شهدت قضية تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسة الاميركية تطورا لافتا الجمعة مع توجيه القضاء الى مايكل فلين مستشار الامن القومي السابق للرئيس دونالد ترامب تهمة الكذب على محققي مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي)، واقراره بالذنب في هذه المسالة. والتحقيق الواسع النطاق الذي يجريه المدعي العام روبرت مولر حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية عام 2016 والروابط المحتملة بين مقربين من ترامب وموسكو، يلقي بثقله منذ عدة اشهر على البيت الابيض. ومثل فلين مدير الاستخبارات العسكرية السابق بعد ظهر الجمعة امام قاض في واشنطن حيث اقر بالذنب بتهمة الكذب على المحققين. وقال القاضي رودولف كونتريراس "اقبل اقرارك بالذنب" مضيفا "لن يكون هناك محاكمة". واقر فلين بان تصرفاته كانت "خاطئة" مؤكدا انه وافق على التعاون مع القضاء. وكتب في بيان "اقر بان الافعال التي اعترفت بها اليوم امام المحكمة تشكل خطأ فادحا" مضيفا ان "اعترافي بالذنب والموافقة على التعاون مع مكتب المدعي الخاص يعكسان قرارا اتخذته بما فيه افضل مصلحة لعائلتي وبلادنا". واضاف "اتحمل المسؤولية الكاملة عن تصرفاتي". وفي نيويورك سجلت وول ستريت خسائر كبرى الجمعة مع هذا الاعلان. وتراجع مؤشر داو جونز باكثر من 1% عند منتصف النهار. وهذا الجنرال السابق الذي اعتمد خطابا حادا خلال الحملة الانتخابية حيث دعا الى "سجن" المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، دفع الى الاستقالة بعد اقل من شهر على تعيينه في منصبه. والاسئلة المطروحة حاليا في أروقة العاصمة الفدرالية هي التالية: ما هي المعلومات التي تعهد هذا الجنرال السابق بنقلها الى المحققين؟ والى اي حد سيذهب في محاولته الافلات من السجن؟ وهل سيتهم مباشرة مقربين من ترامب او حتى الرئيس نفسه؟ ووجهت الى الجنرال فلين الخميس تهمة الكذب حول مضمون اتصالاته مع سيرغي كيسلياك السفير الروسي في واشنطن في عهد الرئيس السابق باراك اوباما وخصوصا حول موضوع العقوبات التي فرضتها الولاياتالمتحدة على روسيا. وأكد المحققون في فريق مولر في نص الاتهام الواقع في صفحتين "في 24 يناير 2017 اقدم المتهم مايكل فلين بكامل ارادته على اصدار تصريحات وبيانات خاطئة ومزورة ووهمية". رد البيت الابيض على اتهام مايكل فلين واقراره بالذنب بان هذا الامر لا يورط اي شخص آخر غيره مقللا من اهمية دوره في الادارة الحالية. وقال محامي البيت الابيض تي كوب اثر التطورات المتسارعة في قضية التدخل الروسي "لا شيء في الاقرار بالذنب او التهم الموجهة يورط اي شخص آخر غير فلين". وبدا انه يريد التقليل من دور فلين من خلال التاكيد انه كان مستشارا لمدة 25 يوما فقط ووصفه بانه من "ادارة اوباما السابقة" في حين انه كان احد اوائل الذين دعموا ترشيح ترامب. والقت هذه القضية بثقلها على نهار كان يعتبر انه يشكل انتصارا للرئيس ترامب مع التصويت المرجح لمجلس الشيوخ على مشروعه الاصلاح الضريبي الكبير. وينفي الرئيس الاميركي دائما وجود اي "تواطوء" مع روسيا في الحملة الانتخابية ويندد بحملة ضده دبرها هؤلاء الذين يرفضون قبول فوزه بالرئاسة. ويحاول الرئيس الاميركي بدعم من عدة نواب جمهوريين وبعض اوساط المحافظين تحويل القضية من منحاها القضائي الى السياسي. وحاول لكن بدون جدوى حتى الان التصويب على الديمقراطيين وكلينتون. والجنرال فلين هو رابع شخص من الاوساط المقربة من الرئيس الاميركي، الذي يتهمه المدعي العام روبرت مولر بعد بول مانافورت المدير السابق لحملة ترامب. وكان الجنرال السابق مستشارا للرئيس ترامب وليس في الادارة الاميركية حين حصلت الوقائع التي يتهم بها. واصبح لاحقا ولبضعة اسابيع فقط مستشار الامن القومي للرئيس. وسبق ان اتهم مولر في نهاية اكتوبر اثنين من اعضاء فريق حملة ترامب هما مانافورت وريتشارد غيتس. اما الثالث جورج بابادوبولوس فقد اقر بذنبه بانه كذب على محققي مكتب التحقيقات الفدرالي ووافق على التعاون مع المحققين. وفلين المعروف بتسامحه مع روسيا ونهجه المتشدد ازاء التطرف الاسلامي، يعتبر شخصية اساسية في هذا التحقيق.