوية بطنجة، بإدارة مراقبة التراب الوطني، و(م.ع)، ضابط شرطة ممتاز بالمديرية الجهوية بطنجة، بإدارة مراقبة التراب الوطني، كما سئل عن المتهم (م.ح)، فأكد أنه تربطه به "علاقة مسير شركة مع زبون، لا أقل ولا أكثر". وسرد أوشن على هيئة المحكمة وقائع اعتقاله، موضحا أنه استدعي من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي استمعت إليه وأطلقت سراحه، وبعد مرور حوالي خمسة أيام، "اختطف من طرف مجهولين، واقتيد إلى معتقل تمارة السري، الذي مكث فيه زهاء 11 يوما، ومورس عليه داخله مختلف أنواع التعذيب، وهو مكبل اليدين، ومعصوب العينين، ومجرد من ملابسه". وأضاف أنه أجبر على التوقيع تحت التعذيب. ويذكر أن المتهم أثار أثناء التحقيق، أسماء حوالي 19 رجل أمن، وأكد معرفته بهم، فجرى اعتقالهم، لكن خلال التحقيق معهم، أطلق سراحهم، إذ تبين للمحققين إما وجود عداوات بينهم وبين المتهم، أو أن للمتهم مصلحة في اعتقالهم، بينما احتفظ المحققون بآخرين رهن الاعتقال لثبوت تورطهم في الشبكة. وأوضح زعيم الشبكة المفترض أنه عومل معاملة حسنة من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي ترجم أفرادها المحاضر التي كانت مكتوبة باللغة الفرنسية، وقرأوا عليه مضامينها، ووقع عن طيب خاطر، وأضاف أن الاستماع إليه كان بحضور أحد المراقبين العامين بإدارة مراقبة التراب الوطني، إضافة إلى عميد إقليمي بالإدارة نفسها، وذكر أسماءهم، ما أثار جدلا وسط هيئة المحكمة، ودفع الوكيل العام إلى سؤاله كيف تعرف على هؤلاء الأشخاص، وعلى أسمائهم خصوصا أنه كان معصوب العينين، فقال المتهم إنه تعرف عليهم بطرقه الخاصة. واعترف أن له سوابق قضائية، إذ سبق أن اعتقل سنة 2003 بسبب التهجير السري، وأضاف أنه، منذ خروجه من السجن سنة 2005، أسس شركة لبيع أجزاء السيارات. ونفى باقي المتابعين، أمام هيئة المحكمة، ما نسب إليهم جملة وتفصيلا، وأنكروا ما ورد في محاضر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وأثناء البحث التمهيدي، وعند قاضي التحقيق، رغم اعترافاتهم السابقة أمام هذه الأجهزة. وشهدت الجلسة، التي انطلقت في الرابعة والنصف زوالا، حضورا أمنيا مكثفا، وحضور عدد كبير من أفراد أسر المتهمين، المتابعين في إطار ما يعرف بشبكة التهجير السري. وسبق لعناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أن حققت مع 29 رجل أمن، برتب مختلفة، بينهم عميد شرطة، كان يعمل رئيس مصلحة بميناء طنجة، وشرطيتان، وضابط يعمل بولاية أمن أنفا بالدارالبيضاء. وقال مصدر أمني إن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تلقت تعليمات من مسؤولين أمنيين بالإدارة العامة للأمن الوطني لفتح تحقيقات مباشرة مع كل رجال الأمن، الذين ذكرت أسماؤهم أثناء التحقيقات التمهيدية. يشار إلى أن ما يعرف بشبكة التهجير غير الشرعي، التي يتهم فيها 29 رجل أمن برتب مختلفة، بينهم عميد شرطة، ومفتشو شرطة، عجلت بتعيين أفراد يعملون بمديرية الدراسات وحفظ المستندات (لادجيد) في مطار محمد الخامس الدولي، لإنجاز تقارير مفصلة حول الأجهزة الأمنية العاملة بالمطار، ونقط أخرى للعبور.