كشف الحوار الذي فتحته النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، مع الفاعلين في الورش التنظيمي الوطني، الذي تشتغل عليه، عن أهمية هذه الخطوة النضالية، في توسيع دائرة الاهتمام بما تطرحه، سواء في المجال النقابي، أو جملة الأوراق التي تقترحها لهذا الحوار، كتلك التي تهم القانون الأساسي، أو برامج العمل التي توجه نشاطها في أفق الرفع والارتقاء بمضمون البديل النقابي، الذي تقترحه بوعي الفاعلين في المهن الإعلامية بما يجب أن يقوموا به دفاعا عن مصالحهم المادية والمعنوية، وبما يجعل منتوجهم الإعلامي في مستوى انتظارات المجتمع والوطن، وماهية الأوراش التي يجب أن ينصرف إليها اهتمام عموم الإعلاميين في هياكل نقابتهم المتفاعلة مع محيطها الاقتصادي والاجتماعي، والمتجاوزة للممارسة النقابية البيروقراطية، التي تحد من حرية المنخرطين فيها، سواء في التنظير أو التفعيل،التي تجعل وتحصر الانتماء في الولاء النفعي والانتهازي، وتقلص من فرص الاجتهاد والإبداع، والاختلاق المنتج والدينامي لصالح السلوكيات والعلاقات المنحرفة، التي تساعد على التوسع التنظيمي، والإشعاع النضالي، التي تحرص النماذج النقابية في مشهدنا الوطني على الالتزام بها واستمرار حضورها، وهذا ما ترفضه النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، التي تعارض استنساخ هذه النماذج المتخلفة والمنحرفة والمضللة، كقوة منتجة في الهرم المجتمعي تتطلع إلى العيش الكريم، وتحصين كافة حقوقها كباقي الشرائح الاجتماعية المأجورة في أطار خصوصية واقعهم المهني، الذي تتحكم فيه قوانين تتجاوز ما يربط العامل برب العمل في المقاولة الصناعية أو التجارية أو الزراعية، والتي تقتضي أن يكون تنظيمهم النقابي فيها مغايرا وديمقراطيا وفاعلا، وتتيح للمنخرطين ما ليس بإمكان العمال في القطاعات الأخرى، سواء في امتلاك الوعي النقابي أو السياسي أو الثقافي، الذي يؤهلهم لممارسة مهنهم الإعلامية من جهة، والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم من جهة أخرى، وهذا ما حرصت النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة على استحضاره في قانونها الأساسي، وبرنامجها النقابي المرحلي، الذي يوجهها في المشهد السياسي والنقابي الوطني، انسجاما مع البرنامج الذي تقترحه في المشهد الوطني من أجل تطويره وتحديثه وتحريره، حتى يكون معبرا عن موقعه المؤسساتي كسلطة دستورية حقيقية، قادرة على أداء مهامها الوظيفية الإخبارية والنقدية والتنويرية. إنها النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، التي تريد أن يكون الإعلام في بلادنا، مواطنا .. مهنيا .. ديمقراطيا ومستقلا، من خلال هياكل تنظيمية مرنة، منتجة وفاعلة، سواء على المستوى الوطني أو الجهوي أو المحلي، تسمح للمنخرط فيها بالحق في الرأي والنقد والاختلاف، بعيدا عن نماذج العمل النقابي التي لم تقدم جديدا، بقدر ما كرست الدونية والخضوع والعتم، ولعل الحوار المفتوح يسمح بإغناء هذا المجال، ويتيح إمكانية ترجمة الأهداف التي رسمتها النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، على المستوى المرحلي أو على المدى البعيد، انسجاما مع المبادئ التي توجه هذه الأهداف المتعلقة بالجانب الحقوقي أو المهني، أو المرتبطة بتفاعل النقابة مع محيطها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي، أو التي تهم دورها المدني في الدفاع عن ما يربطها بالمجتمع، سواء في الإخبار أو المساءلة أو التنوير، وفق طبيعتها المدنية الديمقراطية المواطنة. من الخلاصات في هذا الحوار أيضا، تلمس المحاورين لطبيعة هذه النقابة كفضاء مفتوح، متنور ومتطور، سواء في تمكين الإعلاميين من استمرار تكوينهم، وتحسين ممارستهم إنتاجا وتسويقا، على ضوء التحولات المتجددة وطنيا وعالميا، فيما يمكن الفاعلين من رفع مستوى أدائهم المهني. ومن المفارقات في الحوار كذلك، الوقوف عند تصور النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة لأخلاقيات المهنة، والشروط السيوسواقتصادية، والسياسية الملائمة لها، التي تحدد طبيعة حقوق الفاعلين، والواجبات المفروضة عليهم، ضمن طبيعة المشهد الوطني، في كل جوانبه، السياسية .. القانونية .. الاجتماعي والثقافية، وما هي القنوات المعنية بالحسم في التجاوزات والخلافات، التي يعيشها الفاعلون في الممارسة اليومية، حسب الأهداف التي تصون الحقوق، وتشرعن وجودها، وطبيعة الجهة المجتمعية الدستورية، التي تعنى بالحسم في كل القضايا، التي تطرحها الممارسة الإعلامية، وانسجاما مع طبيعة الموقع الثقافي المدني والديمقراطي، الذي لا يساوم على مصالح وحقوق الفاعلين في كل المهن الإعلامية. وقد سمح الحوار أيضا، بتعرية نموذج العمل النقابي، الذي تسعى النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، إلى تكريسه في المشهد الإعلامي المتخلف في طبيعته عن باقي أنماط العمل النقابي في القطاعات الإنتاجية والخدماتية الأخرى، حين لاحظ المحاورون صحة قواعد العمل النقابي، التي تنادي بها النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، سواء داخل أجهزتها أو في المقاولات الإعلامية، وفق المنظور الذي يؤسس للفعالية والالتزام في ممارسة المهام لصالح المحسوبين على النقابة، أو خارجها، والذي لا يقبل بالانتهازية في ممارسة المسؤولية النقابية. طبعا الحوار لا يزال مفتوحا في كل الاتجاهات، وحول كل جوانب النموذج النقابي، الذي تشتغل عليه النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، في أفق أن تكون فعلا البديل، القادر على الاستجابة لتطلعات الإعلاميين على جميع المستويات، على غرار ما يتمتع به الإعلاميون في التجارب الناضجة خارج الوطن، ومجرد تكريس الحوار في تجربة النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، سيسمح بالقول والفعل المؤدي إلى دينامكية العمل النقابي من جهة، وإلى تحقيق الأهداف المتوخاة منه، إن على الصعيد الفردي، أو الجماعي من جهة ثانية، هذه الدينامكية الجدلية التي تؤدي إلى التراكم والتطور، الذي لا اعتراف به في نماذج العمل النقابي المتداول، سواء في قطاع الإعلام أو في غيره، الذي لم يتحرر بعد من الأمراض التي تعوق تقدمه وتطوره، وتوسع قواعده وإشعاعه المجتمعي. ما ينبغي الوقوف عنده حول هذه الحوارات عن النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، هو أن هذه الأخيرة، لازالت تمثل مشروع البديل النقابي، الذي يتطلع إليه عموم الفاعلين، في كل المهن الإعلامية، لما سمحت به مضامين الأوراق التي قدمتها لإغناء النقاش، حول الهم النقابي، وحول إشكاليات الواقع الإعلامي، والبرامج والمشاريع، التي تقترحها، للنهوض بالواقع المادي والمعنوي للفاعلين في الإعلام، وهذه هي وجهة النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة الأساسية، التي تتبناها، وتريد أن يساهم فيها كل أعضائها وأنصارها، في أفق تحقيق الأهداف التي تناضل من أجلها. النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لن تغلق الأبواب، حول هذه الحوارات، التي لاشك أنها ستساهم في إغناء الوعي الفردي والجماعي لدى المحسوبين عليها، ومن المؤكد، أن هناك قناعة واضحة لدى الجميع في السير على هذا النهج التحاوري التشاركي، حتى تظل النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، حية في سلوكياتها ومواقفها، مهما كانت طبيعة هذه الحوارات من حيث الحدة والقوة والنضج. الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة