رغم خروجه ضعيفًا من انتخابات منتصف الولاية بسبب أداء مرشحي الحزب الجمهوري، إلا أنّ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يبدو مصمّمًا على العودة إلى الساحة السياسية، مع ترقّب إعلانه الثلاثاء ترشّحه للانتخابات الرئاسية عام 2024. دعا الملياردير الجمهوري الصحافة إلى مقرّه إقامته الفخم في مارالاغو في ولاية فلوريدا الثلاثاء عند الساعة التاسعة مساءً (2,00 ت غ الأربعاء) للإدلاء ب"إعلان كبير"، لم يعد مضمونه يثير التشويق. وقال جيسون ميلر، أحد مستشاريه، السبت إنّ "الرئيس ترامب سيُعلن الثلاثاء أنّه مرشّح للانتخابات الرئاسيّة. وسيكون إعلانًا احترافيًا جدًا ومتقنًا جدًا". ويُلمح ترامب منذ أشهر إلى فكرة الترشح للرئاسة، إلا أنه يمكن أن يغيّر موعد إعلانه في اللحظة الأخيرة، إذ يُعرف بشخصيّته التي لا يمكن التنبؤ بها. لكنّ احتمال تراجعه يبدو صعبًا إذ إنه رفع سقف التوقعات كثيرًا. وسبق أن قال قطب العقارات العاشق لصيغ التفضيل، في رسالة إلى أنصاره أن هذا الخطاب "سيكون على الأرجح الأهمّ في تاريخ الولاياتالمتحدة". وصل ترامب إلى البيت الأبيض عام 2016، ما شكّل أكبر مفاجأة سياسية حديثة، وقد استهزأ بكافة الأعراف خلال عهده الرئاسي قبل أن يغادر واشنطن وسط فوضى عارمة لا يمكن تصوّرها إثر خسارته أمام الديموقراطي جو بايدن، وهو ما لم يعترف به أبدًا. وترشّحه هذه المرة سيكون الثالث للوصول إلى البيت الأبيض. وسرت شائعات في الأسابيع الأخيرة حول إعلان وشيك، إذ كان الرجل السبعيني مصمّمًا على استغلال الفوز المتوقع للجمهوريين في انتخابات منتصف الولاية في الثامن من نونبر، لاستعادة السلطة. لكن "الموجة العملاقة" التي توقعها المحافظون بثقة كبيرة لم تتحقق. وتأكد حزب الرئيس بايدن في نهاية الأسبوع الماضي أنه لا يزال يسيطر على مجلس الشيوخ. ولا يزال الجمهوريون يأملون في انتزاع السيطرة على مجلس النواب من الديموقراطيين، لكنهم اضطروا إلى خفض طموحاتهم بشكل كبير، بعدما كانوا يتطلّعون إلى الفوز بأغلبية مريحة بأكثر من 60 مقعدًا. ووضع أداء المعسكر الجمهوري وخصوصًا المرشحين المدعومين من ترامب، سمعته ك"صانع الملوك" على المحكّ. ودعت أصوات مؤثّرة في المعسكر المحافظ فورًا إلى تغيير وجوه الحزب الجمهوري، ما ألقى ظلالًا على مشاريعه الرئاسية. وقال حاكم ولاية ماريلاند لاري هوغان عبر شبكة "سي إن إن"، "هذه الانتخابات الثالثة تواليًا التي يخسّرنا إياها دونالد ترامب". وكتب ترامب على شبكته للتواصل الاجتماعي، "الانتخابات مزوّرة" مضيفًا "يجب تنظيم انتخابات جديدة فورًا"، مكرّرًا سيناريو بات معروفًا ولا يزال يصدّقه الملايين من مناصريه. إذ إن قطب العقارات يحتفظ بشعبية لا يمكن إنكارها، تبدو واضحةً في مدّ القبعات الحمراء الذي يتشكّل في تجمّعاته الانتخابية. وتُظهر استطلاعات الرأي حتى الآن أنه سيفوز في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري. ويُنظر إلى إعلان الثلاثاء على أنه استباق لمنافسيه الجمهوريين المحتملين، ولاسيما حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، النجم الصاعد لليمين المتطرّف، الذي بدأ جزء من الحزب المحافظ يلتفت نحوه. وهناك عقبة أخرى قد تعقّد وصول ترامب إلى البيت الأبيض هي الملفات القضائية ضده التي قد تؤدي إلى جعله في نهاية المطاف، غير مؤهل للترشح. والرئيس السابق مستهدف بتحقيقات عدة لدوره في الهجوم على مقرّ الكونغرس في السادس من يناير 2021 وإدارته لأرشيف البيت الأبيض. لكنّ ترامب الذي أُعلن سقوطه مرات عديدة، نجا حتى الآن من كلّ الفضائح، وكأنّ كثرتها لم تعد تؤثر فيه. وقد تكون انتخابات 2024 تكرارًا لتلك التي أُجريت عام 2020، إذ إن الرئيس الحالي الديموقراطي جو بايدن أعلن الأربعاء "نيّته" الترشح لولاية ثانية. إلا أنه حرص على إرجاء اتخاذ القرار النهائي إلى مطلع العام المقبل، إذ إن احتمال ترشّحه لا يرضي جميع الديموقراطيين بسبب كبر سنّه (قرابة 80 عامًا) وتراجع شعبيّته.